الأحد 29/سبتمبر/2024

الحصار الإعلامي لغزة.. متاهة التفاصيل بانتظار استراتيجة التعطيل (تحليل)

الحصار الإعلامي لغزة.. متاهة التفاصيل بانتظار استراتيجة التعطيل (تحليل)

لوم الضحية وتعقيد الحلول وتهميش القضية.. ثالوث يستخدمه الاحتلال الصهيوني ضمن استراتيجية إعلامية مكثفة لحصار قطاع غزة، الأمر الذي يتطلب في المقابل خطة إعلامية مركزة للخروج من المتاهة التي يرسمها الاحتلال.

تلك الاستراتيجية الصهيونية للحصار كشف عنها الخبير الإعلامي حسام شاكر والذي طالب  بتطوير “استراتيجية كسر الحصار إعلامياً وجماهيرياً ومدنياً”.

وفي سلسلة من الفعاليات والندوات التي عقدت مؤخراً في أوروبا والعالم العربي، ومنها مؤتمر الهيئة الشعبية العالمية لدعم غزة الذي عقد الأسبوع الماضي في بيروت، قدّم حسام شاكر تحليلاً لاستراتيجية الحصار الإعلامية، والتي ترتكز على لوم الضحية، فيتم تحميل الواقعين تحت الحصار المسؤولية عن ذلك عبر ربط الحصار بذرائع متعددة ووضع شروط بمواصفات تعجيزية لرفعه.

ولاحظ حسام شاكر أنّ تناول قضية الحصار كثيراً ما يجري بحجب المتسبِّب به أو ضعف الإشارة إليه، حتى يتولّد الانطباع أحياناً أنها أزمة إنسانية ناجمة عن نكبة طبيعية أو جفاف أو شُح ذاتي في الموارد، وليست مترتبة على سياسات وإجراءات تم رسمها واتباعها من جانب أطراف محددة يمكن تشخيصها.  

متاهة التفاصيل وعرقلة التفاعل

 وتابع الخبير أنّ من يكترث بهذه القضية ويسعى للتفاعل العملي معها، يجد نفسه عالقاً في متاهة من التفاصيل المحيرة في كل ملفات الحصار الفرعية، وهكذا تم تصميم قضية الحصار لتكون فائقة التعقيد على نحو يعيق التدخلات الرامية لحل أزمات محددة كالوقود أو الكهرباء أو خروج المرضى للعلاج أو فتح المعبر أو إدخال مواد البناء أو الوفاء بتعهدات إعادة الإعمار. وقال شاكر: “مع هذه التعقيدات المفتعلة طوّرت أطراف الحصار قائمة من الحجج اللفظية التي تحاول معها التنصل من المسؤولية عن الضلوع في الجريمة، بينما تتواصل الجريمة على الأرض بلا هوادة”.

ولفت حسام شاكر الانتباه إلى أنّ التفاعل الإعلامي مع الحصار يواجه بعض المعضلات العملية، التي ينبغي التعامل معها لتحقيق ما تستحقه هذه القضية من مواكبة وتفاعل وتصعيد.

 وقال إنّ المعلومات المتعلقة بالحصار قد تكون متاحة في وسائل الإعلام بالفعل، لكنّ البُعد الغائب في الغالب هو تمكين الجماهير والنخب من المعايشة، وهو ما يمثل حالة أطلق عليها وصف “التعتيم الوجداني”. وإذا كانت المعلومات مهمة لتكوين المواقف والتصوّرات، إلاّ أنّ ضعف الإحساس الوجداني بحصار مليوني إنسان في قطاع غزة ينعكس على التفاعل والتحرّك، حسب شرحه.

مربع القضايا المزمنة

 وأضاف الاستشاري الإعلامي أنّ الحصار الذي مضى عليه قرابة عشر سنوات بات اليوم قضية مزمنة، تقوم على ضغوط مستمرة تفرض على الحسّ العام لدى الجماهير والنخب في العالم الاعتياد عليها والتكيّف معها، خلافاً للتطوّرات التي تبدو استثنائية ومفاجئة وصادمة مثل القصف والتدمير والمجازر فهي ما يستثير الغضب والتفاعلات العارمة.  

 وبناء على ذلك، اعتبر شاكر أنّ التحدي الجوهري يقوم على وضع قضية الحصار “في مركز الوعي العام، وإعادة تقديم هذه القضية بما يعين على إعادة تعريفها ذهنياً من قضية اعتيادية إلى قضية صادمة”. وقال موضحاً: “السؤال المطروح هو كيف يمكن تحريك التفاعل مع هذه القضية في أوقات تخلو من دويّ القصف وبرك الدم؟”. لكنه استدرك قائلاً: “لا يكفي شحن الجماهير وفئات النخب، بل ينبغي التوجيه إلى الاستجابات المطلوبة، وهذا يعني صياغة دقيقة لما ينبغي على كل فئة من الفئات النهوض به قياماً بواجبها في كسر الحصار”.  

استراتيجية التعطيل

 ومقابل استراتجية الحصار الإعلامية قدّم حسام شاكر مداخل لتفعيل قضية الحصار إعلامياً في الفضاء العالمي، بما يمثل تطويراً لاستراتيجية كسر الحصار في المجال الإعلامي والجماهيري والمدني.

ورأى شاكر مثلاً أنه من المهمّ “إعادة توجيه الضغوط الواقعة على الشعب تحت الحصار لترتدّ بأعبائها الأخلاقية وأثمانها المعنوية على الجهات الضالعة في الحصار، فلا غنى عن رفع كلفة الحصار على من يقومون به أو يتواطؤون معه بعدم إعفائهم من المسؤولية عنه”. وأضاف أنه من المهم في هذا السياق “تسليط الأضواء على السياسات والممارسات والتواطؤات التي تنتج الحصار ونسبتها إلى الأطراف الضالعة في ذلك”، كما قال.

ومن المداخل التي تتضمنها استراتيجية كسر الحصار، تطوير المقاربة الواقعية للحلول، وحشد التأييد لها من المجتمع المدني والحكومات، وإبرازها بشكل ضاغط. واعتبر شاكر أنّ التأهيل الرمزي لرصيف ميناء غزة يعبِّر بوضوح عن هذا التوجّه، قائلاً إنّ “المغزى في هذا هو إنعاش الوعي بالحلول المطلبية”.

وأبرز الاستشاري الإعلامي حزمة من خيارات التفعيل العملية، جاء منها مثلاً صناعة الحدث والمبادرة الميدانية في فعاليات كسر الحصار واشتقاق تحركات جديدة وخيارات مبتكرة، معيداً إلى الأذهان تجربة الزوارق والأساطيل التي حققت في وقتها تصعيداً للاهتمام العالمي بهذه القضية، لاسيما أسطول الحرية سنة ٢٠١٠، وقد باتت الحاجة قائمة لخطوات فعالة من نمط جديد”.

وشدّد حسام شاكر على أهمية التفاعل المتبادل بين شتى مسارات استراتيجية كسر الحصار، واستثمار مخزون الفرص الإعلامية في التحركات كافة، مثل التحركات القانونية والحقوقية مثلاً التي تمثل فرصة مميزة للضغط الإعلامي.

حالة التضامن

وتحدّث شاكر أيضاً عن ضرورة عدم الاكتفاء بالتضامن الإجمالي مع الشعب تحت الحصار بل تعزيزه ببعث حالة تضامنية ضمن القطاعات المتماثلة كل على حدة، مثلاً بتحفيز المسعفين في بلد معيّن على التضامن مع المسعفين تحت الحصار في قطاع غزة، أو تفعيل المنظمات المدافعة عن الطفولة للتحرك ضد عقوبات جماعية تستهدف سكان القطاع ومعظمهم من الأطفال. وقال شاكر إنّ هذا المنحى التفاعلي من شأنه تعظيم الجهود وتوسيعها إلى المجالات كافة، ويعين شتى الفئات والشرائح والأطر على معايشة قضية الحصار كل من زاوية اختصاصه أو مجال اهتمامه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

البرازيل.. مظاهرة تضامنية مع غزة ولبنان

البرازيل.. مظاهرة تضامنية مع غزة ولبنان

سان باولو – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الأشخاص في مدينة ساو باولو البرازيلية، السبت، احتجاجا على الهجمات الإسرائيلية في غزة ولبنان. ورفع...

استشهاد 17 ألف طفل في غزة منذ 7 أكتوبر

استشهاد 17 ألف طفل في غزة منذ 7 أكتوبر

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أفاد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة، اليوم الأحد، بأنّ نحو 17 ألفاً من أطفال غزة...