الأحد 04/مايو/2025

معطف كبير الحجم.. فيلم فلسطيني يتناول قصة تحدٍّ أمام الاحتلال

معطف كبير الحجم.. فيلم فلسطيني يتناول قصة تحدٍّ أمام الاحتلال

ببراءة الطفولة، وبمشهد جسد إنسانية وصمود الفلسطيني، يمسك الطفل سامي قطعة قماش صغيرة، يمسح بها آثار دماء الشاب المصاب الذي دخل بيته ليعالج والده الطبيب أثناء منع للتجول في قريته بمدينة طولكرم.

إلا أن ذلك المشهد الإنساني لم يعد كذلك، بسبب اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني منزل الطبيب الذي يؤدي واجبه الإنساني ليعتقل المطارد رغم خطورة حالته، ويقمع الطبيب.

المشهد السابق أحد المشاهد المؤثرة من فيلم “معطف كبير الحجم”، بقي عالقاً في ذهن الطفل سامي، بطل الفيلم، إلى أن كبُر وفهِم معنى الاحتلال والمطاردة ونزف الدماء، ليكون له أثر في كل حياته، حتى في دراسته الجامعية والتغيير من دراسة تخصص الهندسة إلى الصحافة والإعلام ليساهم في كبح جماح عنجهية المحتل من خلال نشر عنصريته وجرائمه المختلفة.

و”معطف كبير الحجم” فيلم سينمائي تمثيلي، مدته 120 دقيقة، من تقديم المخرج الفلسطيني، نورس أبو صالح، يروي فصولا من الألم والمعاناة التي عاشتها القضية الفلسطينية بشكل جديد، حيث تدور أحداثه ما بين عامي 1987 و2011 بكل ما يتخلل تلك الفترة من أحداث سياسية من انتفاضتين واتفاقيات، يتم إسقاطها على بطل فلسطيني يقرر خدمه وطنه عن طريق الإعلام.

مشاهد المعاناة
وتتوالى مشاهد الفيلم الذي جسد المعاناة الدقيقة التي يعيشها الشاب الجامعي، في تنقله عبر الحواجز التي قطعت أواصر الضفة الغربية، وفصلت بين أطراف الوطن، ومعاناة الطبيب في تهديده بالقمع والتنكيل إن ثبت علاجه لأي مصاب، وتتجسد تلك المعاناة أيضاً في المزارع الفلسطيني الذي سلب المستوطنون أرضه وحرقوا أشجار الزيتون تحت حماية من قوات الاحتلال الصهيوني.

وفي أحد مشاهد الفيلم التي أثارت الحضور خلال عرض الفيلم في مدينة غزة، يوجه المزارع أبو الريح، رسالة إلى الضابط الصهيوني الذي منعه من الوصول لأرضه وسمح للمستوطنين بالوصول لها والرقص على ترابها، والتنكيل بأشجار الزيتون التي غرسها وكبرت وكبر معها، “لو أعدموا كل هالزيتون، هالعزيمة ما بتهون”.

ولكن لم يخل المشهد من النفوس الضعيفة التي تبيع أرضها مقابل حفنة من المال، مقابل تسليم بعض المعلومات إلى الجيش الصهيوني ومحاولة تثبيط الصفوف الداخلية، ليتجسد ذلك بقول “العميل” جلال، أحد سكان القرية عند سماعه بصمود المزارع على أرضه،: “أنا لو محل أبو الريح ما بجاكر إسرائيل” وذلك لأن مصالح جلال مرتبطة بوجود “إسرائيل”.

رسالة التحدي
ومع مرور الزمن، يمر الطفل سامي بسنوات من المعاناة الأليمة ومشاهد الألم التي رافقته في طفولته وشبابه ومراحل عمره والتي عايشها في قريته، ورسمها الفيلم وجسدها واقعاً في ربوع الوطن المتناثر، متمثلة في مسلسل المعاناة المستمر التي يعانيها أبناء وطنه، من الطبيب في عيادته، وإلى المزارع في أرضه.

ولا تنتهي المشاهد بذلك بل تمر بالمريض ومساومته في جرحه ودوائه، والطالب في مدرسته وعلمه، والإمام في مسجده، وصلواته، وبالطالب الجامعي وقمعه في حرم جامعته، وليس انتهاءً بالإعلامي الذي يرصد الحقيقة وينقلها لأحرار العالم.

وتحدى سامي كل تلك المشاهد التي وثق جزء منها خلال دراسته الهندسة ليأتي التحدي الأكبر في تركه لدراسة الهندسة، واختياره لتخصص الصحافة والإعلام ليقاوم المحتل في نشر جرائمه المختلفة، من خلال إنتاجه للأفلام الوثائقية التي ينتجها وتلقى رواجاً بين جمهوره المحب لأعماله.

ويتجسد في سامي حبه لمهنة الإعلام ورسالته في نشر الحقيقة من خلال إنتاجه للأفلام الوثائقية عن وطنه، رغم أن قد سافر إلى الأردن مرغماً من والده، من أجل إنهاء دراسته، ولم يمنعه ذلك من استمراره في ممارسة رسالته السامية في خدمة طلاب بلده في جامعته، ونشر قضيتهم من خلال الاستمرار في إنتاج الأفلام الوثائقية.

وكان المشهد الذي ارتقى في الإعلامي والصحفي سامي شهيداً، أثناء تكريمه بفوز فيلمه الوثائقي، في مسابقة عالمية والذي يجسد معاناة القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها، لتكون عملية الاغتيال الصهيونية الخاصة دليل على قوة الرسالة التي يحملها الإعلامي في فضح الاحتلال ومكوناته الإجرامية.

المخرج وحكاية الفيلم
المخرج الفلسطيني الشاب نورس أبو صالح، يقول خلال اتصال مع مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إن الفيلم  استند على الموروث الفلسطيني القديم الذي يقول “عندما يرى النائم أنه يلبس معطفا أكبر من حجمه، أو ثوبا أكبر من مقاسه، فهذا يعني أنه سيتحمل مسؤوليات فوق طاقته”.

وعن الشخصية الأساسية في الفيلم كونها شخصية إعلامية، رأى أبو صالح أن التركيز على ذلك نابع أن مساحة الإعلام في النضال الفلسطيني مهضومة، وهو سلاح أساسي في النضال الفلسطيني، علينا استخدامه بكل أنواعه، خاصة الأفلام الوثائقية منها لما لها من أثر في نفوس المشاهدين”.

وأكد أن مرحلة الفيلم المتمثلة من 1987-2011، لم تطرق في السينما الفلسطينية، وأن أحداث الفيلم تنطبق على جزء من حياته وأجزاء أخرى تنطبق على الكل الفلسطيني.

وحدة المقاومة
وجسد الفيلم وحدة الصف الفلسطيني من خلال دعوة حركة فتح في الضفة الغربية، للمشاركة في الإضراب الشعبي الذي جاء بعد اغتيال القائد عماد عقل ابن حركة لمقاومة الإسلامية حماس عام ١٩٩٣.

ومن المشاهد التي أكدت على النموذج الوحدوي للمقاومة الفلسطينية الطلابية، بين الفيلم مدى أهمية وحدة الأطر الطلابية في مواجهة العنف الصهيوني والتضييق على الحياة الجامعية للطلاب، من خلال وجود لمشاهد الطلاب في جامعة بيرزيت يلبسون الكوفية الفلسطينية ويحملون العلم الفلسطيني أمام طلقات الغاز المسيل للدموع من قبل الاحتلال الصهيوني.

معيقات!
وذكر أبو صالح أن تمويل الفيلم كان معيقاً قوياً لإنتاج الفيلم على مدار 3 سنوات، مبيناً أنه تغلب عليه من خلال مبادرة المائة السينمائية، التي بادر بها 100 شخص من رجال الأعمال المناصرين للقضية الفلسطينية، حيث يساهم كل واحد منهم بألف دولار، ليتم إخراج الفيلم بطريقة احترافية عالمية.

وأشار المخرج إلى أن الإعلام الفلسطيني بحاجة إلى تطوير السينما خاصة فيما يتعلق بفلسطين، والمبادرات الفردية لا تكفي من أجل نشر الحقيقة والانتصار على المحتل في كل المجالات، موضحاً أن الفيلم السينمائي لم يكن مطروقاً كسلاح قوي وليفتح العيون على أهمية الإعلام.

ولاقى الفيلم إعجاب المشاهدين، حيث تم عرضه في مدينة غزة وفي الضفة الغربية وفي الداخل المحتل، عدا عن دول عربية أخرى منها الأردن.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات