خالد مشعل: أي اتفاق تهدئة سيكون ضمن الإطار الوطني

قال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إن هناك خمس مشكلات تتصل بقطاع غزة يجب أن تحل حتى يكون هناك تثبيت للتهدئة مع الاحتلال، مشدداً في الوقت نفسه على أن غزة والضفة وحدة موحّدة، ونحن جزء من هذا النظام السياسي الفلسطيني، ونريد أن يكون هذا الحل في الإطار الوطني الفلسطيني ومشاركة جميع القوى.
وفي حوار شامل، نشرته صحيفة “العربي الجديد”، أكد مشعل على أن الكرة الآن في ملعب “إسرائيل”؛ فمنذ العام الماضي، تمّ إعلان التهدئة ووقف إطلاق النار، لكن أهل غزة لن يبقوا على هذا الحال وهم يموتون موتاً بطيئاً مع الاستفزازات “الإسرائيلية” ضد غزة واستفزازات “إسرائيلية” في الضفة.
وفيما يلي نص الحوار:
– نود أن نبدأ الحوار في الحديث عن موضوع التهدئة في قطاع غزة.. جرى في الأيام الأخيرة حديث عن لقائين حصلا بينكم وبين الوسيط الأممي طوني بلير، وأنّكم تقدّمتم على طريق البحث، وهناك تسريبات تتحدث عن ملامح اتفاق؟
تجري معاقبة قطاع غزة ومعاقبة الشعب الفلسطيني منذ تسع سنوات، لأنّه انتخب حركة “حماس” ومارس حقه الديمقراطي، كما تمّت معاقبة القطاع لأنّه قلعة للمقاومة والردّ على العدوان والحروب الإسرائيلية المتكررة.
عوقب القطاع وأهله بالحصار والتجويع والعزل عن العالم بإغلاق المعابر، ثم لاحقاً بتأخير الإعمار ومشاكل لا تنتهي، وبعد الحرب الأخيرة في العام الماضي، انتظر أهلنا في غزة تحرُّك المجتمع الدولي وتحرُّك السلطة الفلسطينية، حكومة الدكتور رامي الحمد الله، حكومة الوفاق الوطني، والجوار العربي، وتحرُّك كل الأطراف الإقليمية والدولية المعنيّة لحلّ مشاكل غزة، لكن لا شيء حصل، إلّا مبادرات من بعض الأطراف، في مقدمتها الإخوة في قطر وتركيا، وهي مبادرات مشكورة، لكن بقي هناك تقصير فلسطيني رسمي، وتقصير عربي ودولي في معالجة المشاكل القائمة في قطاع غزة.
نحن في حركة “حماس” معنيّون بشعبنا العظيم، في غزة والضفة وفلسطين 48 والشتات. هذا شعبٌ واحد وأرضٌ واحدة، ولا نقبل أن تُترك غزة تغرق في أزماتها، فانفتحنا على العالم كله.
تحرّك بعض العرب والمسلمين وأطراف إقليمية، قدّرنا هذا التحرك على الرغم من أنّه بطيء، كما تحرّك السويسريون لحل أزمة رواتب الموظفين، إذ إنّ هناك خمسين ألف موظف، للأسف، وقفت الحكومة الفلسطينية عاجزة وقصّرت في حلّ مشكلتهم. هم خمسون ألف فلسطيني أداروا القطاع وتحمّلوا مسوؤلياته في أصعب الظروف. هؤلاء يعيلون حوالي خُمس سكان غزة. ويتحرك السويسريون بورقة لحل المشكلة من خلال تصنيفات معينة، لكن حتى الآن لا تفي بكل المطلوب.
وهناك تحرك نرويجي حول موضوع الإعمار، لكنّه لا يزال بطيئاً ونظرياً. كما شهدنا تحركاً من مبعوثي الأمم المتحدة، نيكولاي ملادينوف، وروبرت سري، ثم تحرّك طوني بلير الذي اتصل بنا والتقيناه.
هذه التحركات كلها، هي التي قامت بالمبادرة مع قيادة “حماس”. بعضهم زار قطاع غزة وبعضهم التقى بنا في الخارج. وكانت اللقاءات تهدف إلى كيفية حلّ مشاكل غزة، وإن كان هناك من إمكانية للاطمئنان على وجود هدوء أمني في غزة. طرح بعضهم الحديث عن هدنة، وبعضهم تحدث عن تهدئة، وبعضهم تكلّم عن بعض الإعمار أو بعض المدد الزمنية. أتى ردُّنا باختصار، وهذه هي حقيقة ما قلنا لهم: مشاكل غزة لا بدّ أن تحل.
هناك خمس مشاكل: الأولى، الإعمار وضرورة الإسراع بها. المشكلة الثانية، رفع الحصار وفتح المعابر. والمشكلة الثالثة، حل مشكلة الخمسين ألف موظف. وتكمن المشكلة الرابعة في إيجاد ميناء ومطار لغزة حتى تنفتح على العالم، لا لتكون بعيدة عن الضفة الغربية، بل لتكون جزءاً من هذا الوطن الفلسطيني، كما لا يصح أن تبقى غزة سجناً كبيراً، لا بدّ من فتح معبر رفح وفتح الميناء والمطار لتنفتح الأجواء أمام أهلنا في غزة. أمّا المشكلة الخامسة، فهي البُنى التحتية: المياه، الكهرباء والطرق والمجاري وغيرها الكثير.
قلنا لهم إذا حُلّت مشاكل غزة، تصبح هناك بيئة طبيعية لتثبيت وقف إطلاق النار الذي جرى في العام الماضي بعد الحرب الصهيونية على غزة، هذا هو موضوع التداول، ولا يوجد أي بُعد آخر.
لا نزال نقول موقفنا ونستمع إلى ملاحظات الآخرين. هم تحركوا طبعاً، وهذا يتطلب منهم أن يفحصوا الموقف الإسرائيلي؛ لأن “إسرائيل” هي من يحاصر القطاع. ويتطلّب فحص الموقف في مصر، فهي الجار الأهم لقطاع غزة، وفحص موقف السلطة الفلسطينية، لأنّها سلطة الجميع، والإخوة في رام الله والإخوة في حركة “فتح” والفصائل الفلسطينية هم شركاؤنا. كما يجب فحص المواقف العربية والأوروبية والأميركية. باختصار، نحن نريد العنب وليس قتل الناطور، أي حل مشكلات غزة.
لكن للأسف، هناك من يتّهمنا أننا نريد غزة دويلة، ونريد أن نعزل غزة عن الضفة. قلنا للجميع، غزة والضفة وحدة موحّدة، ونحن جزء من هذا النظام السياسي الفلسطيني، ونريد أن يكون هذا الحل في الإطار الوطني الفلسطيني ومشاركة جميع القوى، و”حماس” لا تبحث عن منافسة أحد ولا عن سلطة بديلة. نحن الذين نعاتب إخواننا منذ سنوات، ونحن سعينا إلى المصالحة وهناك خمسة ملفات للمصالحة؛ نريد الانتخابات وحكومة واحدة ومنظّمة التحرير.
نريد إجراء انتخابات لكل هذه المؤسسات في إطار السلطة ومنظمة التحرير. نريد إنجاز ملف الحريات العامة، ملف المصالحة المجتمعية، وهذا ما نطرحه.
نريد إعطاء اعتبار للمجلس التشريعي، نريد أن تكون هناك شراكة، نريد ديمقراطية وصناديق اقتراع. نريد شراكة فلسطينية وطنية في جميع أنواع القرار، السياسي والعسكري والأمني.
دعونا نقاتل معاً، دعونا نتحرك في السياسة معاً، وندير قرارنا الأمني معاً، ونتحمّل مسوؤلية شعبنا في الداخل والخارج معاً. هل يعقل أن تمضي هذه السنوات ولا يلتقي الإطار المؤقت لمنظمة التحرير؟!
– نفهم من حديثك أنّكم طرحتم خمسة شروط لخلق بيئة لتهدئة دائمة وتثبيت وقف إطلاق النار.. ماذا حمل طوني بلير من جانبه؟
بلير وغيره طرحوا فكرة تهدئة. في البداية، قالوا تهدئة لبعض السنوات، وقالوا هدنة. وكان جوابنا: لا نحتاج لا إلى تهدئة ولا إلى هدنة، لا نحتاج إلى مصطلحات جديدة. في أعقاب معركة “العصف المأكول”، التي كانت رداً فلسطينياً عظيماً على الحرب الصهيونية في العام الماضي على غزة، جرى إعلان عن وقف متبادل لإطلاق النار بالرعاية المصرية الكريمة. خرقت “إسرائيل” ذلك مرات عدّة، وتركت غزة تغرق في أزماتها وظلّ القطاع محاصراً، ولم يتم الإعمار. خلق هذا الأمر بيئة متفجرة، ولعلّ هذا الذي دفع الأطراف الإقليمية إلى التحرّك، لأنها تخشى أن تتحول غزة إلى قنبلة متفجرة.
للأسف، أقول بصراحة، ربّما بعض الأطراف القريبة أو البعيدة، راهنت أن ترك أزمات غزة من دون حلّ سيحوّلها إلى انفجار في وجه “حماس”، فاكتشفوا أنّ “حماس” صامدة، وأنّ الحاضنة الشعبية للمقاومة حاضرة، وأنّ الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وخصوصاً في غزة، صبور، وأنّ أي انفجار سيكون في وجه الاحتلال.
كما أنّ هناك غضباً على من خذل وقصّر في غزة، في ظلّ أزماتها، لذلك جاء هذا التحرك لمنع غزة من أن تنفجر في حرب جديدة، ونحن لا نريد حروباً. نعم، هناك مقاومة مشروعة ستظلّ مستمرة ضدّ الاحتلال، طالما هناك احتلال واستيطان، ستبقى المقاومة، لكن لا نسعى إلى حروب.
الحروب اعتادت عليها “إسرائيل”، في حربها على غزة وعلى شعبنا في الضفة، والاستيطان والتهويل وحرق الأطفال وتهويد القدس والمسجد الأقصى والاعتقالات والأسرى والإبعاد وغيره ومعاناة الشتات الفلسطيني في مخيمات الشتات في اليرموك وفي كل الأماكن. السؤال اليوم، كيف نحلّ مشاكل غزة؟ هذا هو المطروح ونحن لا مانع لدينا، نحن منفتحون على كل الجهود الفلسطينية، والدولية لها، من الرئاسة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية.
نحن منفتحون على الجهود العربية والإسلامية والإقليمية والدولية، ولا نخجل من الذي ينبغي أن يعاتب نفسه ومن قصّر في حرب غزة. سنتفاعل ونتعامل إيجاباً مع من يعرض حل مشاكل غزة، طالما أنّ ذلك لن يتم على حساب المصلحة الوطنية ولا على الثوابت الوطنية ولا حقوق شعبنا ولا على وحدة غزة والضفة كوحدة وطنية فلسطينية في إطار السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
– لو طلبنا منكم تقييم حصيلة الاتصالات حتى الآن، فهل تعدّها إيجابية؟
الاتصالات حتى الآن تبدو إيجابية، لكن حتى الآن لم نصل إلى اتفاق. لم نصل إلى شيء نستطيع أن نقول من خلاله إننا أمسكنا بيدنا شيئاً محدّداً. لا يزال هناك حديث، ولذلك نحن نتعامل مع هذه الجهود، مع من يتصل بنا ونعرض هذا على القوى الفلسطينية المختلفة. كنّا نتمنى أن نلتقي في الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، من أجل أن نتباحث في كل هذه القضايا، لكن لا شيء يحصل.
قبل أسابيع كان هناك حديث عن إعادة تشكيل حكومة الدكتور رامي الحمد الله، فقلنا لإخواننا في الرئاسة الفلسطينية ولإخواننا الأعزاء في حركة “فتح”، تعالوا نلتقي في إطار الفصائل الفلسطينية الموقّعة على اتفاقيات المصالحة، ولكن لم يستجيبوا.
قلنا تعالوا نلتقي في إطار القيادة المؤقتة، وهذا أمرٌ متفق عليه في مصالحة القاهرة والدوحة وفي اتفاق مخيم الشاطئ أيضاً، لكنّهم تحججوا بالمكان. نحن لم يكن لدينا مشكلة في المكان، جاهزون أن نلتقي في مصر أو في أي مكان آخر يسمح لنا باللقاء. عرضوا أن يكون هناك لقاء في رام الله، كيف نلتقي في رام الله وجزء من القيادات المهمة في الفصائل لا يستطيعون الذهاب إلى رام الله؟!
ثم يعرضون بالفيديو “كونفيرنس”، هذا غير معقول، هذه ليست مسوؤلية. إخواننا في الرئاسة الفلسطينية، إخواننا في حركة “فتح” هم شركاؤنا، لذلك كان الأصل أن يتحركوا هم من أجل حل هذه المشاكل. ومع ذلك، أقولها بكل وضوح، حتى ونحن نتحرك مع الأطراف الإقليمية والدولية لحل مشاكل غزة، لأنّها أمور لا بد أن تحل سريعاً، نحن منفتحون، بل هذا هو الوضع الطبيعي مع شركائنا في الوطن، ونريد أن يتم ذلك في ظل شراكة وطنية فلسطينية، وكلنا نتحمّل المسؤولية. غزة عزيزة علينا، الضفة والقدس عزيزة علينا، كل فلسطين عزيزة علينا. شعبنا في الداخل والخارج عزيز علينا. هذه مسؤوليتنا الوطنية.
– ما هو دور الأطراف الإقليمية والدولية؟ لقد سمعنا تصريح مستشار رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لصحيفة “الرسالة”، التي قال فيها إنّ المفاوضات حول مرمرة تسير بشكل متداخل ومتشابك مع مباحاثات “حماس” حول التهدئة، فماذا يقصد؟
زرتُ أنقرة قبل أيام، والتقيت بالرئيس رجب طيب أردوغان وبرئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، والمسؤولين الأتراك، ونحن دائماً على تواصل. لديهم قضية مع الإسرائيليين في ظل جريمة “إسرائيل” في قتل الأتراك على أسطول مرمرة الذي كان يريد فكّ الحصار منذ البداية.
أبلغَنا الأتراك، مشكورين، أنّهم يشترطون في حلّ أزمتهم ليس فقط رد اعتبار دماء وحق تسعة شهداء أتراك، بل رفع الحصار عن غزة، وهذا الأمر مشكورون عليه. كما أنّ هناك تفاصيل، هم أعلم بها وهذا الأمر يخصّهم، لكننا نشكرهم لأنّهم حريصون على رفع الحصار عن غزة.
أما في ما يتعلق بالتحركات الإقليمية، فهي لا تزال في إطار البحث، ونحن نصرّ على أن تنتهي كل مشاكل غزة وينتهي هذا الحصار الآن. هل هناك علاقة أو لا يوجد علاقة في مباحثات الإخوة الأتراك، قلت لك في هذه الزاوية، فقط ما يتعلق برفع الحصار، أمّا قرارهم فهو شأنهم ولا نتابع التفاصيل.
– ما هو الدور القطري في هذا الموضوع؟
القطريون لهم دور ليس فقط في مثل هذه التحركات الإقليمية والدولية، لأنّ المبعوثين الأوروبيين والدوليين، كما ا
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...

الأونروا: الاحتلال يحرم 550 طالباً في القدس من الوصول إلى مدارسهم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن سلطات الاحتلال تحرم 550 طالبا من...

قوات الاحتلال تواصل تصعيدها الميداني في مخيمي طولكرم ونور شمس
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ 104 على التوالي، ولليوم الـ 91 على مخيم...

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...