أبو عاصف البرغوثي.. سليل عائلة قارعت جبروت المحتل

نور ووقار وهيبة وعزة تخرج من وجه هذا الرجل المجاهد الذي ما لانت له هامة، وما طأطأ رأسه في يوم من الأيام أمام أي ريحٍ عاصفةٍ؛ كانت أم هادئة، فكان هو “أبو عاصف” الرجل الثائر المقاتل العنيد المحب لفلسطين.
الشيخ عمر البرغوثي “أبو عاصف” والذي يزيد عمره عن (63 عاما)، ذاك المبتلى بأمراضٍ مختلفة ومتنوعة، وهو أحد أبرز المطلوبين لقوات الاحتلال الصهيونية ليعاد فجر اليوم اعتقاله.
عمر البرغوثي “أبو عاصف” ينحدر من قرية كوبر قرب رام الله، اعتقل في سجون الاحتلال ;أكثر من مرة، وأمضى ما مجموعه 26 عامًا، عشق “العاصفة” لأنَّها تريد أن تعيدَ للأرض كرامتها، ولفلسطين عزّتها فلبِسَ لَأْمَةَ المُقاتل، وسار يدافع عنها في كل الميادين، فكان نصيبه الأسر منذ عام 1978.
لم يكن أبو عاصف بالرجل العادي؛ فلقد كان المحتل يحسب له ألف حساب، فقام بنقله من سجن لآخر وأصدر بحقه الحكم تلو الآخر، ومع كل هذا وذاك رفض الاستكانة ولم تلن له قناة.
أكثر من ربع قرن هي المدة التي أمضاها الثائر الفلسطيني أبو عاصف يتنقل من سجن لسجن ومن معتقل لآخر، خرج بعدها في صفقة التبادل الشهيرة عام 1985، وأعيد اعتقاله مرات عدّة وما زال حتى الساعة رهن الاعتقال.
أبو عاصف “عمر” هو سليل عائلة مجاهدة شهد لها القاصي والداني بالبطولة والفداء والتضحية وحب الوطن فكان شقيقة نائل (أبو النور) عميد الأسرى الفلسطينيين، والذي أمضى 34 عاما بالسجون الصهيونية.
وهو ابن الحاجة (فرحة)، ومن لا يعرف الحاجة فرحة لا يعرف معنى الأمومة والفداء، فالحاجة فرحة هي صرخة فلسطين أمام أبواب الصليب الأحمر، وكانت دائماً ما تُغنّي لفلسطين وللأسرى والوطن، دهرا أمضته على أبواب المقرات الأممية، وهي تطالب بالإفراج عن الأسرى، انتقلت لجوار ربها دون أن يقف أولادها أمام قبرها، وقبل ذلك أمام قبر أبيهم.
أبو عاصف اعتقل جميع أطفاله، وأُصدِرَت بحقهم الأحكام الجائرة، وعلى الرغم من ذلك لم يجزع أو يقنط من رحمة الله فهو نوع من القيادات الذي لا يفصل أولاده عن شعبه وهو نموذج للفلسطيني الصنديد.
أبو عاصف في الأوقات القليلة التي يخرجها من السجن، وقبل أن يُعاد اعتقاله وتحويله للاعتقال الإداري كان يذهب للأرض التي يعشقْ، يزرع ويقلع ويفلح، فهو من ابتدع قصة شجرة زيتون عن كل عام أمضاه شقيقة نائل داخل الأسر.
كان أبو عاصف من ضمن ثلاثة شبان اعتقلهم الاحتلال من قرية كوبر شمالي رام الله في مطلع عام 1978م: عمر البرغوثي (أبو عاصف) وشقيقه نائل، وابن عمهما فخري؛ حيث قاموا ثلاثتهما بقتل أحد المستوطنين، وسرعان ما ألقي القبض عليهم -كان أولهم (وأصغرهم عمرًاً): نائل البرغوثي ولهذا هو اليوم أقدم الأسرى وعميدهم- وحكم عليهم بالسجن المؤبد، كان الثلاثة مثلهم مثل أغلب المواطنين الفلسطينيين المحافظين في تلك الأيام من مؤيدي حركة فتح ومناصريها، ومن المتأثرين بالمقاومة المسلحة التي كانت تقودها حركة فتح في تلك الأيام.
سمى عمر البرغوثي ابنه الأكبر عاصف تيمناً بالعاصفة الجناح المسلح لحركة فتح في حينه، وكان ثلاثتهم من المؤمنين بالعمل المقاوم المسلح في وقت كان غيرهم غارقاً في هموم الحياة والسعي خلف الرزق، وكان ثلاثتهم (لفترة من الزمن) من رموز حركة فتح في سجون الاحتلال، إلى حين بدأت حركة فتح تتنازل عن مسيرة المقاومة والكفاح المسلح وتلقي بسلاحها وترفع غصن الزيتون.
عمر البرغوثي “أبو عاصف” أطلق سراحه في صفقة التبادل مع الجبهة الشعبية القيادة العامة عام 1985م، ولعل نوعية الأسرى الذين حرروا في تلك الصفقة مثل الشيخ أحمد ياسين وأبو عاصف ودورهم في الانتفاضة الأولى وما بعدها جعل الصهاينة يندمون شديد الندم على تلك الصفقة، ودفعهم للتشدد في كل الصفقات التالية.
أبو عاصف لم تنته مسيرته المقاومة مع صفقة التبادل، بل بدأت (حتى عندما تركت فتح السلاح وركنت إلى مدريد وأوسلو)؛ فاستمر مؤمناً بالكفاح المسلح والمقاومة والجهاد، وعمل مع مهندس القسام يحيى عياش ووفر له المأوى والمساعدة، وعندما سجن عام 2003م كانت تهمته مساعدة خلية عين يبرود القسامية وتزويدها بالسلاح، كما عمل مع المقاومة بدون أي انحياز لتنظيم دون آخر، فقد حرص على أن يكون وحدوياً يعمل مع الكل ما دام الهدف هو محاربة المحتل الصهيوني.
أبو عاصف لم يعرف الانهيار أو الضعف عندما رأى زوجته في زنازين المسكوبية؛ حيث اعتقلها المحققون ليضغطوا عليه وليبتزوه، كما عرف أبناؤه سجون الاحتلال، وكان أول عمل قام به ابنه الثاني عاصم بعد خروجه من سجون الاحتلال قبل أربعة أعوام هو محاولة أسر أحد المستوطنين ليقضي اليوم حكماً بالسجن لمدة 12 عاماً على محاولته تلك.
يمضي البرغوثي وقته حاليا – قبل اعتقاله – على سرير الشفاء بعد أن أجرى عملية “قسطرة للقلب” وكان يستعد لعملية أخرى في الكلى، وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت بيته مرات متتالية خلال الأشهر الماضية وقد سلمته زوجته بلاغاً بضرورة تسليم نفسه.
وللضغط على المسن المريض، تؤكد أم عاصف: “أن سلطات الاحتلال عندما لم يسلم أبو عاصف نفسه، استدعوا أولاده للمقابلة، ولأنهم لم يذهبوا قاموا باعتقال نجليه، عاصف وصالح، للضغط على والدهم لتسليم نفسه، إلا أنهم اخبروا جيش الاحتلال انه في المستشفى ويتلقى العلاج، وقاموا بإطلاق سراحهما في وقت لاحق”.
وتنهى زوجة المطارد والمطلوب لدى سلطات الاحتلال المسن عمر البرغوثي:” إن زوجها أمضى في سجون الاحتلال 26 عاما، ومنها 11 عاما في الاعتقال الإداري، ولم يشفع له ذلك ، فيما لا يزالون يطاردونه ولا يريدون العلاج له وها هو يعاد اعتقاله!”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

أهالي طلاب مدرسة بنات القدس يحتجون على إغلاقها من الاحتلال
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام احتج أهالي مدرسة بنات القدس، يوم الأحد، على إغلاق قوات الاحتلال مدرستهم التابعة لوكالة الغوث وتشغيل...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...

الصحة بغزة: 19 شهيدا و 81 إصابة وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصول مستشفيات قطاع غزة 19 شهيدا، و 81 إصابة خلال 24 ساعة الماضية....

المقاومة توقع قوة إسرائيلية بكمين في حي الشجاعية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية مركبة في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمس السبت، أسفرت...

الاحتلال يقتحم مجمع المدارس في حلحول ويشدد إجراءاته العسكرية في الأغوار
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الطلبة بالاختناق، اليوم الأحد، جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة مجمع المدارس في بلدة حلحول...

إصابة مواطنين برصاص الاحتلال في بنت جبيل جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شخصان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، في بلدة مارون الراس الحدودية، قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان....