الثلاثاء 02/يوليو/2024

أوروبا والانتصار جزئياً لفلسطين

د. فايز رشيد

أن يفرض الاتحاد الأوروبي وضع ملصق المنشأ على المنتجات الواردة من المستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك لتمييزها عن تلك الآتية من الكيان..هو خطوة إيجابية. لكنها ليست كل ما هو مطلوب من دول. كان لها الدور الرئيس في زرع الكيان في منطقتنا العربية إضافة إلى احتلال فلسطين واقتلاع أهلها من أراضيهم ووطنهم وتشريد أربعة أخماسهم حتى اللحظة على مدى يقارب السبعين عاماً. الإجراء أثار جنون قادة الكيان، الذين حذّروا من عواقبه المحتملة على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، بينما رحّب به شعبنا. داعين إلى استكماله بقرار لمقاطعة لكل البضائع الإسرائيلية.

ورغم أن الخطوة الأوروبية جاءت متأخرة، لا بل ناقصة في عدم مقاطعتها لكل المنتجات، إلا أنها تشكل دفعاً معنوياً لحركات المقاطعة الدولية، التي اكتسبت خلال السنوات الماضية زخماً كبيرا وأحرزت نجاحات لا بأس به، ونجحت في تكريس الوعي بعدالة القضية الفلسطينية. والإجرام الصهيوني بحق شعبنا لدى قطاعات واسعة من الرأي العام الغربي عموماً، والأوروبي خاصة.

وبموجب القرار الصادر طلبت المفوضية الأوروبية من الدول الثماني والعشرين في الاتحاد الأوروبي البدء بوضع ملصقات لتمييز المنتجات المستوردة من المستوطنات الصهيونية. في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، حسبما ورد في البيان الرسمي. وتم تبنّي القرار، الذي أرجئ مرات عدة بفعل المعارضة الشديدة للكيان. لقد استغرق وضع الإرشادات من المفوضية الأوروبية فيما يتعلق بقرار مقاطعة منتوجات المستوطنات ثلاث سنوات، وهي تعني أنه سيكون على المصّدرين الصهاينة للأسواق الأوروبية. وضع ملصقات واضحة على السلع الزراعية ومستحضرات التجميل الآتية من المستوطنات. ورغم أن الاتحاد الأوروبي لم يحدد صيغة رسمية، إلا أن البضائع يجب أن تحمل كلمة “مستوطنات” في الملصق لدى طرحها للبيع في المتاجر الأوروبية. وإذا امتنع المزارع الصهيوني الغريب والمهاجر أصلاً عن فعل ذلك، فسيكون بإمكان شركة البيع ذاتها أن تقوم به، لأن المفوضية الأوروبية لديها معلومات كافية عن مصدر السلع.

وأكدت المفوضية الأوروبية أن تبنّي هذا التدبير رسميا. ليس قانوناً جديداً ووضع “إشارة توضيحية لمنشأ المنتجات”، يأتي تطبيقاً للقانون المتعلق بحماية المستهلك والالتزام بالإشارة إلى بلد المنشأ على منتج معين. ومنذ العام 2012 طلب عدد من الدول الأعضاء توضيحات من المفوضية حول الموضوع، وكذلك البرلمان الأوروبي ومؤسسات مدنية.

ويقول الاتحاد الأوروبي إنه يتبع القانون الدولي في هذا المجال ويعترف بـ “حدود” “إسرائيل” كما كانت قبل حرب يونيو يونيو العام 1967. ويعتبر بالتالي أن هضبة الجولان وقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية التي ضمها الكيان، ليست جزءاً من الأراضي الإسرائيلية (التي هي في حقيقتها أراض فلسطينية مغتصبة).

وبحسب التشريع الساري المفعول فإن الإشارة إلى منتج منشأه المستوطنات الواقعة في الأراضي المحتلة على أنه صنع في “إسرائيل” تعتبر “مغلوطة وخادعة”، كما ورد في المذكرة التي صدرت في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الغالبية العظمى من الصادرات الصناعية للمستوطنات من مكونات أو قطع منفصلة يتم دمجها في منتجات أخرى، مما يجعل تتبعها صعباً. وفي القطاع الزراعي، تصّدر المستوطنات التمور والفاكهة والخضار ونبيذ الجولان.

كما أن مستحضرات التجميل الآتية من البحر الميت تحتل أهمية كبيرة. لقد أعربت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة “إسرائيل” في بيان صدر عنها ارتياحها للقرار الأوروبي، معتبرة أنه يدل على أن الحكومات الأوروبية أصبحت أكثر ميلاً للقيام ببعض الخطوات ضد انتهاكات “إسرائيل” للقانون الدولي.

بدوره. علّق المجرم نتنياهو على القرار قائلا: إن قرار الاتحاد الأوروبي هو عبارة عن نفاق وسياسة الكيل بمكيالين لأنه يشمل فقط “إسرائيل” وليس 200 نزاع آخر يدور في العالم”.

وأضاف الصهيوني البشع. محاولا التقليل من نتائج القرار: “الاقتصاد الإسرائيلي متين وقادر على التغلب على هذه الخطوة، ولكن الطرف الذي سيتضرر منها سيكون الفلسطينيين”. معتبراً أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يخجل من نفسه. واستدعت “إسرائيل” على الفور ممثل الاتحاد الأوروبي لديها. واتهمت وزارة خارجية الكيان. الاتحاد الأوروبي بأنه تسبب عبر هذا “الإجراء التمييزي” الذي اتخذه “لأسباب سياسية”، بمزيد من التعقيد في عملية التسوية مع الفلسطينيين.

وعبّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية عمانوئيل نحشون، في بيان، عن استيائه إزاء سياسة “الكيل بمكيالين”. التي اتهم الاتحاد الأوروبي بممارستها. جملة القول: إن قرار الاتحاد الأوروبي هو خطوة في الاتجاه الصحيح. لكنه يظل جزءاً مما يُفترض أن يتخذه الاتحاد الأوروبي من خطوات. في سبيل مسح بعض آثار كارثة. تسبب هو بها من الأصل بحق الشعب الفلسطيني.

المصدر: صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات