السبت 29/يونيو/2024

فشل عقيدة آيزنكوت يتجدد في انتفاضة القدس

فشل عقيدة آيزنكوت يتجدد في انتفاضة القدس
بالتقسيط يفرج الاحتلال عن إخفاقاته في كبح جماح “انتفاضة القدس”، وأن ما يجري من تصاعد وتيرة المقاومة الشعبية عصيّ على الكسر أو الامتصاص.

حتى اليوم لم ينجح الاحتلال في تحديد استراتيجية واضحة في التعامل مع “انتفاضة القدس” مكتفياً بالجنوح إلى أقصى اليمين في الإعدامات الميدانية وهدم منازل وإغلاق حواجز، وجديداً يتحدث عن إبعاد بالجملة إلى غزة.
 
وكشف تقرير عسكري صهيوني أمس عن جزء وصفه بالسري من “عقيدة آيزنكوت” يتحدث عن المفاضلة في السلوك العسكري بين المناطق المتوترة بتشديد الخناق عليها ومنح تسهيلات في المناطق الهادئة.
 
وتقوم عقيدة “غادي إيزنكوت” التي أتت سنة 2008 عقب هزيمة الاحتلال في  تموز 2006 وهي ثاني وثيقة في تاريخ الكيان، تصدر بعد وثيقة “بن غوريون” حول مبادئ الجيش عام 1950 على “الردع-الإنذار-تحسين الذراع البرّي-حماية الجبهة الداخلية” .
 
ونشر الاحتلال في أغسطس2015 جزءًا من العقيدة العسكرية في خطوة عُدّت نادرة من نوعها حين حدد الأخطار التي تتهده بـ”داعش-حزب الله-حماس” بعد زوال خطر الأنظمة العربية في دول الجوار.

“آيزنكوت وانتفاضة القدس”
ما يجري في قمرة قيادة “الجيش الإسرائيلي” وقيادة “الشاباك” لا يتعدى خطة عمل يومية تقوم على ردود الأفعال وتشديد الخناق ومراقبة الحدود والطرق، فـ”انتفاضة القدس” كانت بشبانها وسلوكها الشعبي خارج نطاق التوقع.

جنوح الجيش الإسرائيلي لتشديد الخناق على أكثر مناطق التوتر خاصة “القدس والخليل” لا يعني أتباعه استراتيجية محددة بقدر ما يعني فشله في توقع الضربة المقبلة.
 
ويؤكد حاتم أبو زايدة المختص في الشئون الصهيونية أن ما نشره الاحتلال كجزء من التسريب عن منح مناطق ومدن هادئة تسهيلات وتشديد الخناق على مدن تشهد مواجهات يومية غير دقيق في ضوء ما يسجله الميدان من إرباك واضح للجنود.
 
ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “عجزه عن كبح الانتفاضة يمنعه من الحديث عن عدم وجود استراتيجية في ذات الوقت الذي يرغبون فيه بعدم سقوط السلطة الفلسطينية لأنها كنز استراتيجي لهم تحفظ الأمن وتحد من تطور الانتفاضة”.
 
ويلجأ الاحتلال لتشديد الخناق عقب كل عملية مقاومة في أي مدينة وبلدة بالضفة بدءًا من الإعدام الميداني ونصب مزيد من الحواجز دون أن يميل لشن عملية موسعة مثل “السور الواقي” سنة 2002، تنهار بعدها السلطة وتنمو المقاومة.
 
ويشير المحلل أبو زايدة أنه بدأ مؤخراً يتحدث عن إجراءات جديدة للتضييق على أهالي القدس وسحب تصاريح آلاف العمال وترحيل أهالي منفذي العمليات لغزة بعد هدم بيوتهم.
 
أما المحلل العسكري العميد متقاعد يوسف شرقاوي فيرى أن السياسة العسكرية المؤكدة حالياً هي سياسة فرض الاستسلام مقابل الرخاء الاقتصادي وهي فلسفة تتحدث عنها دوماً القيادة السياسية والعسكرية.

ولا يبدو أن الاحتلال حسب متابعة المحلل شرقاوي يعمل وفق سياسة عسكرية سوى سياسات إذلال السكان وتكثيف الحواجز في ظل وجود سلطة فلسطينية تعيش أزمة قيادة لا توافق فيها بين التمسك بالسلطة ومرحلة التحرر الوطني.
 
ويتابع لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “ما يجري لقيادة السلطة هو وهم ووعود بامتيازات اقتصادية كرر الحديث عنها أيضاً وزير خارجية أمريكا جون كيري، ولا حاجة لأجهزة السلطة سوى جهاز الشرطة لينظم حياة الناس بالضفة”.

3 أشهر
وتقترب الانتفاضة من بلوغها 100 يوم محافظةً على وتيرة منتظمة من المقاومة الشعبية دون أن تتخذ شكلاً عسكرياً بحتاً، وتتركز في مناطق وتقل في أخرى، ولعل ردود الاحتلال عليها في القدس والخليل يعطيها زخماً أكبر.
 
ويرى حاتم أبو زايدة المختص في الشئون الصهيونية أن الانتفاضة تحقق مزيداً من الأهداف وأهمها إبقاء جذوة الصراع مشتعلة وإبلاغ العالم أن الاحتلال يمارس عدواناً على الفلسطينيين.
 
ويتابع: “حققت الانتفاضة عامل الرعب في الشارع الإسرائيلي ضاربة عقيدة آيزنكوت، وأفهمت قيادة الاحتلال العسكرية والسياسية أن استمرار تهويد الضفة والقدس أمر مستحيل”.
 
وتحرك الاحتلال منذ اندلاع الانتفاضة بين خطوات الإعدام وهدم المنازل والحصار ونشر الحواجز معبراً عن فشله دون أن يقوم بخطوات دراماتيكية متطرفة تؤدي لسقوط السلطة الفلسطينية.

ويقول المحلل أبو زايدة إن الرغبة على بقاء أجهزة أمن السلطة مصلحة صهيونية، والسلطة مطلب دولي، وإن اجتماع “الكابينيت” الأخير عارض رأي الوزير “بينيت” الذي شجع انهيارها خشية أن يأتي ما هو أسوأ منها.

وتوالت في الأيام الأخيرة تصريحات من عدة مستويات صهيونية أكدت فشل القضاء على الانتفاضة بالقوة وتحقيق الأمن للجبهة الداخلية، وهو ما يجعل عقيدة “آيزنكوت” وأخواتها حبراً على ورق.
 
ويقول المحلل شرقاوي إن تجديد الاحتلال في سلوكه العسكري، والذي كان آخره شق طرق خاصة للمستوطنين، لن يوفر الأمن لهم، بل رأى البعض فيه منح المهاجمين أهدافًا واضحة.

ويؤكد أن الاستعمار في أي زمان ومكان لا يتمتع بأمن مطلق، فلا بد من وجود ثغرات أمنية، لكنه يحاول دوماً إطالة عمره معتمداً على قوته المادية والعسكرية.
 
ورغم شمول الانتفاضة لمعظم مناطق الضفة إلا أن مكانة “القدس” المقدسة و”الخليل” بتاريخها العصي واحتضانها لكافة الانتفاضات يبقيها ساحة المواجهة الأولى في وقت يستطيع فيه أي فلسطيني طعن أو دهس الجنود في أي مدينة أخرى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات