محسن صالح: فلسطين تجمع ثلاثية المكان والمكانة والتمكين

قال محسن صالح رئيس مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات إن فلسطين في قلب كل من يؤمن بقيم العدالة والحرية والأخوة والاستقلال، وإن فلسطين تجمع ثلاثية المكان والمكانة والتمكين. 

وأفاد مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” في طهران أن الدكتور محسن صالح زار يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين (8ـ9 ديسمبر 2015) طهران بدعوة من وزارة الخارجية الإيرانية للمشاركة في حفل تدشين ترجمة كتاب “القضية الفلسطينية، خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة” الذي قام بترجمته الموقع الفارسي لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، وطبعته دائرة الطباعة والنشر للخارجية الإيرانية.

وشارك في الحفل عدد من مسؤولي وزارة الخارجية الإيرانية، وممثل حركة حماس بطهران الدكتور خالد القدومي، وممثل جهاد الإسلامي ناصر أبو شريف، وعدد من سفراء الدول الإسلامية والعربية والناشطين الإيرانيين في مجال العمل الفلسطيني.

وفي كلمة له في هذا الحفل، شكر مؤلف الكتاب رئيس مركز الزيتونة للدراسات د. محسن صالح كل من ساهم في ترجمة كتاب “القضية الفلسطينية، خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة” إلى اللغة الفارسية وطباعته، معربا عن سعادته لذلك، وأضاف إنه أيضا تمت ترجمة الكتاب إلى اللغة الإنجليزية، واللغة الماليزية، والروسية، والأندونيسية والألبانية.

وصرح أن هذا الحفل ليس في جوهره تكريمًا لشخصي أو للكتاب، بل هو تكريم لفلسطين وللقضية الفلسطينية، وتأكيد على مكانة هذه الأرض المباركة المقدسة في قلب كل مسلم وفي قلب كل من يؤمن بقيم العدالة والحرية والأخوة والاستقلال.

وأكد الدكتور صالح أن فلسطين تجمع ثلاثية المكان والمكانة والتمكين، المكان حيث الموقع الاستراتيجي الذي يجمع جناحي الأمة الإسلامية في آسيا وأفريقيا، والمكانة فهي أرض مباركة وأرض مقدسة، وأرض الأنبياء، وأرض الإسراء وبوابة الأرض  إلى السماء.

وأضاف إن مكانة فلسطين وقدسيتها ارتبطت بالجهاد في سبيل الله، فهي أرض الصراع بين الحق والباطل؛ حيث تعرضت فلسطين إلى 13 غزوا واحتلالا عبر تاريخها، لكن هذه الغزوات والاحتلالات زالت، واليوم تتعرض فلسطين إلى الغزو الصهيوني، وهو غزو سيهزم وسيزول باذن الله.

وشدد د. محسن صالح أن زوال الغزو الصهيوني يشكل مدخلا مهما للنقطة الثالثة المرتبطة بالتمكين، لأن المشروع الصهيوني في فلسطين لا يستهدف الفلسطينيين وحدهم ولكنه يستهدف المنطقة العربية والإسلامية وشعوبها. وإن بقاء هذا الكيان مرتبط بضعف وتخلف وانقسام ما حوله أي البيئة الاستراتيجية المحيطة به، وإن النهوض الإسلامي في المنطقة مرتبط بزوال هذا الكيان.

وقال رئيس مركز الزيتونة للدراسات أن فلسطين تعرضت لمؤامرة كبرى منذ مطلع القرن العشرين، وها نحن بعد نحو مائة عام على الاحتلال البريطاني لفلسطين، وبعد نحو 67 عاما على إنشاء الكيان الصهيوني على 77 % من أرض فلسطين، وبعد 48 عاما على احتلال باقي فلسطين، نجد أنفسنا في حالة مأساوية وحتى تلك التي انسحب منها العدو في قطاع غزة لم تتحرك بالكامل بسبب الحصار الشامل عليها.

واستطرد قائلا: اليوم نصف شعب فلسطين أي حوالي 6 ملايين يعيشون خارج فلسطين، وحتى في فلسطين التاريخية فهناك نحو مليوني فلسطيني هم من لاجئي الأرض المحتلة سنة 1948، فقضية اللاجئين الفلسطينيين اليوم هي أكبر قضية لاجئين في العالم بالنسبة إلى عدد السكان، حيث يعد نحو 67 % من أبناء فلسطين لاجئين، أي ثلثي الشعب.

وأكد د. محسن صالح أن قضية اللاجئين هي اقدم قضية لاجئين في العالم لم تحل حتى الآن منذ 67 عاما، وهي أكثر قضية حصلت على قرارات دولية بحق العودة، حيث حصلت على أكثر من 120 قرارا من الأمم المتحدة بحق اللاجئين في العودة إلى فلسطين المحتلة 1948، هذا فضلا عن أكثر من 400 قرار دولي آخر متعلقة بتأييد القضية الفلسطينية.

وحول الوضع الفلسطيني القائم، قال: اليوم، القدس والمقدسات وخصوصا المسجد الاقصى تعاني من الاعتداءات الصهيوني ومن مشاريع التهويد وتشويه المعالم وتزوير التاريخ. وبينما يقع قطاع غزة الصامد تحت حصار خانق، فإن الضفة الغربية تعاني من الاحتلال والاستيطان وبرامج التهويد.

وحول عملية الاستيطان المتواصلة في الضفة الغربية؛ أكد رئيس مركز الزيتونة للدراسات أن عدد المستوطنيين الصهاينة زاد من نحو 280 ألفا عند توقيع اتفاق أوسلو إلى نحو 750 ألفا في هذه الأيام، وهناك 180 مستوطنة بالإضافة إلى حوالي 200 بؤرة استيطانية، وهذا فضلا عن الجدار العنصري الحاجز الذي يصادر نحو 12% من أراضي الضفة الغربية.

وتطرق د. محسن صالح إلى عملية السلام، وقال: إن اتفاقات أوسلو قد أثبتت فشلها، حيث وصل مشروع التسوية إلى طريق مسدود، وحتى حل الدولتين الذي وافق عليه جزء من الفلسطينيين بقيادة منظمة التحرير يكاد ينهار عمليا وواقعيا، لأن الجانب الصهيوني لم يرغب في عملية سلام حقيقية، وكان يدير عملية التسوية، ولكنه لا يسعى فعليا إلى التسوية، فهو كان معنيا بإدارة المفاوضات، وليس بالوصول إلى حل عن طريق المفاوضات.

وعن السلطة الفلسطينية، قال إن الشعب الفلسطيني اليوم أمام سلطة عاجزة؛ فبدل أن تتحول من حكم ذاتي إلى دولة مستقلة، وجدناها تراجعت مع الزمن إلى أداة وظيفية تخدم أغراض الاحتلال أكثر مما تخدم الشعب الفلسطيني وتطلعاته في الحرية والاستقلال.

وواصل رئيس مركز الزيتونة للدراسات حديثه في حفل تدشين الكتاب، قائلا إنه رغم ما حصل ويحصل للشعب الفلسطيني، إلا أن هذا الشعب صابر صامد في أرضه، وبشائر التغيير والتحرير بدأت تتراءى من بعيد وتقترب، وانتفاضات هذا الشعب تتوالى وتتابع دونما توقف، والمقاومة الفلسطينية البطلة في قطاع غزة صمدت في ثلاث حروب في الست سنوات الماضية.

كما أكد أن عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية سيتجاوز خلال عام من الآن عدد اليهود، ليصبح الفلسطينيون وبالتكاثر الطبيعي أغلبية مرة أخرى على أرضهم، وهذا يحصل بعد مائة عام من إطلاق المشروع الصهيوني، وهو أمر يقلق قادة الصهاينة ويؤرقهم.

وحول البيئة المحيطة بفلسطين، قال الدكتور محسن صالح إن المنطقة المحيطة بفلسطين تشهد تغييرات هائلة والبيئة الاستراتيجية تعيش حالة من التشكل وإعادة التشكل، وهي حالة ستصب في النهاية نحو نهوض الأمة وإنهاء أنظمة الفساد والقمع والاستبداد، وبالتالي نحو تحرير فلسطين.

كما أنه أشار إلى أن المجتمع الدولي أصبح أكثر تعاطفا مع فلسطين وقضيتها، وأصبح أكثر ضيقا بالعبء الذي يمثله الكيان الصهيوني على كاهل الإنسانية، خصوصا أنه يمثل آخر شكل من أشكال الاستعمار التقليدي الذي زال من كل أرجاء العالم، وآن له أن يزول عن فلسطين.