الأحد 04/مايو/2025

الضفة.. هل الخلافات العائلية والفلتان لإشغال الشارع عن الانتفاضة؟

الضفة.. هل الخلافات العائلية والفلتان لإشغال الشارع عن الانتفاضة؟

في وقت يتزامن مع استمرار رسم الصورة المشرفة للمقاومة التي يبديها المواطنون بالضفة الغربية في مواجهة جرائم الاحتلال والمستوطنين، برزت في الآونة الأخيرة العديد من الخلافات العائلية، ومحاولات جر المدن الفلسطينية إلى حالة من الفلتان الأمني، وهو ما أثار تساؤلات عن توقيت هذه الأحداث، وتقاعس أجهزة أمن السلطة من التدخل وإنهاء هذه المظاهر في الوقت الذي تمارس فيه حملات اعتقال واستهداف للنشطاء السياسيين والمشاركين بفعاليات الانتفاضة.
 
فبعيداً عن أدوار الاحتلال وجرائمه اليومية وسعيه الحثيث لإشاعة أجواء من الإحباط  واليأس بين أوساط الفلسطينيين، لم يعد يخفى على أحد  حالات الفلتان رغم تواجد الآلاف من أفراد الأجهزة الأمنية، إلا أن الظاهر للعيان أن وظيفة هذه الأجهزة باتت مقتصرة، على ما يبدو، لملاحقة النشطاء السياسيين وإفشال وإحباط انتفاضة القدس على وجه الخصوص في هذه المرحلة، الأمر الذي أثار حفيظة  المواطن الفلسطيني.

وبات مشهد الشوارع المغلقة مشهداً يتكرر أمام مرأى ومسمع من أفراد الأجهزة الأمنية بشكل يدلل على قصورها التام عن تلبية متطلبات الأمن والسلامة، ونتيجة حتمية لمحاولة تغييبها ثقافة احترام القانون وتعزيز هيبته في المجتمع من خلال رفضها العديد من القرارات الصادرة بالإفراج عن معتقلين سياسيين، فيما لم تتخذ خطوات جادة لضبط حالات الانفلات التي تظهر بين الفترة والأخرى.

سياسة الأجهزة الأمنية
المواطن محمد البدوي، من مخيم بلاطة إلى الشرق من مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، يرى بأن حالة الفوضى والفلتات تظهر بين الفترة والأخرى، وهي نتيجة واضحة لطبيعة سياسات السلطة والأجهزة الأمنية.

وقال البدوي خلال حديث لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “انشغلت الأجهزة الأمنية في ملاحقة النشطاء السياسيين، واهتمت بالخلافات الحزبية والسياسية حتى انعكس ذلك على تغييب الشخصيات الاجتماعية المؤثرة، وبالتوازي مع ذلك فتح المجال أمام شخصيات أخرى باتت تشكل لنفسها كيانات وجماعات تريد أن تأخذ القانون بيدها”.

وما زاد الطين بلة، وفقا للبدوي، فإن أغلب من يرعى الفلتان شخصيات ذات اراتباط مباشر أو غير مباشر بالأجهزة الأمنية، وهو ما يثير علامات استفهام متتالية عن فتح المجال أمامهم لممارسة هذه الأعمال، وتوقيت اختيارهم لها.

بدوره، يسرد المواطن سميح التيتي خلال حديثه لمراسلنا  حادثة مقتل الشاب أشرف البيعة قبل أسبوعين في مدينة  نابلس، موضحا أنه “على مدار ثلاثة أيام كان هناك مناوشات ومشاكل وصلت إلى حد إطلاق النار المتبادل بين عائلتين في البلدة القديمة، ومع ذلك لم تحرك السلطة والأجهزة الأمنية ساكنا لمنع تدهور الأمور ليصل الحال في اليوم الثالث إلى  حدوث اشتباك مسلح في البلدة أدى إلى مقتل الشاب أشرف”. 
 
إشغال المجتمعوفي معرض تعقيبها على تصاعد حالة الفوضى خلال الفترة الأخيرة، ترى الكاتبة  لمى خاطر بأن المشاكل العائلية لا يخلو منها أي مجتمع، خصوصاً المجتمعات التي تسود فيها النزعة العشائرية أو القبلية لكنها حين تواجه بشكل سليم منذ بدايته لا يمكن أن تتطور إلى ثارات ومظاهر تخريب و”زعرنة”، ولن نشهد استقواء بسلاح العشائر المشبوه الذي لا يظهر إلا في النزاعات العائلية فيما يختفي أمام الاحتلال.

وتابعت خلال حديثها لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إن “السلطة بإمكانها لو أرادت، الحسم وقطع دابر مثل هذه الفتن المجتمعية وذلك من خلال القصاص من الجناة والقتلة منذ البداية وقبل أن يتطور الأمر إلى ثارات متبادلة، فلو أن القاتل يقتل ستهدأ النفوس تلقائياً ويرتدع المجرمون، لكن إبقاءه في مأمن أوالتغاضي عن إفلاته من العدالة، يعني أن السلطة تستفيد بدرجة ما من انشغال المجتمع بمثل هذه النزاعات خصوصاً في وقت حساس مثل هذا”.

وتساءلت عن امتناع قوات السلطة الأمنية منذ البداية للنزول إلى الشوارع في الخليل لمنع أعمال الحرق والتخريب والاعتداء على الممتلكات العامة، ولماذا لم تتدخل إلا بعد تفاقم المشكلة؟.

وعلى الرغم من وجود الاحتلال الصهيوني، ومحاولات رص الصفوف في مواجهة الاحتلال، إلا أنه تظهر بين الفترة والأخرى مظاهر من الفلتان سواء إغلاق الشوارع أو إطلاق النار، فيما تظهر الوقائع على الأرض أن أجهزة السلطة لا تتعامل بحزم شديد مع هذه الظواهر، وإنما يصب اهتمامها في مراقبة الوضع السياسي على حساب العلاقة الاجتماعية الداخلية، وهو ما يجعل البعض يتخوف من إمكانية محاولة إشغال الشارع الفلسطيني بالخلافات الداخلية على حساب مواجهة الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات