من يملك إنهاء الانتفاضة؟!

ويبدو هنا أن أصحاب الذاكرة القصيرة أو التحليل الرغائبي للأحداث يفترضون في هذه الهبّة أن تظل مستمرة بنَفَس تصعيدي واحد، وأن تشهد مواجهات واسعة بشكل يومي، وهو أمر مخالف لمنطق لأشياء، فكل الانتفاضات السابقة مرت بأيام هدوء تقابلها أيام تصعيد، وبلحظات سكون يعقبها حراك، ولن يكون كافياً أن تخفت وتيرة الأشكال الشعبية للانتفاضة لكي يكوّن أي أحد حكماً أو خلاصة بشأنها.
فحتى لو خفّت أشكال المواجهة الشعبية عند نقاط التماس مع الاحتلال (وهي قليلة أصلاً في الضفة منذ بداية الأحداث) فلا يجوز إغفال التطور المهم الذي حدث منذ بداية هذه الانتفاضة وهو عمليات الطعن الفردية اليومية، والتي تحدث بكثافة غير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني المعاصر. صحيح أنها لا توقع خسائر واسعة في صفوف الاحتلال، لكنها تحمل مؤشرات كثيرة على وجود تحوّل نوعي في وعي واستعداد هذا الجيل ومستوى إقدامه وتضحيته، وهو ما يعني أن الانتفاضة أسّست لحالة جديدة من الثقافة المقاومة، التي تجاوزت الأنماط المنظمة لها لتصبح مسؤولية فردية يستشعرها كلّ مستعدّ للتضحية، ويقدم عليها دون إشارة أو طلب من أحد، وهو ما عوّض حالة الإنهاك التي تعيشها المقاومة المنظمة بفعل الضربات المتلاحقة التي تعرّضت لها من قِبل الاحتلال والسلطة.
أما عن الاعتقاد بأن السلطة سيمكنها وقف المقاومة وعملياتها لو شاءت فهو مجانب للصواب وللمنطق السليم، لأن السلطة لم تكن في أي وقت مع خيار الانتفاضة أو الثورة أو المقاومة، وتصريحات عباس حول عبثية الانتفاضة كثيرة وحاضرة، وعلى مرّ السنوات الماضية عملت السلطة على منع الوصول إلى لحظة الاندلاع أو الانفجار، لكنها أمام النمط الشعبي الذي لا يتكئ على تنظيم بعينه تبدو عاجزة فعلاً عن إخمادها أو حتى محاولة ذلك، لأن جانباً كبيراً من الغضب الشعبي سيتحول باتجاهها إن فعلت، خصوصاً مع حالة الإعدامات اليومية التي ينفّذها الاحتلال ومستوطنوه في مناطق الضفة، وما تفرزه هذه الحالة من غضب عام في الشارع، وما تنتجه من عمليات طعن متواصلة، وتتنوع مشارب منفّذيها.
أما الشهداء، فلم ينتظروا أن يتحدث أحد باسمهم ويستخسر دمهم وتضحياتهم، لأن المجاهد الذي أبصر واجبه ومضى في طريقه يعلم جيداً أنه إنما كان يؤدي واجبه ضمن مسيرة طويلة وحافلة بالدماء والأعمار المبذولة على الدرب، وهو لا ينتظر أجراً دنيوياً من أحد ولا تمجيداً أرضياً بعد رحيله، وحسبه الجزاء الأوفى في الآخرة، لأن (من جاهد فإنما يجاهد لنفسه)، أما من آثر الكلام والتخذيل وبثّ روح اليأس في أوساط الجمهور بحجّة الواقعية فهو إنما ينهل من عزيمته الواهنة ونفَسه القصير وقعوده المذلّ.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...