ممارسات أجهزة السلطة.. بين تكميم الأفواه ومصادرة الرأي

تواصل أجهزة السلطة (من أمن وقائي ومخابرات عامة) انتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني مستغلة في ذلك عدم محاسبتها، ورضا مخابرات وجيش الاحتلال عن أدائها؛ لتتجاوز القيم المجتمعية والدينية في التعامل مع المواطنين. 

وشكا معتقلون مفرج عنهم من مقار أجهزة السلطة من أن عناصر التحقيق تقوم بشتم الذات الإلهية، وتقوم أيضًا بإجبار المعتقل (الذي هو ضحيتهم) بالاعتذار كشرط للإفراج عنه؛ عدا عن الشبح والضرب خلال التحقيق والتهديد بأمور كثيرة.

ويقول محمود عبد الله، المعتقل المفرج عنه من  مقر الوقائي، إن عناصر جهاز الوقائي أحضروا معتقلاً في إحدى المرات من إحدى القرى وسط الشتائم المقذعه التي كان من بينها شتم الذات الإلهية؛ حيث لاقت عملية اعتقاله اعتراضًا من عائلته، ما أثار غضب العناصر وحنقهم ودفعهم للشتائم، الأمر الذي تكرر مع معتقلين آخرين.

الاعتذار المهين

ومن أساليب عناصر السلطة في انتهاك حقوق الإنسان ما حكى عنه الصحفي علي دراغمه في صفحته على الـ”فيسبوك” حول اعتقال مدير تليفزيون نابلس وإجباره وإجبار الصحفيين على الاعتذار للضابط الذي ورد اسمه في تقرير بثه التلفزيون؛ حيث يقول: “دبوس.. صلح عشائري.. احنا الصحفيين صرنا عشيرة وقمنا -أمس- بالاعتذار لعائلة الضابط في الأمن الوقائي الذي نشر اسمه في تقرير خطأ من قبل تليفزيون نابلس.. التلفزيون اعترف بالخطأ، ولكن ما حد يلومني إذا تخليت عن شغلي بالصحافة.. مدير تليفزيون نابلس سليم سويدان مسجون منذ يوم الجمعة الماضي.. أنا مرعوب من الموقف..”.

 وتابع: “الآن أبحث عن وظيفة في مطعم أو محل مفروشات أو عامل مستوطنات أو موظف في مؤسسة تجارية.. المهم ما أنجبر في يوم من الأيام أجيب عيلتي تعتذر عن خطأ في خبر ارتكبته.. أنا مرعوب.. كيف الصحفي بده يشتغل في بلادنا؟.. أنا ضد نشر الأخبار اللي عن هالشكل… لكن ممكن الصحفي يغلط !، بما أنه لا يوجد قانون بحق الحصول على المعلومة”.

وتنص المادة (19) من القانون الأساسي الفلسطيني على أنه “لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون”.

تكميم الأفواه

وعلق الناشط محمد الأسمر على الحادثة بقوله: “هذه شفافية الإعلام، وليس من حق إنسان أن يكمّم الأفواه.. سلطة الإعلام والحريات إن قُمِعَت فعلى الأرض السلام.. الشفافية ليست بخطأ، يجب عدم الصمت على أي شخص أو مؤسسة أو مسئول، ويجب فضحه بالإسم حتى يَصطلح الواقع وتستوي حياتنا ولنضع حدًّا لكل مخالف ومخطئ بحق شعبنا، وأي خارج عن القانون الإنساني. إلا إذا بسموها قدح مقامات!، فمقامات شعبنا أعلى وأسمى منهم جميعًا”.

في المقابل، قال الناشط  عيد سهران، مدافعًا عن الضابط،: “لكن هذا خطأ قاتل، وبصراحة كان على الصحافة التأكد مليون مرة قبل إذاعة الخبر، مش فقط سبق صحفي على حساب الناس؛ على العموم كل الاعتذارات الآن لا ترجع الخبر؛ لأن هذا الشخص تلوث اسمه للأبد فقط بسبب هذا الخبر”.

وتوثق بيانات حقوقية عديدة تابعة للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومؤسسة الحق وغيرها؛ انتهاكات عديدة بحق المعتقلين لدى أجهزة السلطة، خاصة جهازي الوقائي والمخابرات؛ وهو ما يخالف القانون الأساسي الفلسطيني؛ حيث تتلقى الهيئة شهريًّا عشرات الشكاوى حول تعذيب المعتقلين لانتزاع اعترافات على خلفيات أمنية وسياسية وجنائية.