الأحد 20/أكتوبر/2024

المشروع الوطني.. قراءة من رؤية المقاومة والمسار السياسي

المشروع الوطني.. قراءة من رؤية المقاومة والمسار السياسي

تعيش القضية الفلسطينية، في السنوات الأخيرة، منعطفات حادة، وتحولات مصيرية، وتحديات خطيرة، ولعل من أبرز تلك المنعطفات والتحديات، الانقسام الفلسطيني الداخلي، ومرور عقد على حصار غزة والحروب التي شنت عليها خلال تلك الفترة.

وكذلك تمسك السلطة الفلسطينية ببرنامج المفاوضات والتسوية على حساب برنامج المقاومة والتحرر من الاحتلال، والشروع علنا بمحاربة المقاومة الفلسطينية، والزج بالمقاومين في السجون، من خلال تبني التنسيق الأمني مع الاحتلال، كل هذا شكل منعطفات تاريخية حادة وتحديات خطيرة أمام مسيرة الشعب الفلسطيني.

هذه القضايا وغيرها، وضعها مركز رؤية للتنمية السياسية أمس السبت (23-1) على بساط البحث، في ندوة نظمها في إسنطبول، بعنوان “المشروع الوطني الفلسطيني – رؤى وآفاق” شارك فيها نخبة من الشخصيات الفلسطينية.

واشتمل اليوم الأول على ثلاث جلسات تحدثت عن برنامج المقاومة-الواقع والآفاق، ومسار التسوية السياسية فرص النجاح، التحديات، البدائل، والسلطة الفلسطينية ومشروع التحرر الوطني-بين الضرورة وإشكالية الدور.

وافتتح المدير العام لمركز رؤية للتنمية السياسية الدكتور أحمد العطاونة الندوة بكلمة ترحيبية وضع فيها أبرز تفاصيل الوضع الفلسطيني الراهن وما يحيط به من تطورات وأحداث إقليمية تسببت في المأزق الحالي الذي تعاني منه القضية.

وأكد عطاونة خلال كلمته على أن المواطن الفلسطيني يخضع لاستهداف كبير من قبل الاحتلال مؤكداً على أن الانقسام الفلسطيني أساء إلى سمعة الفلسطيني كثيراً وأثر على نظرة العالم للفلسطينيين.

كما ألقى السفير الفلسطيني في أنقرة كلمة ترحيبية بضيوف الندوة وأشاد بالحضور لكونهم يشكلون أطيافاً مختلفة من الواقع الفلسطيني، وأكد في معرض حديثه عن الانقسام على أن الانقسام الفلسطيني يختلف عن باقي الانقسامات الواقعة في المنطقة كونه مبني على اختلاف سياسي بحت ولا يخضع لحسابات طائفية أو مذهبية.

الجلسة الأولى..برنامج المقاومة-الواقع والآفاق
وتحدث الأستاذ أسامة حمدان مسؤول العلاقات العربية في حركة حماس خلال الجلسة الأولى من الندوة والتي كانت بعنوان “برنامج المقاومة: الواقع والآفاق” مؤكدا على أن الشعب الفلسطيني ليس جديداً على المقاومة بل عرفها منذ بدء الاحتلال البريطاني لفلسطين، وتابع ذلك بتقديم سرد تاريخي لمسار تطور المقاومة إلى أن وصل إلى فترة حدوث الانقسام الفلسطيني حيث أكد أن نتائج الانتخابات الفلسطينية عام 2006 عززت من مظاهر الانقسام السياسي الفلسطيني.

وأكد حمدان أيضاً على أن الانقسام حمل من الآثار السلبية ما دفع الاحتلال إلى عدم قبول الحل الفلسطيني أياً كان، عدا عن تسبب الانقسام في إرباك المشروعين الفلسطينيين على السواء المقاومة والتسوية.

وفي معرض حديثه ضمن التسلسل التاريخي أكد حمدان على الإمكانية التي كانت قريبة من التحقق بتحرير بعض أراضي الضفة الغربية بالتزامن مع انسحاب الاحتلال من غزة وقبل وفاة أبو عمار.

وعرج حمدان لاحقاً على البيئة الدولية ومتغيراتها والبيئة العربية وطبيعتها التي لم تسمح للمقاومة الفلسطينية بالتشكل في إطارها، وهو ما أثر سلباً وأدى إلى تأخر تشكيل وحدات المقاومة الفلسطينية إبان بداية الاحتلال.

وختم حمدان ورقته بالإشارة إلى أن الفلسطينيين لم ينجحوا في تحقيق الموائمة الحقيقية بين العمل السياسي السلمي والعمل العسكري المقاوم، عدا عن توزع الفلسطينيين في أربع كتل رئيسية تمتاز كل واحدة منهم بهموم وميزات مختلفة عن الأخرى، مؤكداً أن الانقسام السياسي والانقسام الجغرافي أثرا سلباً على المقاومة، عدا عن تأثر المقاومة بتراجع دور منظمة التحرير الفلسطينية خاصة بعد اتفاق أوسلو.

من جانبه أكد المعقب على الورقة الأستاذ حلمي الأعرج عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية ومدير مركز حريات على أن ما ينقص الفلسطيني حقيقة هو التوافق على برنامج شامل وكامل للمقاومة، مؤكداً على أن نتائج الانتخابات وما جرى قبلها وبعدها كان السبب الرئيسي في الانقسام وأشاد في معرض حديثه بالانتفاضة الفلسطينية الحالية، والتي تؤكد على دور العامل الذاتي الفلسطيني كونه العامل الأهم في تحريك الوعي الجمعي الفلسطيني.

وأضاف حلمي الأعرج أن الوضع الحالي يجبرنا على اتخاذ خطوات جريئة باتجاه إنجاح وتحقيق الوحدة الوطنية كون البرنامج السياسي الموحد هو الداعم الأساسي للحراك الحالي ومنظمة التحرير تمثل مكتسباً حقيقياً للشعب الفلسطيني لا يمكن تجاوزه.

الجلسة الثانية …مسار التسوية السياسية فرص النجاح التحديات البدائل
تحدث الأستاذ نبيل عمرو كمتحدث أول في بداية الجلسة الثانية بكلمة مسجلة، وضح فيها أسباب فشل المشروع السلمي مع الاحتلال ولخص هذه الأسباب في الصيغة والاعتراف المتبادل بين “إسرائيل” وفلسطين مؤكداً أن الاعتراف الفلسطيي ثمين جداً وكان يجب أن يقابله اعتراف مماثل من الاحتلال بكافة الحقوق الفلسطينية.

كما وأشار نبيل في كلمته إلى النصوص العامة في الاتفاقات شكلت علامات مبهمة للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني فما كان من الاحتلال إلا أن فسر هذه النصوص كيف يشاء بحكم امتلاكه لقوة السلاح.

وفيما يتعلق بالهدف الإسرائيلي من الاتفاقات قال نبيل عمرو، إن الاهتمام الإسرائيلي من الاتفاقات كان أمنياً بحتاً بالإضافة إلى أن غياب الطرف الثالث كان أحد أهم أسباب الفشل والتراجع في مشروع التسوية، مشيراً إلى قيام “إسرائيل” بتقويض الاتحاد الأوروبي ومع أمريكا من التدخل لضمان التنفيذ.

وأشار لاحقاً في كلمته إلى أن الوضع الداخلي الفلسطيني والوضع الداخلي الإسرائيلي والعلاقة التي جمعت الفلسطينيين بالإسرائيلين، تسببت في إفشال عملية السلام وعدم كتابة النجاح لها.

وأشار أيضاً إلى ارتباط التسوية بمؤسسات فلسطينية جعل من الصعب الاعتراف بفشل مسار التسوية مؤكداً على أن العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية هي في أسوأ حالاتها الآن منذ بدء الصراع.

من جهته أشار الأستاذ محمد الحوراني نائب رئيس المجلس الاستشاري لحركة فتح المتحدث الثاني في الجلسة، إلى أن الأرضية الهشة التي قام عليها اتفاق أوسلو شملت أوراقا بعيدة المدى والتزامات شفوية لكن دون شيء حقيقي مكتوب، حيث أرادت “إسرائيل” أن تعرض شيئا على الفلسطينيين يوافق احتياجاتها واعتباراتها الأمنية والاقتصادية فقط، مؤكداً على أن الخلاف الفلسطيني وقتها ساعد على إفشال مسار التسوية السلمية.

وأضاف الحوراني؛ إن الطريقة التي يدير فيها الاحتلال الصراع تحتم علينا إعادة النظر في كافة مساراتنا حيث لا يمكن لنا أن ننهي الاحتلال بالعمل السياسي وحده، ولا يمكن للمقاومة أن تنجز دون أفق سياسي واضح. وفيما يتعلق بالمنطلق الذي يعتمد عليه أكد الحوراني أن القرارات الدولية رغم كره الفلسطينيين لها -على حد وصفه- تعتبر الرافعة الوحيدة للفلسطينيين أمام المجتمع الدولي.

من جهته عقب  دكتور الإعلام بجامعة بير زيت نشأت الأقطش، على أن المشكلة الأساسية تنبع من طبيعة تشكل عقلية الاحتلال فكيف لنا أن نفاوض شخصاً يعتقد أن الله قال له كذا وكذا.

وذكر الدكتور الأقطش أن الظرف العربي إبان أوسلو هو ما أجبر المنظمة على القبول بهذا الاتفاق لكنه أكد أن القبول الفلسطيني بأوسلو تضمن تنازلا فلسطينيا عن الرواية التاريخية الفلسطينية لصالح رواية الاحتلال، وفي حين تريد “إسرائيل” لهذه الحرب أن تكون دينية نريدها نحن أن تكون سياسية، وتنازلنا عن روايتنا يشبه إلى حد كبير تنازلنا عن وجودنا.

الجلسة الثالثة… السلطة الفلسطينية ومشروع التحرر الوطني
أما آخر جلسات اليوم الأول من الندوة فقد كانت بعنوان السلطة الفلسطينية ومشروع التحرر بين الضرورة وإشكالية الدور، أدار الجلسة الدكتور سعيد الحاج، وتحدث فيها الدكتور علي الجرباوي أستاذ العلوم السياسية في بيرزيت، وعقب على ورقته الأستاذ جواد حمد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط.

وبدأ الدكتور علي الجرباوي بعرض ورقته قائلاً: “إن من الواجب تعريف ماهية المشروع الوطني الفلسطيني وضرورة تحديد الهدف الذي ينبغي أن يحققه، وبالتالي تحديد طبيعة الدولة والحل الذي نطمح في الوصول إليه”.

وأشار الدكتور الجرباوي أننا لو اتفقنا على تحرير فلسطين كاملة كهدف فإن وجود السلطة سيصبح معيقاً في سبيل تحقيق الهدف، أما إذا أردنا الوصول إلى حل الدولتين فحينها يصبح وجود السلطة الفلسطينية ضرورة حتمية.

وأضاف إن استمرار وجود السلطة الفلسطينية يعطي انطباعاً للعالم بوجود هيئتين منفصلتين تتفاوضان سوياً لكن هناك تعثر في المفاوضات.

وفي معرض حديثه عن الموقف الإسرائيلي أكد الجرباوي أن “إسرائيل” لن تقبل بحل الدولة الموحدة، وستقوم بكافة الإجراءات التي تحول دون الوصول إليه، حيث من المتوقع أن تقوم “إسرائيل” بإجراءات أحادية الجانب مستخدمة شركاء محليين واقليميين بدلاً من السلطة الفلسطينية في حال اعتراضها.

وعزا الجرباوي مشاكل الفلسطيني إلى امتلاكه قناعه بأنه هو الطرف الأضعف؛ ما جعله مستعداً لقبول إملاءات الإسرائيلين عليه مشيراً إلى استخدام الاحتلال السلطة كوسيلة للتستر حيث استغل الاحتلال فشل السلطة بالتحول إلى دولة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات