شهداء القسام السبعة.. عظماء فوق الأرض أبطال في باطنها

قبل شهرين فقط انهالت التهاني ومشاعر الفخر بزواج الشاب الذي ما إن يتذكره الناس يستحضروا معه كلَّ ما هو جميل من ابتسامته إلى سؤاله عنهم وبرّهم، أما أمس، فمشاعر الفخر ظلت باقية لكن لسبب آخر، هو أن هذا الشاب الذي أحبه الناس ويبلغ من عمره 23 عامًا، ضرب لهم مثلًا في التضحية من أجل تحرير وطنه، وارتقى شهيدًا.
إنها لحظات اختلاط المشاعر: الفخر بالشهادة، والحزن للفراق، والبغض للاحتلال، تجمعت كلها في عيني والد الشاب جعفر حمادة، وهو أحد الشهداء السبعة الذين أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أمس، أنه استشهد، قائلةً: إنه “أثناء عمل مجموعة مكونة من 11 مجاهدًا في ترميم أحد الأنفاق، حدث تصدع وانهيار تدريجي ناتج عن الأحوال الجوية، تمكن على إثره أربعة من المجاهدين من الانسحاب من النفق، فيما اختار الله سبعة من أبطالنا شهداء في معركة الإعداد”.
– “جعفر كان محبوبًا من الجميع، صحيح أنه صغير السن، لكنه قمة في الفعل..”.. يقول والده علاء، في “دردشة” مع صحيفة فلسطين التي أعدت هذا التقرير.

جعفر هو الابنُ البِكْرُ، تعلّم منه أبوه -كما يوضح- “الحب والإخلاص والعطاء والثبات والتضحية وأمورًا طيبة كثيرة.. أنا أبوه، ربيته، لكن هو علَّمني”.
“رسالته في الحياة أن يحب كل الناس بعضهم، والكل يشهد له بأنه لا يُغْضِب أحدًا منه، حتى لو أخطأ أحد في حقه، هو لا ينام إلا حينما يُرضي الجميع”، يتابع الأبُ كلامه.
لن ينسى والده “لحظة دخوله البيت (كم كانت تبعث فيه الفرح) وجلساته الجميلة”، ولن ينسى مواقفه معه، خصوصًا الموقف الأخير الذي أظهر فيه حرصًا كبيرًا على مشاعره؛ “كان عندي صداع ورأسي يؤلمني، زي (مثل) المكشر (العابس)، قال لي: ما بك يا أبي؟ أنت زعلان؟ قلت له: لا، ولكن رأسي يؤلمني، وذهب ليحضر لي الدواء”.
تزوج جعفر قبل شهرين تقريبًا: “ابني متزوج جديد.. عريس”، وكان مثالًا للشاب الناجح في حياته، ورغم ألم الفراق، فعلاء (والد الشهيد) اليوم، في قمة الفخر فـ”الله سبحانه وتعالى رفع شأنهم (الشهداء)”.
ينظر بعينين ملؤهما حنان الأب، قائلًا: “لن أنساه، أُوعى تفكِّر إنه ابني حنساه، ما في حد بينسى ابنه، وهدا ابني البكر كمان..”.
عز الدين قاسم .. وصيته الصلاة
“اللي بيشوفه بيحبه”؛ هذه المرة الكلام عن الشهيد عز الدين قاسم (21 عامًا)؛ أي “سرٍّ” هذا الذي أودعه اللهُ فيه، ليلقي الحب في قلب من رآه!.
يصف والد الشهيد عز الدين، لصحيفة فلسطين، ابنه بأنه “كله خُلُق، متدين، لم يبحث يومًا إلا عن الخير، وعلاقاته ممتازة مع أبيه وأمه وإخوته”.

“بتلاقي اللي بيشوفه بيحبه لأخلاقه، والحمد الله أنه اختار هذا الطريق (المقاومة)، وأن الله اصطفاه، نحن نفتخر بهذا الأمر، والشعب الفلسطيني كله لا بد أن يضحي..”، عمر والد الشهيد يتحدث لصحيفة فلسطين، بكلمات واثقة.
الشهيد عز الدين، كان أعزب، ويعمل في تجارة الملابس، “كان اللي بيشتغله (ما يجمعه من مال) يجيبه لإمه ولأخته.. كان كريمًا”، والكلام لوالده.
ومن صفات الشهيد عز الدين، أنه “كان كاتمًا للأسرار”، وذا أخلاق عالية، “وبشوش الوجه”، يتابع الحديث.
ما آخر موقف يعلق بذاكرتك جمعك بابنك الشهيد؟ يجيب عن هذا السؤال: “آخر موقف قبل ثلاثة أيام، كنا قاعدين قعدة مرتبة (جميلة) في الدار، وهو كان يحكي: يختي ويخويا ديروا بالكوا على الصلاة، وصلوا الفجر أهم اشي، ومن هالكلام الممتاز اللي بيفتح النفس”.
وآخر يومين على وجه التحديد، كان يدقق على الصلاة، ويقول: “أهم اشي الصلاة، صحُّوا أختي، صحوا أخويا، كان أكتر اشي مدقق على الصلاة، وصلاة الفجر كان يقوم لها كالأسد، ويذهب للمسجد جريًا، ولم يقطعها يومًا”؛ يختم الأبُ كلامه بفخر وحماس.
وبحسب بيان عسكري نشرته “القسام” على موقعها الإلكتروني، فإن الشهيد قاسم هو “أحد مجاهدي وحدة النخبة القسامية”.
“من المحبوبين”
رفيقهما في درب المقاومة، الشهيد غزوان الشوبكي، “داعية”، وطالب، ومقاوم، هكذا ضرب مثلًا في الحياة.
يستقبل والده خميس، الناسَ الذين توافدوا للوقوف إلى جانبه إثر استشهاد ابنه غزوان، الذي يرى في صفاته أنموذجًا، للشباب.

“الشهيد غزوان.. الحمد الله، بطل، وملتزم، وهو من شباب المسجد، داوم على صلاة الجماعة، وصلاة الفجر خاصة، ولا يتركها نهائيًّا”، يقول والده، لصحيفة فلسطين.
كان الشهيد غزوان، متقدمًا للحصول على “السند” في قراءة القرآن الكريم، يتابع والده: “كان سيحصل عليه بعد أيام قليلة”.
كما أن الشهيد غزوان، “طالب في الجامعة الإسلامية، في السنة الثالثة، في كلية أصول الدين، وهو من الشباب المحبوبين لدى أصحابه، وأهله وجيرانه”.
ويردف والده: “كانت رسالته وأهدافه أن يكون من الناس المقاومين ضد الاحتلال، والثابتين على هذه الأرض، والاستمرار في المقاومة حتى دحر الاحتلال”.
ومن المواقف التي لن ينساها والد الشهيد، أنه كان في كل يوم جمعة، يتناول الغداء مع عائلته، ثم يجلسون ليحدثهم عن مضمون خطبة الجمعة، كما يلخص لهم والده خطبة الجمعة في المسجد الذي صلى فيه، لتعم الفائدة.
الشهيد غزوان، يرى فيه أبوه، إنسانًا جامعًا، كطالب يتلقى العلم، ومقاوم يتصدى للاحتلال الجاثم على أرضه، وداعية يلقي على مسامع الناس ما يفيدهم وينفعهم.
وبحسب البيان العسكري الذي نشرته “القسام” على موقعها الإلكتروني؛ فإن الشهيد الشوبكي هو “أحد مجاهدي وحدة النخبة القسامية”.
“حب الوطن”
أما الشهيد ثابت الريفي، هذا الشاب “المتواضع” و”المحبوب” كما يصفه والده، فكان دائم الحديث عن تحرير فلسطين.
يقول والد الشهيد، لصحيفة فلسطين: “إن ثابت كان مناضلًا، ضحى لأجل الإسلام، وللوطن والشعب، وكان يتمنى الشهادة في كل وقت”.

كان الشهيد ثابت، “متواضعًا، الكل يحبه.. جيرانه، أصحابه، أهله، كلنا الحمد الله بنحبه”، يضيف عبد الله والد الشهيد.
الرسالة التي كان يحملها الشهيد، كما يقول والده، هي “أن كل عمله لله، وفي كل وقت كان يتمنى الشهادة”.
هذا الشهيد (25 عامًا) كان متزوجًا، ولديه ولد وبنت، ولطالما تحدث لأهله عن تحرير فلسطين وحب الوطن، حسبما يوضح أبوه.
ويتمنى والد الشهيد، لو استشهد معه قائلًا: “أنا عمري 50 سنة، أتمنى الشهادة، وليتني معه”، معبرًا عن تمسكه بالمقاومة حتى تحرير فلسطين.
وبحسب البيان العسكري الذي نشرته “القسام” على موقعها الإلكتروني، أمس؛ فإن الشهيد الريفي هو “قائد مجموعة في وحدة النخبة القسامية”.
“واجب وطني”
فيما الشهيد محمود بصل (25 عامًا)، الذي أعلنت “القسام” أيضًا ارتقاءه، يقول والده: إنه “نشأ في أسرة إسلامية، فلسطينية، غزية”، مضيفًا: “نحن كشعب فلسطيني سُلِبَت أرضنا وأُخْرِجْنَا من وطننا”.
كلمات طلال بصل، والد الشهيد مفعمة بالفخر، بما قام به ابنه من عمل مقاوم ضد الاحتلال “الإسرائيلي”.

ويبدي في حديث مع صحيفة فلسطين، ثقته بأن تحرير فلسطين سيكون “على يد أبنائنا”، مؤكدًا أن ما قام به ابنه الشهيد محمود، “هو واجب وطني عن الأمة العربية والإسلامية والفلسطينية والغزية”.
ويعبّر عن شدة حب ابنه الشهيد للوطن، والعمل على تحريره، قائلًا: “إن العمل الوطني يجري في دمه”.
ويؤكد أن ما قام به ابنه، هو “واجب وطني كواجب كل إنسان مسلم، وفلسطيني، وغزّي”، مبينًا أن الدافع لحب المقاومة هو “التربية الإسلامية، فقد نشأ في أسرة إسلامية، ومن واجب الأسرة الإسلامية والشعب الفلسطيني الدفاع عن الحقوق”.
ويتابع: “نحن كشعب فلسطيني أُخْرِجْنَا من ديارنا وأرضنا (على يد الاحتلال الإسرائيلي)”، مشيرًا إلى ضرورة مواصلة المقاومة حتى إنهاء الاحتلال.
ومع كونه مقاومًا، لم تغِب الابتسامة يومًا عن وجه الشهيد محمود كما يؤكد أبوه، الذي يقول: “إن الابتسامة كانت دائمًا في وجهه”.
“كان يداعب أولاده وأهل حيِّه ومرحًا جدًّا”، يواصل والده الحديث، منوهًا إلى أن ابنه محمود كان متزوجًا ولديه ثلاثة أبناء، فيما زوجُه حامل في الشهر التاسع.
وينصح والد الشهيد محمود، الشباب “بالتمسك بالدين والسير على درب المجاهدين”.
“شخصية قوية جدًّا”
إنْ كان كثيرون يسعون إلى الزواج كأول خطوة يقدمون عليها في مطلع شبابهم، فإن الشهيد وسيم حسونة، كان يريد “الأفضل من الزواج”.
يقول محمد حسونة، والد الشهيد وسيم (19 عامًا)، لصحيفة فلسطين: “هؤلاء أبناؤنا جميعًا، إن كان وسيم أو غير وسيم أو أي فرد من أبناء فلسطين، كلهم على هذا الدرب، وكلهم أبطال، ويعملون لله، راجين مرضاته”، معبرًا عن فخره لتواجده على أرض فلسطين، قائلًا: “الحمد الله الذي جعلنا على أرض الرباط”.

وعلى وجه التحديد، فإن الشهيد وسيم والكلام لا يزال لوالده: “من صغره ترعرع في المسجد على أيدي حفظة كرام، وحفظ من كتاب الله ما حفظ، وكان نشيطا في لجان المسجد، يعمل بجد، ويُدرِّس الشباب، ويعلمهم الرياضة”.
ويتابع: “بالنسبة للأمور خارج المسجد، فكان وسيم يمتاز بشخصية قوية جدًّا، وفي ذات الوقت مرحة”، مشيرًا إلى أن “الابتسامة لم تزُل عن شفتيه”.
كما يقول: “إن الله اصطفى وسيم شهيدًا، ونسأل الله أن يتقبله مع الشهداء والصديقين”.
رسالة الشهيد وسيم في الحياة، كانت -بحسب أب
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الصليب الأحمر يدعو لتوفير الرعاية الصحية بالضفة مع تزايد الاحتياجات الإنسانية
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام شددت منظمة الصليب الأحمر الدولية، على ضرورة توفير الرعاية الصحية الملائمة بشكل آمن وفي الوقت المناسب في...

تعطل ثلثي مركبات الدفاع المدني في غزة بسبب نفاد الوقود
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، اليوم الثلاثاء، بأنّ الوقود المخصّص لتشغيل مركباته نفد في جنوب القطاع...

“الغارديان”: الجنائية تأمر بإبقاء المذكرات المتعلقة بفلسطين سرية
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت صحيفة ذا غارديان البريطانية عن أمر أصدره قضاة المحكمة الجنائية الدولية بعدم الإعلان عن أي مذكرات اعتقال قد...

أونروا: المساعدات تفسد بسبب إغلاق المعابر بينما يشتد الجوع بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إن المساعدات الإنسانية التي من المفترض إدخالها...

93 يومًا للعدوان على طولكرم والاحتلال يواصل تدمير البنية التحتية
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة لليوم الـ93 على...

عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى وباحاته
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام اقتحم عشرات المستوطنين، صباح اليوم الثلاثاء، المسجد الأقصى المبارك وباحاته، بحماية مشددة من قوات الاحتلال...

تحطم طائرة أمريكية مقاتلة خلال اشتباك مع القوات اليمنية
واشنطن - المركز الفلسطيني للإعلام أقرت البحرية الأمريكية، بسقوط طائرة F18 من حاملة الطائرات ترمان، وذلك خلال قيام حاملة الطائرات بمناورة مراوغة في...