الثلاثاء 13/مايو/2025

أم ضياء الأغا.. بين ألم الفراق وأمل اللقاء بولديها الأسيرين

أم ضياء الأغا.. بين ألم الفراق وأمل اللقاء بولديها الأسيرين

في بيت صغير بالمساحة كبير بالصمود والعطاء جلست الحاجة نجاة الأغا بجوار صورة ولديها ضياء ومحمد الأسيرين في سجون الاحتلال، تترقب الإفراج عن الثاني خلال أيام وقلبها معلق بالأول الذي بات عميد أسرى قطاع غزة في السجون الصهيونية.

أطلقت الحاجة الستينية أم ضياء، تنهيدة عميقة وهي تقبل صورة ولديها الأسيرين وتحاملت على نفسها محاولة لملمة دموعها التي تسللت لتعكس وجع قلبها على ابنيها، وهي تقول: “طال الفراق والغياب، والشوق يقتلني كل يوم ألف مرة”.

دموع الألم

بدت دموع والدة الأسيرين وهي تتحدث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أبلغ من أي عبارات :”كل الأيام بالنسبة لي هي يوم أسير، هما لا يغيبان عن بالي لحظة واحدة.

واعتقلت قوات الاحتلال ضياء الابن الأول لأم ضياء قبل 23 عاماً في يوم (10-10-1992)، وهو لم يتجاوز عندها 17 عاماً ويقضي محكوميته البالغة مدى الحياة، ثم اعتقلت الابن الثاني محمد عام 2003  وحكم 12 عاماً وبقي أيام على موعد الإفراج عنه.

وعادت الأم الصابرة بذاكرتها إلى الوراء قبل 23 عاماً لتتذكر تفاصيل اعتقال ابنها ضياء  “كان يوما محزنا، نقلت إلى المستشفى بعد سماعي لهذا الخبر”.

وبدت أم ضياء مفتخرة بفعل ابنها الذي نجح في قتل مستوطن صهيوني، تبين أنه  كان أحد ضباط النخبة الصهيونية التي شاركت في اغتيال القادة كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار.

وقالت إنها تحتفظ بتفاصيل العملية كما نشرتها في حينه الصحف، فهذا ولدها الثائر الذي لم يسكت على الضيم والعدوان فتقدم وقتل أحد المستوطنين بفأسه.

وأطلقت تنهيدة عميقة، قبل أن تقول في كلمات متثاقلة: “كابوس يلاحقني فأخاف منه بشده وهو أن أموت قبل أن أرى ابني محرراً” لتردد بعدها لعنات الغضب على الاحتلال وتروي كيف مارست مخابرات الاحتلال بحقه شتى أنواع التعذيب والضغط والتهديد في سجن عسقلان “ما خلوا شكل من أنواع التعذيب إلا ومارسوه عليه”

توقفت لدقائق عن الكلام وقالت بعد أن أخذت نفساً عميقاً: “أصعب يوم بحياتي عندما حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن مدى الحياة، بعدها كنت أرى الحياة زوالات، كل الحياة أصبحت سوداء بالنسبة لي”.

اعتقال الابن ووفاة الزوج

وكأنه لم يكف وجع القلب باعتقال فلذة كبدها ضياء، فقام الاحتلال باعتقال ابنها الثاني محمد بتاريخ (5-5-2003) وحكم عليه بالسجن مدة 12 عاماً.

وقالت وهي تحاول حبس دموعها “أليس من الظلم أن تحرم المرأة من أبنائها وهم في عز شبابهم” وتتساءل بحيرة “أين من يدعون الإنسانية والديمقراطية ليوقف أنات أم الأسير”.

ويشتد ألمها فيجتمع عليها ألم فراق ابنيها مع ألم فقدان زوجها، فتفجع بوفاته عام 2005 إثر جلطة دماغية لم تمهله طويلاً، لتعيش بذلك والدة الأسيرين وجع القلب الذي كاد ينفطر لكبر جزعه فتقول: “الاحتلال حرم الأولاد أن يودعوا والدهم الوداع الأخير” وتضيف بحسرة “إن بيتهم تحول لبيت عزاء دائم” فعبق الحزن يفوح من كل زاوية من زواياه.

وفي أثناء حديثنا مع أم ضياء يقطع حوارنا مكالمة هاتفية لترد عليها، فيجيبها ضياء من داخل سجن نفحة ليطمئن عليها ويسأل عن أحوالها فترتسم ملامح الأمل والفرحة على وجهها بسماع صوته وتصمت للحظات ودموع شوقها أبلغ من كل الكلمات.

وأكد عميد الأسرى في المكالمة صمود الأسرى وتحديهم لسجانيهم، وأن رسالتهم لكل القوى التوحد وتفعيل التحرك من أجل تحريرهم من سجون الاحتلال بكل الوسائل.

وكم كان ألم أم ضياء كبيراً يوم نفذت صفقة وفاء الأحرار وتبين أن ابنها ضياء المحكوم مدى الحياة لم يكن ضمن قائمة المحررين، إلا أن ذلك لم يمنعها من الفرحة بالمحررين، والأمل بصفقات مماثلة للإفراج عن باقي الأسرى خاصة ذوي الأحكام العالية.

وقالت: “كان  أصعب الأيام علي يوم صفقة التبادل مع الجندي الصهيوني شاليط، حيث كنت آمل أن يكون ضياء من بين المفرج عنهم، ولكن هذا قدر الله، تألمت كثيرا كأم، وفرحت لأن الأمهات الأخريات فرحن بأبنائهن، وأنا أعد نفسي أم الأسرى جميعا وكلهم أبنائي”.

رمز التفاعل

وطوال سنوات اعتقال ابنيها، لم تتوقف أم ضياء عن المشاركة في أي فعالية تضامنية مع الأسرى، وباتت رمزاً لحركة التضامن وتفعيل قضية الأسرى في كل الساحات، بما في ذلك القيام بأنشطة وفعاليات خارج فلسطين لحشد الرأي العام نحو هذه القضية العادلة.

وتناشد والدة الأسيرين بصوت غير مقطوع الرجاء كافة القوى والفصائل السياسية بضرورة اتخاذ مواقف جادة لأجل الأسرى وخاصة الأسرى القدامى .

وعلى الرغم من عبرات عيونها الحزينة؛ إلا إنه ما زال رحيق أمل ينتشيها لاقتراب موعد الإفراج عن ابنها محمد الباقي من محكوميته 27 يوماً.

شعاع من الأمل لا يغيب عن عيون أهالي الأسرى، فبصيص من اليقين بخروج أولادهم من سجون الاحتلال يزرع فيهم الحياة. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات