الأحد 06/أكتوبر/2024

الشهيد عبد الله شلالدة.. ضحية إرهاب المستعربين بالخليل

الشهيد عبد الله شلالدة.. ضحية إرهاب المستعربين بالخليل

شكلت حادثة إعدام قوات الاحتلال الصهيوني للشهيد “عبد الله عزام الشلالدة”، صدمة في الأوساط الفلسطينية والحقوقية، كون العملية الإجرامية تمت داخل مستشفى مخصص لعلاج المرضى.
 
لكن الحادثة كانت أقسى بكثير على العائلة التي عاشت طوال سني عمرها قهر الاحتلال وقسوة العيش وها هي برحيل “عبد الله” تفقد معيلها الوحيد دون ذنب اقترفه.

الطفل الرجل  

توفي والد الشهيد “عبد الله عزام” بعد سقوطه من أعلى بناية مكونة من ثمانية طوابق خلال عمله داخل فلسطين المحتلة عام 48، حينها كان عبد الله، والذي سمي بهذا الاسم تيمناً بالشهيد القائد عبد الله عزام، لم يتجاوز عمره السنوات العشر، لكنه المعيل الوحيد لأسرته المكونة من ثلاث شقيقات وشقيق واحد.

انتقل عبد الله مبكراً من حياة الطفولة إلى حياة الرجال وتحمل المسئوليات، فكان يدرس ويعمل في آن واحد من أجل توفير لقمة العيش لإخوانه.

فعمل في كثير من الشركات والمؤسسات بالإضافة إلى التحاقه بجامعة بوليتكنيك فلسطين، التي استطاع التخرج منها رغم الحالة المعيشية الصعبة التي عايشها خلال فترة الدراسة.

وقبل 3 سنوات، اعتقلت سلطات الاحتلال عبد الله، بتهمة الانتماء لحركة حماس، والمشاركة في نشاطات طلابية تابعة للكتلة الإسلامية في الجامعة، وحكم بالسجن 14 شهراً أمضاها كاملة في سجون الاحتلال.
 
وبعد خروجه من السجن تزوج من ابنة عمه، وأنجب طفله الوحيد (عزام) الذي أسماه على اسم والده المتوفى، ليتركه يتيماً بعد 11 شهرا فقط على ميلاده.

عائد من الموت

 بتاريخ 25/10/2015 ذهب عزام عزات شلالدة (20عاماً)، وهو ابن عم الشهيد عبد الله وابن خالته في آن واحد،  إلى منطقة واد سعير لجني ثمار الزيتون، حيث ذهب إلى هناك وحيداً لاعتبار أن كمية الزيتون قليلة.

 وخلال تواجده في المنطقة المحاذية لمستوطنة “اسفر” المقامة على أراضي بلدتي الشيوخ وسعير، هاجمه مستوطن صهيوني، وأطلق عليه سبع رصاصات تحت ذريعة أن فلسطينياً آخر أطلق عليه النار وهرب.
 
ونقل عزام إلى المستشفى الأهلي بحالة خطيرة جدا حيث أصابت الرصاصات الكبد والأمعاء والأطراف فيما قطعت رصاصة الشريان الرئيس في الرقبة، ونزف عزام كمية كبيرة من دمه خلال نقله إلى المستشفى.

ويقول عمه الأسير المحرر زوادي شعبان، إن عزام أجريت له عدة عمليات في المستشفى وتم إيقاف النزيف، وظل في مرحلة الخطر لأكثر من أسبوعين؛ حيث بذل الأطباء جهداً كبيراً من أجل إيقاف النزيف الداخلي للشعيرات الدموية الدقيقة داخل جسمه، وبعد عناء استمر لأكثر من أسبوعين من تاريخ الإصابة استعاد عزام وعيه وبدأ يعود للحياة من جديد بعد أن فقد أهله الأمل.

موعد مع الشهادة
 
والدة عبد الله قالت إن ابنها كان يعمل في مصنع رويال للبلاستيك في مدينة الخليل، وكان بين الحين والآخر يذهب إلى المستشفى الأهلي بالخليل لمرافقة ابن عمه الجريح والاعتناء به.

وأضافت أنه في مساء 11/11/2015، اتصل بها عبد الله وقال لها إنه سيذهب بعد عمله إلى المستشفى الأهلي؛ كي يرافق ابن عمه الجريح، وكان معه في نفس الليلة شقيق الجريح عزام (بلال)، ونام ثلاثتهم في المستشفى حيث كانت مهمة المستعربين تدور حول المستشفى وبدأت جريمتها  في الخفاء. 

وبحسب فيديو مصور من كاميرات مراقبة المشفى في قسم الجراحة في الطابق الثالث، فإن العملية بدأت في الساعة الثالثة وخمسة وخمسون دقيقة وانتهت في الساعة الثالثة وتسعة وخمسون دقيقة.

دخل المستعربون إلى قسم الطوارئ في الطابق الأرضي، ومن ثم ارتقوا إلى الطابق الثالث، وهم يدفعون عربة يضعون عليها مستعربا متنكرا بزي سيدة على وشك الولادة، وبعد دخولهم إلى قسم الجراحة قسموا أنفسهم إلى مجموعات، واحدة منها ظلت مستمرة في طريقها إلى غرفة الجريح عزام.

أطلق المستعربون النار على عبد الله الذي كان يستعد لصلاة الفجر، وبعد أن كبل بلال في السرير الذي كان نائماً عليه، ووضعوا الجريح عزام على الكرسي المتحرك وذهبوا به بدون أي ضوضاء، واتضح فيما بعد أن الشهيد عبد الله تلقى أربع رصاصات من مسدس كاتم للصوت في الرأس والقلب واليد والساق، أدت إلى استشهاده على الفور.

استعراض مفضوح 

المستعربون الذين جاءوا لاختطاف الجريح شلالدة كان بإمكانهم الذهاب إلى منزله بعد خروجه من المستشفى الذي كان مقررا بعد يومين من تاريخ اختطافه، وبإمكانهم ألا يطلقوا النار على الشهيد عبد الله، وأن لا يقتحموا المستشفى لأن كافة القوانين الإنسانية والدولية وحقوق الإنسان تمنع منعا باتا اقتحام المشافي تحت أي ذريعة.
 
ولكن الاحتلال ووفق مراقبين حاول استرداد معنويات جنوده التي أذهبها أبطال الحجارة والطعن أدراج الرياح، والتي أظهرت هشاشة المنظومة الاستخباراتية والعسكرية، والجيش الصهيوني.

رحيل مؤلم واستهداف متواصل

رحل عبد الله شهيدا وترك خلفه زوجة لم يمض على زواجها عامان، وطفلاً لم يكمل عامه الأول، وأماً أثقلها الثكل والمرض والفقر، وشقيقا واحدا لم يبلغ الحلم. وشقيقات اعتدن أن يرين فيه الأب والأخ.

ونكاية في هذا العائلة الصابرة عادت سلطات الاحتلال إلى بيت الجريح (عزام) المكون من ثلاث غرف، تفتقر إلى أبسط ما تحتويه البيوت، وأخذت مقاسات المنزل بهدف هدمه، وذلك بعد أربعة أيام فقط من اختطافه.  

هذ العائلة بتاريخها الصعب الحافل بمراحل الحزن والأسى والقسوة والفقد؛ توجز تاريخ الشعب الفلسطيني الذي لم تتوقف معاناته منذ أن وطأ الاحتلال والاستعمار من قبله ثرى أرضه، لكنه حتى اللحظة صامد مرابط يتحدى عدوه ويصر على كنسه واستعادة أرضه ومقدساته.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات