الأحد 30/يونيو/2024

أصحاب المنازل المدمرة بغزة.. بين بقايا الحرب وتهديد المنخفض

أصحاب المنازل المدمرة بغزة.. بين بقايا الحرب وتهديد المنخفض

قديماً كان المزارع “بسام أبو سعيد” يطرب لقدوم الشتاء أملاً في ري زراعته ورعي ماشيته حتى أتت الحرب ودمر الاحتلال منزله فأصبحت هموم الشتاء تطارده في كل مكان.
 
فقد “بسام” وشقيقه “باسم” منزليهما وممتلكاتهما في الحرب فأقاما أكواخاً بلاستيكية قرب أطلال بيتيهما على أمل أن يأتي دورهما في إعادة الإعمار أسوةً بمنازل مجاورة أُعيد بناؤها حديثاً.
 
وتتصاعد معاناة أصحاب المنازل المدمرة الذين اضطروا للإقامة في منازل بدائية صنعوها بإمكانات متواضعة في المنخفض الجوي القطبي الذي أغرق منازلهم وفراشهم وتركهم في مواجهة الرياح العاتية.
  
ضيف ثقيل
 
عندما زار مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” منزله القريب من تلة “86” الحدودية كان منهمكاً في نقل الرمال لتدعيم جدران كوخه البلاستيكي ليصمد أمام قوة المنخفض الجوي بعد أن أغرق المطر متاعه وفراشه بالكامل.
 
خارج فضاء المدينة اضطر “بسام” (41 سنة) للإقامة في كوخ بدائي تضرر في المنخفض الجوي وهو مرشح كما يقول لأن ينهار في أي لحظة أمام شدة الرياح التي هزت أركانه فجهزته ليصبح حطاماً.
 
ينفض يديه من الرمال ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “أسرتي 9 أفراد معظمهم أطفال، وكذلك أسرة أخي، استأجرنا هذه الأرض التي تبعد 100 متر عن منازلنا المدمرة، كان عندي بيت مساحته 150 مترا وحظيرة كبيرة للماشية واليوم في المنخفض نعيش حياة مأساوية يلسعنا البرد وتغرقنا الأمطار”.
 
اقتادني “بسام” لجولة سريعة في بيته البلاستيكي الذي كان سقفه مزدان بثقوب تتسرب منها مياه الأمطار فيما تمزقت جدرانه المثبتة بألواح الخشب من شدة الرياح وقد اتخذ دور مرشد سياحي يشرح معاناته بخبرة كبيرة.
 
ويتابع: “من الصبح وأنا أرفع الفراش المبتل وأنقل الرمال لأحصن جدران البيت، فالليلة الماضية كانت صعبة جداً والمطر أغرق البيت، لا أعتقد أن هناك ضمير حيّ أو مسئول محترم يأتي ليشاهد حياتنا ويتدخل لمساعدتنا”.
 
وللعام الثاني على التوالي يتجرّع “بسام” وأطفاله قسوة المنخفضات الجوية حتى أضحى كل ما يحلم به هو منزل يقيه برد وأمطار الشتاء التي تسببت في مرض أطفاله كل شتاء عدة مرات.
  
معاناة الأطفال

بعد أن اطمأن “باسم أبو سعيد” على إحصاء خسائر المنخفض الجوي في منزله وتعرّف على ما تضرر من فراش وطعام بعد أن غمرت المياه منزله البلاسيتكي، استقل دراجته النارية قاصداً المدينة لشراء بعض الاحتياجات الضرورية.
 
وحدها زوجته “أم محمد” تجتهد في نقل ما نجا من خضروات خزنتها سابقاً في مطبخها لركن مظلل من بيتها البلاستيكي بعد أن غمرتها مياه الأمطار التي مزقت سقف المطبخ وتسربت من ثقوبه.
 
تقول “أم محمد” إن فصل الشتاء يهدد حياة وسلامة أطفالها السبعة الذين يتكرر مرضهم بالإعياء والإسهال خاصة في المنخفضات الجوية التي تبدد النوم من عيون أسرتها طوال الليل.
 
تحكم غطاء رأسها وتضيف: “الشتاء صعب والحياة أيام المنخفضات أصعب مما تتصور، عندما نسمع بقدوم منخفض نخاف لأن المطر والرياح لا تدعنا ننام، ونتوقع أن يطير السقف في أي لحظة”.
 
وداهمت مياه الأمطار منزله، فغمرت الفراش والمطبخ وملابس الأطفال ما اضطرها لنقلهم في حجرة مجاورة بدت مكتظة بكثير من الأغطية والمتاع الملقى بإهمال.
 
وتتابع: “هذه معاناة وحياة مرعبة. حتى الأطفال يخافون من صوت الرياح والأمطار ويتوقعون في أي لحظة أن يتكرر ما وقع لنا الليلة الماضية وعندما يسمعون صوت الرعد يتذكرون أيام الحرب التي دمرت منزلنا”.
 
ويفتقد منزل “أم محمد” للتيار الكهربي أو وسائل التدفئة أو حتى الغاز المنزلي، فقد أصابه ما أصاب سكان غزة من أزمة غاز الطهي والكهرباء، لكن المنخفض الجوي زاد من معاناتها وهي تترقب أن ينهار كوخها البلاستيكي في أي لحظة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات