الأحد 04/مايو/2025

العبودية الجديدة

جهاد أبو ريا*

استعباد العامل الفلسطيني وابتزازه داخل “اسرائيل” يبدأ بإلزامه الحصول على تصريح لكي يتمكن من العمل. التصريح بالعمل يعطى لصاحب العمل “الاسرائيلي” وبموجبه يتم السماح للعامل الفلسطيني العمل فقط عند صاحب العمل المحدد والمعين.

ينتج عن ذلك أن نحو ثلث العمال الفلسطينيين الذين يصل عددهم الى عشرات الالاف يتم ابتزازهم ويضطرون الى دفع رسوم سمسرة لصاحب العمل “الاسرائيلي” للحصول على تصريح بمعدل 1800 شيكل للشهر الواحد أي حوالي 22 الف شاقل للسنة، بهذه الطريقة يتم ابتزاز العمال الفلسطينيين بمئات ملايين الشواقل بالسنة الواحدة. هذا الابتزاز تعلم به السلطات “الاسرائيلية” وتعلم به ايضا السلطة الفلسطينية وكلتاهما لا تحركا ساكنا لوقف هذه الجريمة.

صاحب العمل “الاسرائيلي” لا يحترم حقوق العامل الفلسطيني ولا يدفع له أجرته ولا المستحقات كما يلزمه القانون، ورغم ذلك فإن العامل الفلسطيني يخشى المطالبة بحقوقه لأنه اذا فعل ذلك فان صاحب العمل “الاسرائيلي” يبطل تصريح العمل وحينها يكون تواجد العامل الفلسطيني غير قانوني مما يعرضه للاعتقال وحتى السجن، وتصل ببعض أصحاب العمل “الاسرائيليين” بالتصريح عن العامل الفلسطيني زورا وبهتانا أنه يشكل خطرا أمنيا حينها يمنع منه الحصول على تصريح بالمستقبل.

العامل الفلسطيني يخشى أن يرفض طلب صاحب العمل “الإسرائيلي” للعمل في ظروف خطرة جدا وهذا ما يفسر ايضا عدد الاصابات والوفيات الكبير في صفوف العمال الفلسطينيين.

أما اذا قرر العامل الفلسطيني التوجه إلى محاكم العمل “الإسرائيلية” للحصول على حقوقه فيجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى المحكمة لأنها عادة ما تلزمه بإيداع مبالغ مالية كبيرة في المحكمة كشرط لقدرته على تقديم دعوى مع العلم أن الاوضاع الاقتصادية لمعظم هؤلاء العمال لا تسمح لهم بذلك. 

الزام العامل الفلسطيني بالحصول على تصريح من صاحب العمل “الإسرائيلي” وقدرته بالعمل فقط عند صاحب العمل المحدد ينتج عنه استغلال واستعباد وابتزاز للعامل الفلسطيني، بهذا الارتباط يتم “ترويض” العامل الفلسطيني ومحاولة هزم نفسيته وكأن لا حول له ولا قوة إلا بمساعدة الاسرائيلي، هذا الارتباط يمكن تسميته بـ “العبودية الحديثة”.

في الكثير من الاحيان “يشتري” العامل الفلسطيني تصريح العمل من صاحب العمل المعين لكنه بالواقع يعمل عن صاحب عمل اخر، وهذا يعرضه بشكل اكبر للابتزاز والاستغلال.

يجب الاشارة ‘لى أن الوضع يختلف بالنسبة إلى العمال الاجانب حيث يحصلون على تصريح عمل داخل “اسرائيل” وهم غير ملزمين بالعمل عند صاحب عمل محدد ومعين مما يتيح أمامهم الفرصة للبحث عن أفضل مكان دون أن يكونوا معرضين للابتزاز.

* ناشط حقوقي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام48، والمقالة نقلا عن صفحته بموقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات