الأحد 11/مايو/2025

حقوق الإنسان في إسرائيل 2015.. من سيئ إلى أسوأ

حقوق الإنسان في إسرائيل 2015..  من سيئ إلى أسوأ

على شرف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي يوافق اليوم الخميس، نشرت “جمعية حقوق المواطن” في الأراضي المحتلة عام 48، كما في كلّ عام، تقريرَها السنوي “حقوق الإنسان في إسرائيل- صورة الوضع للعام 2015”.

يهدف التقرير إلى توفير تغطية مستجدّة لحالة حقوق الإنسان في الكيان الصهيوني والأراضي الفلسطينية المحتّلة، ويعرض الاتّجاهات الأساسّية في وضع حقوق الإنسان في العام المنصرم، والانتهاكات الأكثر خطورة وفظاظة التي وقعت خلاله.

في حين خلص تقرير صورة الوضع للعام 2014 إلى القول إن “إسرائيل وصلت إلى ذروة جديدة في العنصرية والتحريض وظهور ديموقراطيتها والمجتمع الإسرائيلي بمنتهى ضعفهما، يبعث تقرير هذا العام على القلق من الانزلاق نحو الهاوية، ويكشف في فصوله الثلاثة عشر التدهور المستمر في حماية الحقوق المدنية”.

ويؤكد التقرير على أنّ النزعة في المس في الحق في سلامة الجسد والحق في الإجراء المنصف وحرية التعبير، والتي تجلّت العام المنصرم أثناء الحرب على غزّة، ازدادت خطورة هذا العام مع اندلاع الأحداث الدامية في القدس والضفة الغربية المحتلة.

ويشير التقرير إلى الظاهرة الأكثر خطورة التي برزت في الأشهر الأخيرة وهي عمليات إطلاق النار بهدف القتل التي ارتكبتها قوات الأمن الصهيونية ضد الفلسطينيين الذين نفّذوا عمليّات ضدّ إسرائيليين أو اشتبه بهم بذلك، في ظروف لم يكن فيها أي مبرر لإطلاق الرصاص وفق تعليمات إطلاق النار. في حين أن الحالات التي كان المشتبه بهم يهودًا، لم يُطلق النار على أيّ منهم (باستثناء شاب يهودي اشتبه من مظهره بأنّه فلسطينيّ).

ويلفت التقرير إلى الارتفاع الملحوظ في الاعتقالات الإدارية، حيث حولت سلطات الاحتلال منذ كانون الثاني وحتى آب 2015 ما يقارب الـ 390 معتقلا فلسطينيا إلى الاعتقال الإداري.

واستصدرت المؤسسة الصهيونية ضد 62 فلسطينيّا (مقدسيا ومواطنا عربيا) أوامر إبعاد إدارية تحظر عليهم الدخول لباحات المسجد الأقصى، أو البلدة القديمة في القدس، أو القدس عموماً، كما تم ولأول مرة تنفيذ اعتقال إداري بحق قاصرين مقدسيين يحملون الإقامة الدائمة.

بغطاء “الوضع الأمني” قررت الحكومة الصهيونية من جملة أمور أخرى، السماح للشرطة باستخدام رصاص “روجر” ضد راشقي الحجارة، سواء داخل الكيان أو في شرقي القدس.

كما شرع وزير الداخلية الصهيوني بإجراءات لسحب الإقامة الدائمة لمقدسيين، وهدد بسحب الجنسية لمواطنين فلسطينيين يعيشون في الكيان يقول إنهم تورطوا في حوادث العنف بسبب “الإخلال بالأمن”.

وفي ظل تورّط القاصرين في الأحداث الأخيرة، اقترح وزراء ونواب مجموعة من التعديلات في التشريعات والإجراءات والتي تشذّ عن مبادئ قانون القاصرين.

كما طُرح من جديد “قانون التحسس”، والذي يتيح لأفراد الشرطة توقيف أي شخص وإجراء تفتيش ينتهك حرمة الجسد دون وجود أي شبهة ضده أو مبررات أخرى، وبالتالي فإنّه يدعو إلى التفتيش الجسدي التعسفي والمعاملة المهينة والتمييز.

وتؤكد “حقوق المواطن” على أن تصريحات مسؤولين وممثّلي جمهور في الكيان ساهمت في كثير من الأحيان في تأجيج المشاعر والتحريض بدلاً من محاولة تهدئتها، وحتى أنها شجعت بشكل علني على مخالفة القانون.

فقد نادى وزراء ونواب ومسؤولون في الشرطة الصهيونية بشكل صريح بالانتقام من منفذي عمليات الطعن، أو المشتبه بهم، وذلك من خلال قتلهم، وتشجيع الجمهور على حمل السلاح. 

جزء كبير من وسائل الإعلام تجنّد لتعزيز نهج مماثل، والجهات التي من المفترض بها أن تراقب عمل الشرطة، أي النيابة العامة وقسم التحقيقات مع الشرطة، وقفت صامتة حيال ما يجري.

في الفصل المتعلق بالعنصرية والتمييز، عبّرت “حقوق المواطن” عن قلقها إزاء الانتقال من الأقوال إلى الأفعال: عملية القتل في “مسيرة الفخر”؛ حرق كنيسة “الخبز والسمك”؛ إشعال المدرسة ثنائية اللغة؛ الاعتداءات الجسدية على طالبي اللجوء وغيرها، كلّها بدعم وإثارة التصريحات العلنية التي أدلت بها شخصيّات عامّة والتحريض العنصري على الشبكات الاجتماعية.

فيما يتعلق بالفلسطينيين في أراضي 48، رصد التقرير عدة ظواهر إقصاء وتمييز: فنادق “تحذّر” من مستجّمين فلسطينيين، مشروع إسكان يعد أصحابه المشترين المحتملين أن لا يبيعوا شققًا للفلسطينيين، شركة لتأجير السيارات تميّز زبائن فلسطينيين، التمييز في مجال التوظيف وغيرها.

وكما هو الحال في الأعوام السابقة، دُعمت ظواهر العنصرية والإقصاء من قبل تصريحات الساسة الصهاينة.

كما يظهر التقرير صورة قاتمة لواقع المواطنين الفلسطينيين البدو في النقب، إذ إن العام 2015 لم يبشّر بحدوث تغيير في السياسة التمييزيّة ضدهم في مجال الأراضي والتخطيط. هدم المنازل متواصل ولا توجد أي علامات لتعزيز سياسة تخطيط منصفة ومشارِكة في النقب، ويوضح ذلك الحُكمان اللذان صدرا هذا العام بما يخص قرية أم الحيران وأراضي العقبي.  

أما في شرقي القدس، فقد وصل التوتر والعنف ذروتهما في خريف 2015، إذ شهد المقدسيون المزيد من الاستخدام المفرط للقوة واستخدام غير المتناسب والمخالف لأنظمة تفريق المظاهرات، منها استخدام سائل المنتن كوسيلة للعقاب الجماعي في الأحياء المقدسية المختلفة وفي بيوتها ومدارسها، واستخدام الرصاص المطاطي الأسود الذي أدى إلى عشرات الإصابات وفقدان البصر لـ12 مقدسياً نصفهم من القاصرين، ومحاصرة الأحياء المقدسية بواسطة الحواجز الإسمنتية، وتطبيق مكثف وانتقائي للقوانين البلدية خاصةً ضد أفراد اشتبه بمشاركتهم بمظاهرات عنيفة.

وفي الفصل المتعلق بانتهاك حقوق الإنسان بالضفة الغربية المحتلة، جاء أن حادثة حرق عائلة الدوابشة في دوما الخليل تموز الماضي هي ذروةُ سلسلة طويلة من أحداث عدوانيّةٍ نفّذها المستوطنون ضدّ الفلسطينيّين وضدَّ ممتلكاتهم طيلَةَ سنوات: ابتداءً من الاستيلاء على الأراضي، التّنكيل أثناء قطف الزّيتون، حرق وقطع أشجار الزّيتون، وانتهاءً بالاعتداءات الجسديّة وحتّى حرق البيوت.

تحقيقاتٌ نُشِرَت هذا العام كشفت أنّ نشاطات “تدفيع الثّمن”، التي ابتدأت منذ عام 2008 والتي من المعتاد نسبها لحفنة من المارقين الذين يطلق عليهم “الأعشاب الضّارّة”، هي ظاهرة منظّمة وممأسسة، وأنّ جمعيّات مختلفة تشجّع تنفيذ نشاطات “تدفيع الثّمن” تحظى بتمويل من أموال الجمهور.

كما تطرق التقرير إلى معطيات تقرير منظمة “يش دين/يوجد قانون” الذي وصف القصور في كافّة مراحل التحقيق في لواء شرطة “شاي” في دعاوى فلسطينيّين مسّ بهم أو بممتلكاتهم مستوطنون إسرائيليّون.

وجاء في التقرير أنه فقط في 7.4% من تّحقيقات هذا اللواء تفضي إلى لوائح اتّهام، وأن احتمال أن تؤدي دعوى قدّمها فلسطينيّ في الشّرطة إلى تحقيق ناجع، العثور على المشتبه به، محاكمته، وأخيرًا إدانته هي 1.9% فقط.

حرية التعبير الفني والثقافي لم تسلم هذا العام أيضاً من تقييدات وهجمات من قبل وزراء ورؤساء بلديات، ابتداءً من إخراج مسرحية “الزمن الموازي” من السلة الثقافية، ومحاولات المسّ بميزانيات مسرح الميدان، وانتهاءً بمنع عرض عروض فنية وثقافية خارجة عن الإجماع الإسرائيلي في حيفا وبئر السبع والقدس ويروحام.

وجاء في تقرير “حقوق المواطن” أن الخطر الكامن على حريّة التّعبير والديمقراطيّة في  كافة هذه القرارات إضافة إلى ثقلها التّراكميّ، هو خلق أثر رادع وسلبي والذي من شأنه أن يخلق رقابة ذاتيّة للفنّانين وللمؤسّسات الثقافيّة، وأن تؤثّر على قرارات الصّناديق التي تموّل أعمالاً ثقافيّة وفنيّة.

المصدر: عرب48

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات