الأربعاء 07/مايو/2025

عبد الستار قاسم.. سجال الفكر أمام القمع والاعتداء

عبد الستار قاسم.. سجال الفكر أمام القمع والاعتداء

لم يكن اعتقال أجهزة أمن السلطة للكاتب والمحاضر الجامعي البروفيسور عبد الستار قاسم يوم أمس الثلاثاء، سوى حلقة ضمن سلسلة طويلة من الاعتداءات والمضايقات التي تعرض لها بسبب مواقفه وتصريحاته التي ينتقد فيها سياسات السلطة ويتصدى لمختلف مظاهر الفساد فيها.

وعلى مدى عشرين عامًا من عمر السلطة، تعرض قاسم لكم كبير من الاعتداءات، تارة بالاعتقال السياسي والتهديد والحملات الإعلامية، وتارة أخرى بمحاولات الاغتيال والتصفية الجسدية واستهداف ممتلكاته، وفي كل مرة كانت تقيد هذه الاعتداءات ضد مجهولين.

بدأ مسلسل اعتداءات الأجهزة الأمنية على الدكتور قاسم مبكرًا مع استلام السلطة مهمة الحكم الذاتي لمدن الضفة الغربية عام 1995 تطبيقًا لاتفاقيات أوسلو التي عارضها قاسم بشدة.

فقد تعرض لمحاولة اغتيال على أيدي رجال المخابرات عام 1995 وأصيب بأربع رصاصات، واعتقلته السلطة عام 1996 لأسباب يجهلها، واعتقل في عام 1999 على خلفية بيان العشرين الذي ينتقد الفساد في السلطة، واعتقل كذلك في عام 2000؛ حيث تعرض لتعذيب شديد خلاله.

وقام عناصر من الأمن الوقائي بمحافظة طولكرم بإحراق سيارته عام 2005، كما تم إحراق سيارته مرة أخرى عام 2009.

واعتقله جهاز الأمن الوقائي عام 2009 ووجه له قضية تشهير بعد تصريحات أدلى بها عبر بعض القنوات الفضائية.

كما اعتقل عام 2011 بعد ساعات من صدور بيان لعدة أطر فتحاوية تطالب بملاحقته؛ حيث أصدرت النيابة العامة في نابلس قرارًا باحتجازه ليومين بناء على شكوى تقدم بها رئيس جامعة النجاح آنذاك رامي الحمد الله، وذلك على خلفية كتابته مقالاً بعنوان “بين إدارة النجاح والقضاء الفلسطيني”.

وفي عام 2014 أطلق عليه مسلحون النار قرب منزله بنابلس بهدف اغتياله وتصفيته، ونجا من الحادث بأعجوبة نتيجة عطب أصاب مسدس المهاجم، وقبلها بأسبوع هاجمه أحد أفراد الأجهزة الأمنية وسط مدينة نابلس أثناء توجهه لإجراء مقابلة تلفزيونية.

وتحدث قاسم مرارًا عن تعرضه للتهديد عبر اتصالات هاتفية من قبل مجهولين، على خلفية كتاباته وتصريحاته المعارضة لنهج السلطة.
 
في دائرة الاستهداف

الحملة الأخيرة ضد الدكتور قاسم، والتي انتهت باعتقاله، بدأت يوم الجمعة (29-1) عندما شن التلفزيون الرسمي للسلطة حملة إعلامية شعواء ضده، ما لبثت أن تساوقت معها الماكينة الإعلامية لحركة فتح، وانخرط فيها كتّاب وسياسيون يدينون بالولاء للحركة.

وجاءت هذه الحملة بعد أن أدلى قاسم عبر قناة القدس الفضائية، بتصريحات دعا فيها لتطبيق القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية والقانون الثوري لمنظمة التحرير، والذي ينص على أن مدة ولاية الرئيس هي أربع سنوات، كما دعا لتطبيق القانون الثوري لمنظمة التحرير لعام 1979 والذي يجرّم تقديم أي مساعدة للاحتلال. 

قوبلت هذه التصريحات بحملة إعلامية تزعم قيامه بإثارة للفتنة والتحريض على قتل رئيس السلطة وقادة وأفراد الأجهزة الأمنية، الأمر الذي نفاه قاسم في بيان أصدره لاحقًا، مفندًا ادعاءات تلفزيون فلسطين، ومؤكدا أنه “كذب وعار عن الصحة تمامًا”.

وقال قاسم في سياق شرحه لموقفه: “في العديد من لقاءاتي مع وسائل الإعلام أدعو دائمًا إلى تطبيق القوانين، وعلى رأسها القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، والقانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية.. هل نحن نضع القوانين لتجاوزها أم لنطبقها؟”.

وأضاف: “لم يرد على لساني أبدًا الدعوة لقتل أحد، ولن يرد، وأنا لا أؤمن باستعمال السلاح في الأجواء الداخلية، أو في الخلافات السياسية.. الحكم على أحد بالتصفية شأن القضاء الثوري للمنظمة والقضاء الفلسطيني، وليس من شأني أنا”.
 
قامة علمية ووطنية

الدكتور عبد الستار توفيق قاسم الخضر، من مواليد عام 1948 في بلدة دير الغصون قضاء طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، وأب لأربعة أبناء، يعد قامة علمية ووطنية كبيرة؛ حيث يحفل سجله بالعديد من المحطات المضيئة على صعيدي البحث العلمي ومقاومة الاحتلال.

حصل الدكتور قاسم على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ثم درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة ولاية كنساس الأمريكية، ودرجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة ميزوري الأمريكية، ودرجة الدكتوراه في الفلسفة السياسية من جامعة ميزوري عام 1977.

وللدكتور قاسم العديد من الإنجازات العلمية الكتابية، وهو كاتب للعديد من الكتب منها “الفلسفة السياسية التقليدية”، و”سقوط ملك الملوك” (حول الثورة الإيرانية)، و”الشهيد عز الدين القسام”، و”مرتفعات الجولان”، و”التجربة الاعتقالية”، و”أيام في معتقل النقب”، و”حرية الفرد والجماعة في الإسلام”، و”المرأة في الفكر الإسلامي”، و”سيدنا إبراهيم والميثاق مع بني إسرائيل”، و”الطريق إلى الهزيمة”، و”الموجز في القضية الفلسطينية”.

كما أنه كاتب لأكثر من 30 بحثًا منشورة في مجلات متنوعة، بالإضافة إلى المئات من المقالات المنشورة في المجلات والدوريات والصحف المحلية والعربية والدولية، وهو مصنف من إحدى دور النشر العالمية على أنه من أفضل مائة كاتب في العالم، كما أنه حائز على جائزة عبد الحميد شومان للعلماء الشبان العرب لعام 1984.

عمل قاسم في الجامعة الأردنية عام 1978 وأنهيت خدماته بعد سنة ونصف لأسباب سياسية على إثر الاجتياح الصهيوني لجنوب لبنان، وهو يعمل في جامعة النجاح منذ عام 1980.

اعتقلته السلطات الصهيونية عدة مرات، منها أربع فترات إدارية خلال الانتفاضة الأولى، ومنها مدد قصيرة خضع فيها للتحقيق في الزنازين، كما دوهم منزله في نابلس ودير الغصون عدة مرات، ووُضع تحت الإقامة الجبرية، ومُنع من السفر لحوالي 27 عامًا، ووجهت ضده ثلاث تهم تحريض، كما اعتقله الاحتلال لمدة أسبوع خلال فترة معركة “العصف المأكول” صيف عام 2014.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...