هديل الشهيدة.. الملاك الإنسان صدقت الله فصدقها

بعمر الزهور رحلت هديل الهشلمون.. رصاصات الحقد الصهيونية اخترقت جسدها الغض، وسقطت أرضاً وهي في نية الذهاب لإدخال السرور إلى قلوب الأطفال تقرباً لله، رحلت إلى الله وعمرها 18 عاماً، أنجزت فيه ما لا ينجز في ثلاثين عاماً.
وترك رحيل هديل في نفوس من عرفها غصة وغبطة، فهم يدركون أن هديل لو بقيت على قيد الحياة لغيرت الكثير الكثير، هديل ذات الأفكار الرائعة، هديل الحافظة للقرآن، الصابرة والمثابرة والقارئة، لم تعد موجودة الآن، فقد استشهدت بعد رفضها خلع نقابها على أحد الحواجز في الخليل، عندما أراد الجندي أن يفتشها، وكانت آخر جملة قالتها له: “أحضر لي مجندة تفتشني”.
إحدى صديقات الشهيدة هديل لم تحتمل نبأ إصابتها ومن ثم استشهادها، فأطلقت لذاكرتها العنان لتسترجع لحظات ومواقف جمعتها بالشهيدة، ونشرت ذلك على حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
تقول صديقة الشهيدة هديل التي تعرفت عليها منذ أن كانتا طفلتين تحفظان القرآن في المسجد سويا: “قررت قبل فترة أن أغلق حسابي الفيس بوك، وأن لا أعود له إلا بعد مدة طويلة، لكن لأجلك يا هديل قمت بفتحه لأكتب لك قدر استطاعتي، ومهما كتبت لكم، لن أستطيع أن أصف لكم كيف كانت هديل في آخر سنتين في حياتها”.
كانت هديل كما أخبرت صديقتها عنها إنسانة عادية مثل غيرها، لكنها بآخر فترة من حياتها قررت بأن تتعرف على الله بصدق، وأن تعبده حق عبادته فبدأت بالقراءة، والتعرف على الدين وعلى الله أكثر، وبالفعل قرأت كثيرا من كتب الفقه حتى هداها الله، واقتنعت، وكأنها عرفت ما هي العبادة الصحيحة.
بعد ذلك قررت هديل أن تلبس الحجاب الأبيض لاقتناعها التام به، ثم بعد فترة قصيرة قررت أن تلتزم وتحتشم أكثر حتى فصلت لبسها لوحدها، وقررت أن تلبس الحجاب الطويل الأسود (النقاب).
تقول صديقة هديل: “عندما أخبرتني بلبسها للنقاب استغربت كثيرا، وقلت لها يكفي لبس الحجاب والجلباب الأسود الطويل، وهي مقبلة على الحياة الجامعية، لكنها كانت مقتنعة تماما”.
أنهت هديل الثانوية العامة منذ شهرين وبمعدل جيد جدا بالفرع العلمي، ولأنها كانت صادقة مع الله قررت أن تدرس الفقه والتشريع، وبالفعل درسته، وداومت في جامعة الخليل.
تقول صديقة هديل: إن هديل حقا من أروع البنات في المسجد، وأكثرهن صبرا على الفتيات الصغيرات اللاتي كن يترددن على المسجد؛ فقد كانت هديل تحفظهن القرآن وتعلمهن الأحكام وتفسر وتشرح لهن بعض الآيات، بل وكانت تحضر لهن بعض القصص والهدايا، مع أن كل هذا لم يكن مفروضا عليها، عدا عن صبرها عندما كانت توصلهن لبيوتهن واحدة واحدة.
لكن الآن ليس هناك من يُحفظ هؤلاء الصغيرات، وليس هناك من يحضر لهن القصص والهدايا ويصبر عليهن، فقد رحلت هديل عند ربها، استشهدت من أجل نقابها الذي رفضت أن تخلعه، عندما كانت متوجهة لأحد البيوت في البلدة القديمة في الخليل.
وكما ذكرت صديقاتها، فقد كانت هديل تقدم بعض المساعدات لعائلات في البلدة القديمة وخصوصاً الأطفال، كان همها دائما أن تدخل السرور إلى قلوبهم.
تضيف صديقة هديل: “بعد نجاح هديل في الثانوية العامة كانت مشرفة المسجد قد طلبت مني إحضار هدية لها بمناسبة نجاحها، وقمت بشراء كتاب بعنوان “ماذا قدم المسلمون للعالم” وأهديتها إياه، ولن تتخيلوا حجم فرحتها به، وكم شكرتني عليه لأنها كانت تحب الاطلاع على هذه الأمور”.
وتضيف: “أتذكر عندما جاءت هديل في مرة من المرات لمشرفة المسجد وقالت بأنها تريد إعادة تسميع القرآن من جديد، مع أنها كانت قد ختمت القرآن حفظا منذ فترة، لكنها أرادت أن تثبت حفظها، وأن تحرص أكثر على حفظ وفهم القرآن”.
وتعبر صديقة الشهيدة عن عجزها عن وصف روعة هديل، وعن روعة إيمانها وإخلاصها وصدقها، وعن كيفية إعطائها للنصائح، وكيف كانت تنصحها بأن تصوم كل اثنين وخميس.
وقالت صديقتها: “ما زالت كلمات هديل تتردد في أذني: “فيحاء صومي يوم اثنين وخميس”، إنه حقا شعور رائع”، وعجزت صديقتها عن الإخبار عن مدى حب هديل لقيام الليل، وكيف كانت تنصح الجميع وتحثهم عليه، وكيف كانت تتحدث عن اللباس الواسع المحتشم بطريقة جميلة مقنعة.
كانت هديل إنسانة قارئة مثقفة، تقول صديقتها إن أول ما غير حياتها هو قراءتها لكتاب “لأول مرة أصلي”، وقد كان الكتاب المفضل عندها، وكانت الشهيدة تملك الكثير من الأفكار الجميلة، مثل التحدث بالعربية الفصيحة وصبرها على كل الاستهزاء الذي كانت تتعرض له، عدا عن أفكارها الريادية التطوعية التي كانت تخطط لتنفيذها.
وأنهت صديقة الشهيدة كلامها بقولها: “هديل صدقت في عودتها لله فصدقها الله، ونيالك يا هديل ستفطرين اليوم عند الله وعند الملائكة في السماء، أنت ملاك مر على هذه الدنيا، ستبقين بها وستبقى أفكارك، رحمك الله ورزقك الفردوس الأعلى وجمعنا بك”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...

الثاني خلال ساعات .. أمن السلطة يقتل مسنًّا في جنين
جنين - المركز الفلسطيني للإعلامقتلت أجهزة أمن السلطة -اليوم الثلاثاء - مسنًّا، وأصابت آخرين بإطلاق نار مباشر في الحي الشرقي بمدينة جنين، بعد ساعات...

حماس تحذر من تداعيات سلوك أمن السلطة على النسيج المجتمع
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت حركة حماس من تداعيات سلوكيات أجهزة أمن السلطة وتأثيرها على النسيج الوطني والمجتمعي، حيث قتل شاب برصاص...

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...