الخميس 08/مايو/2025

سعير.. أمواج غضب في بحر الانتفاضة

سعير.. أمواج غضب في بحر الانتفاضة

كان لاسمها نصيب في تاريخها منذ قديم الزمان؛ فاسمها ينطق بالغضب، وعنوانها مترسخ في ذاكرة القضية الفلسطينية، فهي بالإضافة لكونها قرية موغلة في القدم، هي ذات موقع متحكم في المسار الجغرافي للكثير من المغتصبات الصهيونية التي تحيط بمدينة الخليل من جهة الشمال والشمال الشرقي.

بلدة الشهداء

قبل أن يفكر الجيل الفلسطيني الجديد بالانتفاض، وقبل أن يهلّ شهر تشرين أول من عام 2015، كان الشاب ياسر ياسين الطروة ابن الكتلة الإسلامية في جامعة بوليتكنيك فلسطين ابن بلدة سعير يمرغ أنف شرطي صهيوني استفزّه في مدينة القدس المحتلة بالتراب.

ففي تاريخ 21/6/2015 كانت الشمس تأذن بالاستقامة على مداخل سور القدس، عندما أوقف الشابَ شرطيٌّ صهيوني، إلا أن ياسر قام بطعنه، وأطلق جنود الاحتلال النار عليه حيث لا يزال محتجزا في مشافي الاحتلال يعاني من إصابته الخطيرة. دون أن يطرأ عليه أي تحسن يذكر حيث ادعى الاحتلال أن ياسر مصاب بفايروس غريب لم يفصح عنه، مما يؤكد أن الاحتلال قام بحقنه بمادة سببت له حالة من اللاموت واللاحياة.

عملية الطروة حركت الجمر من تحت الرماد؛ حيث باتت عيون الشبان ترقب اللحظات الحاسمة حتى تقتص من احتلال أجهض الأحلام في عيونهم.

وفي الحقيقة لم تكن بلدة سعير حديثة عهد بالمقاومة؛ بل كانت دوما في مقدمة الثورات والعمل المقاوم، وقد تجددت فيها الهمم خلال انتفاضة القدس حيث ارتقى فيها ستة شهداء، ومنها انطلقت عدة عمليات طعن ودهس ضد جنود الاحتلال.

شهداء مع وقف التنفيذ

ومنذ بداية انتفاضة القدس لا يزال ثلاثة ممن تتهمهم سلطات الاحتلال في مشافيها بين الحياة والموت، ففي تاريخ 21/10/2015 دهس الشاب محمد فهيم شلالدة (24 عاما) من بلدة سعير خمسة جنود على مدخل بلدة بيت أمر شمال الخليل، وقد أطلقت عليه عدة رصاصات، ثم أعلن عن استشهاده، ثم ما لبثت عائلته أن اكتشفت وجوده في مستشفى هداسا بالقدس بحالة خطيرة جدا، وأكد أحد أقاربه أن الاحتلال لم يسمح لأحد من ذويه بزيارته إلا عمه الذي زاره مرتين فقط.

ولا يزال محمد في مستشفى سجن الرملة يعاني من إعاقة في أطرافه السفلى، ويواجه محاكم الاحتلال.

وبتاريخ 25/10/2015 أطلق مستوطن صهيوني من سكان تجمع الاستيطاني غوش عتصيون النار على الشاب عزام عزات شلالدة أثناء قطفه الزيتون في منطقة واد سعير وأصابه بجروح خطيرة بدعوى أن الشاب حاول طعن مستوطن من مستوطنة اسفر المقامة على أراضي بلدات سعير والشيوخ شرق الخليل.

ومكث شلالدة أكثر من أسبوعين في مستشفى الأهلي بالخليل تحت العناية المركزة إلا أن الاحتلال المجرم عاد في 12-11 إلى مستشفى الأهلي في عملية خاصة نفذتها قوات مستعربة، وقتلوا ابن عمه عبد الله عزام شلالدة (27 عاما)، واختطفت القوات الخاصة عزام ونقلته إلى مركز تحقيق عسقلان، وهو موجود حاليا في سجن عوفر، حيث وجهت له سلطات الاحتلال تهمة طعن مستوطن، علما بأنه أجريت له ست عمليات جراحية لترميم ما فعلته رصاصات المستوطن الثماني التي اخترقت جسده.

وبعد ذلك انطلق الشاب رائد ساكت جرادات (24 عاما) في 26/10/2015 إلى نقطة عسكرية على دوار بيت عينون، مدخل الخليل الشمالي، حيث صلى ركعتين وتوجه إلى مجموعة من الجنود المتواجدين على النقطة العسكرية وطعن عددًا من الجنود وصفت حالة واحد منهم بالحرجة، فيما قام جنود الاحتلال بإطلاق النار على بعضهم لشدة رعبهم لهول الموقف.

رائد جرادات كان يدرس في جامعة القدس المفتوحة بالخليل إلا أنه في صباح ذلك اليوم قرر أن يذهب إلى طريق الشهداء الطريق الموصل إلى الله.

في ذات اليوم الذي استشهد فيه رائد جرادات كانت ملائكة السماء تزف الشهيد الفتى إياد روحي جرادات (17 عاما) حيث اندلعت المواجهات على مدخل بلدة سعير في منطقة بيت عينون ووادي الشرق وأصيب العشرات من أبناء البلدة بجروح.

وفي 1/11/2015 أطلق جنود الاحتلال على مفرق بيت عينون النار على الشاب فادي حسن الفروخ (27 عاما) بدعوى محاولة تنفيذ عمليه طعن، ومن ثم احتجزوا جثمانه لمدة شهرين، ثم تم تسليم جثمانه مع 17 شهيدًا من مدينة الخليل في 1/1/2016 ليزفوا إلى مثواهم الأخير في عرس جماعي مهيب.

أصدقاء في الجنان

في اليوم الذي استشهد فيه عبد الله عزام شلالدة في عملية الاغتيال بمستشفى الأهلي، ثارت دماء الشبان في بلدة سعير، وكانت روح أخرى تحلق في سماء الشهادة، إنها روح الشهيد محمود محمد عيسى شلالدة (17 عاما)، والذي ارتقى مساء 12/11/2015 في مواجهات عنيفة في بلدة سعير كانت روحه ملتصقة بروح شخص آخر ما لبث يعاني سكرات الشوق لمن فارقه بغتة ولم يعد.

الشهيد أحمد يونس كوازبة (17 عاما) كان الشق الآخر لروح كانت في جسد واحد.

وبعد مرور 55 يوما على استشهاد زميل الدراسة وصديق العمر محمود، قرر أحمد أن يلحق بصديقه، وتقول والدته أم أسامة إن أحمد بدا حزينا ومنطويا على نفسه، وبدا أكثر هدوءًا من ذي قبل.

الشاب الوسيم ذو الصوت الملائكي والصوت البديع في ترتيل القرآن، كان يفكر جديا في الالتحاق برفيق دربه الشهيد محمود شلالدة.

كان الشهيد متفوقا، ومن طلاب دور القرآن الكريم، وكان يحفظ عددا من أجزاء القرآن الكريم، ومن طلاب التوجيهي في مدرسة سعير الثانوية.

وبحسب ما ذكر والده الشيخ يونس كوازبة؛ أنه أيقظ أحمد مع بقية أفراد الأسرة لصلاة الفجر، ولم يشاهده حتى أتاه خبر استشهاده بعد ظهر الثلاثاء 5/1/2016.

وفي تمام الساعة السادسة والنصف من صباح الثلاثاء غادر الشهيد منزله في حارة كوازيبة، كان بشوشا ضاحكا بحسب ما ذكر أحد المواطنين، الذي نقله في سيارته في طريقه إلى مدينة الخليل، وقبل خروجه سألته والدته عن وجهته، فقال لها إنه ذاهب لأداء امتحان التجريبي للثانوية العامة في مدرسة سعير. 

وقد نشرت وسائل الإعلام الصهيونية أن أحمد طعن جنديا صهيونيا على دوار عتصيون شمال الخليل، وأطلق جنود الاحتلال النار عليه، ما أدى إلى استشهاده على الفور.

والشهيد أحمد هو ابن القيادي في حركة حماس الشيخ يونس كوازبة أحد أعمدة الإصلاح في بلدة سعير، وكان له الأثر الكبير في تربية الجيل، وكان مشرفا على دور القرآن الكريم، وهو أسير محرر من سجون الاحتلال، وله ابن أسير في السجون الصهيونية.

وبالرغم من تكالب الأمراض والمحن على الشيخ كوازبة إلا أنه ظل متماسكا قويا لحظة استقباله جثمانَ ابنه الشهيد.

وأكد الشيخ كوازبة أن الشهداء من أمثال ابنه لم يتحملوا هول ما يفعل الاحتلال بنا نحن الفلسطينيين؛ فقلوبهم الطرية لا تتحمل فراق أحبابهم وأصدقائهم بجرائم الاحتلال.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام تصاعدت أعمال المقاومة بالضفة الغربية المحتلة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، ورصد مركز معلومات فلسطين "معطى"، تنفيذ...