هل سيصمد محمود عباس؟

وكذلك من أسباب تعطيل المفاوضات تلويح السلطة الفلسطينية ببعض الخيارات الشكلية فارغة المضمون التي لا تحمل أي شيء من الجدية، كتلويح السلطة الفلسطينية بالتوجه للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكة “إسرائيل” على ما ارتكبت من جرائم خلال عدوانها الأخيرة على قطاع غزة، وتلويح الرئيس محمود عباس بوقف التنسيق الأمني مع “إسرائيل”، رغم تأكيد المجلس المركزي الفلسطيني في اجتماعه الأخير على وقف التنسيق الأمني، إلا أن ذلك لم يحدث ولم يطبق، كذلك تلويح محمود عباس بحل السلطة لم يحدث ولم يطبق، وبالتالي الإجراءات و”الفرقعات” الإعلامية للسلطة الفلسطينية التي كانت تطلق بين فترة وأخرى كان الهدف منها مناورة “إسرائيل” للضغط عليها لكي تجلس على طاولة المفاوضات، لكن في المقابل اعتبر بنيامين نتانياهو تلك الخيارات والإجراءات الفلسطينية السابقة هي إجراءات أحادية الجانب تنفيذها يؤزم عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبموازاة ذلك كان ومازال الاستيطان الإسرائيلي يلتهم الضفة الغربية ضارباً بعرض الحائض التوصل لاتفاق أو عدم التوصل لاتفاق بين الجانبين.
إن انشغال الحكومة الإسرائيلية بخلافاتها الداخلية خاصة التي كانت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وأفيغدور ليبرمان الذي طالب بضرورة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة وإعادة تشكيل حكومة ائتلافية جديدة كان لهذه الخلافات دور كبير في توقف عملية المفاوضات، كذلك انشغال الراعي الأمريكي للمفاوضات بقضايا إقليمية ودولية، يعتبرها الأمريكان قضايا أكثر أهمية لهم، كانشغالهم بملف المفاوضات مع طهران حول برنامجها النووي ومواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ومعالجة الأزمة السورية.
بعد ما تقدم من أسباب أدت لتعطيل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وتشكيل بنيامين نتانياهو حكومة إسرائيلية جديدة، فإن ثمة سؤالا بارزا يتوجب طرحه هذه المرة: هل سيصمد محمود عباس أمام تعطل المفاوضات مع “إسرائيل” خلال الفترة القادمة؟
أعتقد أن محمود عباس الآن أمام احتمالين، الاحتمال الأول وهو الاندفاع نحو المفاوضات مع إسرائيل كما كانت تجري في العادة وبوتيرة طبيعية سواء كان سبب الاندفاع تلقائية الرئيس محمود عباس ورغبته في استئناف المفاوضات أو نتيجة تدخل أوروبي ضاغط، خاصة أن تحريك ملف المفاوضات في الوقت الحالي يعد مطلب أوروبي وتحديداً فرنسي، خاصة وأن فرنسا قدمت مبادرة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين، وهذا الاحتمال وارد ومرجح وبقوة نتيجة مجموعة من العوامل وهي حالة الاحباط السياسي التي تسود داخل محمود عباس وداخل قيادات السلطة الفلسطينية بسبب حالة تهميش غير مسبوقة تعيشها القضية الفلسطينية، والضغوط التي تمارس من أجل تجميد أي تحركات وانشطة سياسية جديدة، في ظل الوضع الذي تعيشه المنطقة، وتجاهل الولايات المتحدة الامريكية للملف الفلسطيني على حساب ملفات أخرى، كذلك فشل المصالحة الوطنية وانسداد أفق إنهاء الانقسام الفلسطيني، وصولاً للمرونة العالية لمحمود عباس التي أظهرها لشمعون بيريس خلال مؤتمر ” المنتدى الاقتصادي العالمي” المنعقد في عمان، وخلال المنتدى وجه بيريس نصيحة لمحمود عباس يقول فيها “انطباعي هو الخروج من الأزمة و هناك حاجة ملحة للعودة إلى طاولة المفاوضات دعونا نعود إلى طاولة المفاوضات اخلع كل شروط مسبقة، هو أفضل نصيحة أستطيع أن أعطي لكم”، وقابل عباس نصيحة بيرس بقوله:” أنا مهتم بالسلام واريد العودة للمفاوضات”.
الاحتمال الثاني استمرار تمسك محمود عباس بالشروط المتمثلة بوقف النشاطات الاستيطانية، وإطلاق سراح الأسرى وخاصة الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، ومفاوضات لمدة عام ينتج عنها تحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال خلال مدة لا تتجاوز نهاية العام 2017م، من أجل العوة للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، لكن هذا الاحتمال ضعيف جداً لأن ” إسرائيل” ترفض هذه الشروط أو العودة للمفاوضات بشروط مسبقة، وبالتالي هذا الاحتمال يعني استمرار الجمود بين الجانبين وبقاء الوضع كما هو الحال عليه دون التأثير على سير اللقاءات التي تعقد بين قيادات السلطة الفلسطينية والقيادات الإسرائيلية العسكرية والمدنية خلف الستار دون أصداء.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

15 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....