الجمعة 02/مايو/2025

الشقيقان سيف وزيد الطويل.. ومأساة السجن المنزلي

الشقيقان سيف وزيد الطويل.. ومأساة السجن المنزلي

ما أصعب أن تطأ قدمك عتبة باب المنزل ولا تستطيع أن تخرج منها، تلك هي حال الفتيين الشقيقين سيف الدين وزيد الطويل منذ ستة أشهر؛ فقد حكم الاحتلال عليهما بسجن منزلي مفتوح يلزمهما عدم الخروج منه حتى لو أصابهما مكروه واحتاجا الذهاب للمشفى.

في حي بيت حنينا شمال القدس المحتلة يقع سجن (منزل عائلة الشقيقين الطويل)، ولكن هذا السجن يختلف عن سجون الاحتلال، ليس بالطعام والشراب فقط، بل يختلف بأن السجانين هم الأم والأب، والدا هذين الفتيين.. قد تستغرب الأمر للوهلة الأولى، ولكن الاحتلال يهدف إلى أن يمارس العقاب وأسلوب التأديب على ذوي الأطفال والفتية، فيجبرهم على التوقيع على كفالة مالية ضخمة تصل لـ 40 ألف شيكل، فإذا خالف الطفل هذا السجن المنزلي تحول المبلغ لحكومة الاحتلال.

الفتى سيف الطويل (15 عامًا) يروي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” عن بداية الحكاية، فيقول: “في بداية شهر رمضان اقتحمت قوات الاحتلال منزلنا أثناء تحضيرنا لوجبة الإفطار.. اعتقلوني أنا وأخي وأبي، وتعرضت خلال الاعتقال للضرب المبرح”.

السجن الأصعب


ويضيف: “بقينا يومين على كوب ماء واحدة صائمين.. عرضنا للتحقيق ووجهوا لي ولأخي تهمة إلقاء الحجارة، وما إن انتهت فترة التحقيق حتى قررت المحكمة أن تحولنا للسجن، ولكن أي سجن هذا؟، فسجن المحتل أخف وطأة من سجن مفتوح لا ندري نهايته”، متابعًا: “نعيش في قفص مثل العصافير، فهي ترى الشمس والهواء وتستشعرها، ولكن باب القفص مقفل عليها”.

وأردف سيف، والغضب في عينيه،: “حياتنا منذ ستة شهور كحياة مع وقف التنفيذ؛ فلا خروج ولا مدرسة ولا أصدقاء، كل شيء توقف.. أصبحت حياتنا فقط “جهاز الحاسوب والتلفاز”.

أما الفتى زيد الطويل (16 عامًا) من حي بيت حنينا، فيقول: “قبل سجني أنا وسيف كنا منتسبين لنادي بيت حنينا نلعب كرة القدم ونمارس السباحة، ودائمي الخروج في نزهاتٍ إما عائلية أو مع الأصدقاء، ولكن فجأة وضعنا في غرفة تحقيق وأيام عدة لسجن لنخرج إلى سجن أكبر وهو المنزل”.

ويتمنى زيد أن ينتهي هذا السجن ويعود هو وشقيقه سيف لحياتهم ولحريتهم، قائلاً: “كنت أتخيل أن السجن المنزلي أخف وطأة من السجن الفعلي، ولكن تبين عكس ذلك، فهو يحصرك ويخنقك ويكتم أنفاسك، رغم أنها تعيش بحرية، إلا أنها محكومة بمبلغ مالي ضخم”.

ويحكي زيد: “يوميًّا نستيقظ لأداء صلاة الفجر، ثم نعود وننام، وقرابة الظهر نستيقظ نحضر الفطور ونساعد والدتنا ونجلس إما على الكمبيوتر لنلعب، أو لمشاهدة التلفاز”، مضيفًا: “ولكسر الروتين وللمحافظة على لياقتنا البدنية نقوم بحركات رياضية مثل الضغط وشد البطن”.

ويقول والد سيف وزيد الطويل لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حياتنا منذ ستة أشهر اختلفت، وقلبت رأسًا على عقب.. لم تعد كالمعتاد لي ولا لوالدة سيف وزيد.. لم أعد أستطيع الوصول لتأدية الواجبات الاجتماعية من أفراح أو أحزان أو حتى زيارات”.

ويضيف: “السجن المنزلي هو سجن أكثره للأهل، فحياتنا مكبلة بقرار وبمبلغ مالي ضخم.. كنت سابقًا أخرج للعمل منذ الفجر وأعود عند العشاء، ولكن منذ ستة أشهر لا أستطيع ذلك.. أغيب ساعات معدودة أنجز فيها بعض الأشغال وأعود لأبقى مداومًا عند سيف وزيد”.

ويذكر أنه “خلال جلسة المحكمة طلبت من القاضي السماح لهم بالدراسة، ولكن القاضي قرر أن يتم تنفيذ قرار سجن مفتوح بحقهم.. الاحتلال لا يريد لأطفال فلسطين أن يتعلموا ويدرسوا، بل يريدهم فارغين دون شيء”، مبينًا أن “سيف اكتسب دورة تصفيف شعر في المدرسة وأصبح اليوم هو مصفف العائلة، ويطمح أن يدرس علم الحاسوب، بينما زيد يرغب بتعلم مهنة النجارة، ولكن الاحتلال من خلال السجن المفتوح أفقدهم سنة دراسية كاملة لا يدركون اليوم أين سيذهبون وأين نهاية هذا السجن المفتوح”.

تدمير النسيج الاجتماعي

ويقول رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب إن من ضمن سياسات الاحتلال المتبعة، سياسة السجن المنزلي؛ حيث يتم الإفراج عن الأسير بظروف قاسية وصعبة.. يتعهد  أهالي الطفل أن يبقى نجلهم الأسير داخل المنزل ويصبح والداه سجانين عليه.

ويوضح أن الاحتلال يهدف من سياسة السجن المنزلي إلى “تدمير النسيج الاجتماعي بين الأسير والمجتمع؛ فالطفل تُنتهك حياته الخاصة؛ حيث يمنع من الذهاب للعب أو التعلم، كما ويحرمه من العناية الطبية، ما يؤثر على صحة الأسير؛ فقد يعاني من حالة التبول اللاإرادي أو تساقط الشعر بسبب الخوف أو العزلة أو العدوانية، وهنالك أطفال يلجأون للانتحار نتيجة للضغط النفسي والعزلة التي مروا بها وبسبب الروتين اليومي الممل”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إسرائيل تقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق

إسرائيل تقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق

دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي - الجمعة- عدوانًا على سوريا، واستهدفت محيط القصر الرئاسي في دمشق، في تصعيد لسياسة...