السبت 09/نوفمبر/2024

الانتفاضة رسالة وهدف

د. ناجي صادق شراب

الانتفاضة ليست غاية في حد ذاتها، ولا يوجد شعب في العالم يخرج في حراك شعبي كل يوم ليعطل الحياة.

انتفاضة الشعوب لها أهداف وسمات مشتركة، كل الانتفاضات التي شهدتها شعوب العالم، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا وإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، هدفها واحد هو رفض هذه الشعوب لكل أشكال الاحتلال والاستعمار، وهدفها التحرر الوطني والكرامة الوطنية، والتخلص من كل أشكال الإذلال والإهانة الإنسانية.

ولعل أقصى درجات الإذلال البشري والإهانة الإنسانية هو الاحتلال، وهو أبغض أشكال القهر. وكما نقول إن الديمقراطية هي أسمى وأرقى ما توصل إليه العقل البشري كنظام حكم، بكرامة وإنسانية، فإن نقيض الديمقراطية هو الاحتلال، لأنه إجهاض لكل الممارسات الفطرية لحقوق الإنسان.

الاحتلال إلغاء لآدمية الإنسان وتحويله إلى مخلوق آخر غير بشري وأقرب إلى السلالات الحيوانية الأخرى التي تأكل وتسخر لخدمة الإنسان. فإشكالية الاحتلال تكمن في أنه يتعلق بهوية الشعب الذي يخضع له لأنه يعتمد على القوة وبطشها، والتعصب الأيديولوجي الأعمى الذي لا يرى إلا نفسه، ولا يرى في الشعب الذي يعاني الاحتلال إلا مجرد رقم بشري، أو كمية من الأفراد يتحركون من أجل الغذاء والملبس.

والإشكالية الكبرى أن هذا يحدث على الأرض التي يعيش فيها هذا الشعب منذ بداية وجوده، التي منها استمد هويته وكينونته، وبالتالي العلاقة هنا علاقة وجود وبقاء واستمرارية وديمومة، ففقدان هذه الأرض يعني فقدان الهوية والانتماء والارتباط.

الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد في العالم الذي يعاني الاحتلال، وهو الأكثر إدراكاً لمعنى الاحتلال “الإسرائيلي” لأرضه، وهو الأكثر معاناة من ذل الاحتلال بكل أشكاله، من اعتقال، وقتل، وطرد، وتدمير للمنازل ومصادرة للأرض وحصار.

الشعب الفلسطيني يعاني يومياً هذا الاحتلال بكل أشكاله منذ أن يصحوا حتى نومه، بل في أثناء النوم ذاته.

الاحتلال لصيق بحياة المواطن الفلسطيني، فكيف له أن يقبل بفقدان هويته، وشخصيته الوطنية؟ وكيف له أن يصبر على أشكال الإهانة اليومية، التي لو لحقت بأي مخلوق آخر لصرخ بأعلى صوته وقال كفى.

والإشكالية الأخرى أن “إسرائيل” بتعصبها الأيديولوجي، لا ترى في الفلسطينيين شعباً له حقوق إنسانية آدمية، ولو اعترفت بذلك منذ وقت طويل وتعاملت مع الفلسطينيين من منظور الحقوق الإنسانية، ثم الاعتراف بحقوقهم السياسية وحقهم في قيام دولة ديمقراطية مدنية، لوفرت على نفسها، وعلى غيرها الكثير من الدماء.

إن هذا الاحتلال لا بد أن ينتهي، وهذا هو قانون التحرر الذي كرسته كل الشعوب، وما على “إسرائيل” إلا أن تقرأ تاريخ الشعوب. فالاحتلال مصيره الزوال، إما بالقوة وإما بالطرق السلمية. الشعب الفلسطيني لا يقبل أن يخضع لغيره، ولن يقبل أن يذل أو أن تهان كرامته. لقد نجح الشعب الفلسطيني في الحفاظ على هويته، وهذا سر قوته واستمرار نضاله لاسترجاع حقوقه.

لقد فشلت «إسرائيل» على مدى الصراع الممتد في شطب الشعب الفلسطيني ومحو هويته، وهي لن تستطيع تطويعه وفرض الأمر الواقع عليه، لا الآن ولا غداً.

كاتب وأكاديمي من غزة 
نقلاً عن صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

14 عملا مقاومًا في الضفة خلال 24 ساعة

14 عملا مقاومًا في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام نفذت المقاومة الفلسطينية 14 عملا مقاوما متنوعا، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، ضمن معركة "طوفان الأقصى". ورصد مركز...

مظاهرات حاشدة في اليمن دعما لفلسطين ولبنان

مظاهرات حاشدة في اليمن دعما لفلسطين ولبنان

لندن- المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت مظاهرات حاشدة، الجمعة، في 14 محافظة يمنية بينها العاصمة صنعاء للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضمن...