ذوو الإعاقة يخوضون غمار التوجيهي بخطى واثقة نحو التفوق

بفرحة كبيرة استقبلت عائلة الطالبة أمل يوسف صدقة من بلدة عنزة جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية نبأ تفوقها في الثانوية العامة وحصولها على معدل 97 %، متحدية إعاقتها الحركية، ومؤكدة أن الإعاقة لا تلغي الطاقة.

ولم تكن صدقة استثناءً في مسيرة أعداد كبيرة من الطلبة ذوي الإعاقة تتزايد كل عام ممن يلتحقون بالتوجيهي متفوقين، ويغادرون إلى جامعاتهم وهم يشقون طريقهم نحو المستقبل بكل ثقة، رغم ما يضعه المجتمع المحلي من عقبات.

وبذات الطريق خطت الطالبة أسيل زريقات من بلدة تفوح قضاء الخليل طريقها نحو التفوق بحصولها على معدل 96% في التوجيهي رغم إعاقتها البصرية الكاملة، وهو ما أثار الدهشة والتقدير لدى أهالي البلدة الذين احتفلوا بها، وأعربوا عن فخرهم بابنة بلدتهم.

وتقول أسيل إنها وضعت في نفسها التفوق، وسعت إليه، وبذلت كل الأسباب لتحقيقه، فكان ما أرادت، مشيرة إلى أنها ترغب في الالتحاق بالجامعة ودراسة أدب اللغة الانجليزية نتيجة شغفها باللغات.

وتؤكد أسيل أن الإعاقة جزء من التنوع الطبيعي في المجتمع، ولكن المطلوب هو تهيئة الظروف من أجل أن يتمكن الطالب الكفيف من الالتحاق بالمدرسة والجامعة والمؤسسة بسهولة ويسر.

ويشاطر الطالب الكفيف سند نصار من بلدة بيت قاد شرق مدينة جنين أسيل في موقفها، وهو الذي نجح في الثانوية العامة وحصل على معدل 81%، مشيرًا إلى أن المجتمع هو الذي يخلق المعيقات، وهو الذي يزيلها إن أراد.

ويقول نصار إنه يخطط لأن يلتحق بكلية الحقوق لرغبته في أن يكون محاميًا يدافع عن حقوق الضعفاء، ولا يرى نصار أن إعاقته البصرية كانت عائقًا أمام نجاحه في التوجيهي، ولن تكون عائقًا أمام إكماله دراسة الحقوق، وكذلك في أن يكون محاميًا متميزًا في المستقبل.

ويستطرد نصار قائلاً: “كل البشر يحتاجون أدوات مساعدة، وهل تتخيل موسيقارًا بدون آلة؟، كيف سيعزف؟، وكذلك نحن ذوي الإعاقة يمكن لنا أن نكون كما الآخرين في الحياة بشرط توفر الأدوات والمواءمات التي تضمن لنا الاندماج في المجتمع”.

ويبدي رئيس ملتقى البصيرة للمكفوفين في جنين مصطفى الجوهري إعجابه بالنتائج التي حققها طلبة التوجيهي لهذا العام، مشيرًا إلى أن ستة من ذوي الإعاقة تقدموا لامتحان التوجيهي لهذا العام في تربية جنين، وقد نجحوا جميعًا.

ويطالب الجوهري المؤسسات ووزارة التربية والتعليم والجامعات بأن تفرد منحًا لذوي الإعاقة، “فيكفي أنهم نجحوا وتفوقوا في مجتمع غير موائم ولا يوفر الظروف الكافية لإدراج ذوي الإعاقة”.

ويتوافق رئيس الاتحاد العام الفلسطيني للأشخاص ذوي الإعاقة رفيق أبو سيفين مع ما يطرحه الجوهري من ضرورة تبني كافة الطلبة الناجحين والمتفوقين في التوجيهي لهذا العام.

وأضاف: “طلبتنا من ذوي الإعاقة ينجحون ويتفوقون في بيئة طاردة لهم ولا توفر الإمكانات المناسبة، وهم دائمًا يبدعون رغم الصعاب، ولا بد من نظرة سياساتية مؤسساتية شاملة للرعاية الكاملة لهم حتى يتبوؤوا المواقع الطبيعية لهم في مجتمعهم”.