القدس في أيلول.. الألم يزداد توغلا في المدينة المحتلة

القدس المحتلة في شهر أيلول/سبتمبر لم يختلف حالها كثيرا عن الشهور الماضية، غير أن حملة التصعيد والتهويد ضد المدينة المحتلة ازادت بشكل ملحوظ وغير مسبوق، من خلال اقتحامات متسارعة للمسجد الأقصى ومحاولات محمومة لفرض التقسيم الزمني والمكاني فيه.

الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أصدرت تقريرا اليوم الخميس (1-10)، ووصل “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخة عنه، أوضحت فيه الانتهاكات والاعتداءات على المدينة خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

شهد المسجد الأقصى المبارك، تصعيدا غير مسبوق منذ بداية العام الحالي، لاسيما خلال الشهر الماضي، تزامنا مع الأعياد اليهودية، وعيد الأضحى المبارك؛ حيث ولأول مرة منذ عام 67 يقتحم المستوطنون الأقصى في وقفة عرفة ورابع أيام عيد الأضحى.

وتم فرض قيود مشددة على المصلين، وتحديد الأعمار للرجال في بعض الأحيان، ومنعت المرابطات “القائمة السوداء” من الدخول إلى المسجد، إضافة إلى قيام قوات الاحتلال مدججة بالأسلحة باقتحام المسجد الأقصى واعتلاء أسطح المصلى القبلي وقامت باطلاق قنابل الغاز والصوت، وعاثت فسادا في المصلى القبلي بـ”تحطيم الزجاج والأبواب، حرق السجاد” في محاولة لإخراج المعتكفين داخل المصلى، وتم اعتقال بعضهم من خلال المستعربين، إضافة إلى إغلاق أبواب المسجد القبلي بالسلاسل الحديدية.

وتواصل حكومة الاحتلال شنّ عدوانها على المسجد الأقصى المبارك، لتكريس سياسة تقسيمه زمانياً ومكانياً، ساعية إلى تدشين واقع جديد وتحويل الصراع القائم من صراع سياسي إلى صراع ديني، مستغلة موسم الأعياد اليهودية.

وسجل الهلال الأحمر الفلسطيني العشرات من الإصابات أثناء اعتداء قوات الاحتلال على المرابطين والصحفيين، معظمها حالات اختناق نتيجة إطلاق قوات الاحتلال الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ورشّ غاز الفلفل، إضافة إلى إصابة العديد من الشبان بالأعيرة المطاطية.

كما سُجّل في المسجد الأقصى اقتحام 1575 مستوطنًا، كان من أبرزهم اقتحام وزير الزراعة الصهيوني “اوري ارئيل”، إضافة إلى مجموعة من حزب الليكود، و34 من أجهزة المخابرات، و30 طالبًا بالزي العسكري و7 من أفراد الشرطة، و69 أدلاء سياحيين، إضافة إلى دخول 9019 سائحا أجنبيا.

وفي الشهر المنصرم، أصدرت حكومة الاحتلال 50 قرار إبعاد بحق المقدسيين، توزعت ما بين إبعاد عن المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة، ومدينة القدس، وشملت مواطنين ومرابطات وحراس المسجد الأقصى.

وفي محاولة من الاحتلال لتفريغ المسجد الأقصى المبارك، وفرض الواقع الجديد فيه؛ أصدر وزير الأمن الصهيوني جلعاد أردان قرارا بإعلان “المرابطين والمرابطات” داخل الأقصى تنظيما غير قانوني.

وسبق هذا القرار العديد من الإجراءات التصعيدية ابتداءً من سياسة منع النساء وخلق ما يسمى بـ”القائمة السوداء” للمنع التي تم العمل بها منذ آواخر شهر آب، وحجز الهويات كشرط للدخول.

وفي أواخر شهر أيلول، ذكرت حكومة الاحتلال أنها ستقوم بفرض الاعتقال الإداري بحق المرابطات؛ أي ما مدته 6 شهور بتهمة الاعتكاف بالمسجد الأقصى.

ولم يكن الأقصى وحيدا أمام عنجهية وتغطرس المحتل، فكانت الأماكن الإسلامية والأثرية مسرحا للتهويد والاعتداء؛ حيث أقيم مهرجان الخمور على أراضي مقبرة مأمن الله، بموافقة من بلدية سلطات الاحتلال، وبالتعاون مع وزارة السياحة الإسرائيلية والعشرات من شركات الخمور العالمية.

كما قامت “سلطة الطبيعة” باقتحام مقبرة باب الرحمة الملاصقة لجدار المسجد الأقصى من الجهة الغربية، ووضع الأسلاك الشائكة والسياج في الجزء الشرقي، وإحاطتها؛ تمهيداً للاستيلاء عليها ومصادرتها.

وأفاد نادي الأسير أن حملات الاعتقالات كانت الأشرس خلال شهر أيلول مقارنة بالأشهر السابقة؛ حيث تم اعتقال 194 مقدسيًّا، و159 اعتقالا ميدانيًّا، و135 اعتقالا خلال مداهمة المنازل.

وفصّل الاعتقال كما يلي: 16 سيدة مقدسية، 12 منهن اعتقلن من أبواب المسجد الأقصى وساحاته، 157 شابًّا منهم 121 قاصرًا.

وقامت جرافات الاحتلال بهدم 21 بركسًا ومنشآت تجارية، 15 بركسًا في بلدة جبع و6 بركسات في الطريق الواصل بين بلدتي عناتا وحزما، إضافة إلى تسليم أصحاب 3 محلات “مشاتل زراعية” إخطارات بالهدم.

إضافة إلى هدم منزل لعائلة العباسي في رأس العامود من بلدة سلوان بالقدس بحجة عدم الترخيص، كما استولى المستوطنون على منزل غير مسكون في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، يعود للمواطن جهاد سرحان، كما تم الاستيلاء على مبنى سكني يحتوي 12 شقة في نفس المكان.

صادقت بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، على تسمية الشوارع وشرق القدس بأسماء ذات دلالات تلمودية، كإجراء تصعيدي، وخطوة لتهويد المدينة وفرض الطابع اليهودي على ملامح المدينة العربية.

ومن بين الأسماء التي صادقت بلدية الاحتلال عليها: استبدال اسم “جبل الزيتون” بـ”هار همشحاة”، وصادقت أيضا على إطلاق اسم “شير همعلوت” على حي بمدينة سلوان، وتتعارض هذه الخطوة مع القانون الدولي الذي يمنع تغيير أسماء الشوارع في الأراضي المحتلة.

 والجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال غيّرت حتى اليوم أسماء 300 شارع وزقاق في مدينة القدس، في حين تعدّ هذه الخطوة جزءًا من ممارسات تهويد المدينة، وتغيير معالمها العربية الفلسطينية، من خلال عبرنة أسماء شوارعها، وتغيير ملامح السور، بالإضافة إلى نقش عبارات يهودية في بيوت بالبلدة القديمة، استولى المستوطنون عليها مؤخرا.

وأعلنت السلطات الصهيونية عن بناء 462 وحدة سكنية في كل من القدس والضفة الغربية موزعة كالآتي: 264 وحدة في مستوطنة “جبل أبو غنيم”، و78 وحدة في “النبي يعقوب”، و96 وحدة في المدينة الاستيطانية “موديعين”، و24 وحدة في “بسغات زئيف”.

كما أغلقت سلطة الطبيعة والآثار الصهيونية، وجمعية إلعاد الاستيطانية حديقة عامّة في بلدة سلوان بالقدس المحتلة، بحجة الكشف عن آثار توراتية في المنطقة التي تقع بجانب “حديقة سليمان” التوراتية القائمة على أراضي سلوان، وتحديدًا حي البستان المهدّد بالهدم، بدافع تهويد المكان وبذرائع توراتية وأمنية، حيث تبلغ المساحة التي تم إغلاقها دونمًا واحدًا.
 

قررت الحكومة الأمنية الصهيونية، توسيع الصلاحيات الممنوحة لقوى شرطة وأمن الاحتلال، لإطلاق الرصاص الحي على “راشقي الحجارة”، بحسب ما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ حيث ينص القرار على:

“السماح لقوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة عندما تكون حياة شخص ثالث معرضة للخطر، وليس فقط عندما يكون هناك شرطي مهدد، فرض عقوبات أقسى على البالغين من راشقي الحجارة بعقوبة السجن أربع سنوات على الأقل، والسماح بفرض غرامات أكبر على القاصرين وآبائهم”.