نزلة عيسى..صمود وتحدٍّ رغم المعاناة المركبة

انتهاكات صهيونية متجددة بحق البشر والحجر والشجر، تعاني من وطأتها قرية نزلة عيسى الواقعة إلى الشمال الغربي من محافظة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة.

مشاهد المعاناة المتواصلة لم تترك شيئاً في القرية إلا وأتت عليه، من بينها التهامٌ لمئات آلاف الأمتار من أراضي القرية الزراعية خلف جدار الفصل العنصري الصهيوني وحرمان الطلبة من الوصول إلى مدارسهم وإغلاق عشرات المحلات التجارية القريبة من البوابات الاحتلالية على الجدار.

خلال جولة لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” في القرية شاهدنا أطفالا لا يتجاوزون العاشرة من أعمارهم يقطعون حاجزا صهيونيا أقيم على إحدى بوابات الجدار العنصري؛ في محاولة منهم للوصول إلى المدرسة في القرية قادمين من بيوتهم التي عزلها الجدار داخله.

وفي معاناة يومية يسببها جنود الاحتلال لهؤلاء الأطفال غير آبهٍ بصغر سنهم؛ وصف الطالب محمد شوارب (9 أعوام) هذه المعاناة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” قائلا: “دائما لما نخرج للمدرسة بوقفونا وبأخرونا وبمنعونا نطلع أغراض من البيت معنا وبفتشوا شنطاتنا كل ما نمر عن الحاجز”.

وأضاف الطفل محمد “أحيانا بكون الجنود بتدربوا أو يأكلوا وبحتجزونا حتى ينهوا التدريب أو الأكل، وبنتأخر عن المدرسة أو عن البيت أثناء العودة من المدرسة”.

مدير مدرسة ذكور نزلة عيسى الأساسية حسام كتانة أكد أن جزءًا من الطلاب يأتون من خلف الجدار، وأنهم يعانون من أزمة نفسية نتيجة ما يلقونه من معاملة سيئة لجنود الاحتلال أثناء عبورهم للحاجز.

الاحتلال صادر ما يقارب 884 دونمًا من أراضي القرية لصالح جدار الفصل العنصر واستولى على عشرة أخرى، كما هدم ستة منازل، وأخطر عشرة بالهدم، وحجز سبعة أخرى، وتسبب بإغلاق مئات المحلات التجارية قاتلا اقتصاد البلدة وشريان الحياة فيها، خاصة أنها كانت تعجّ بالقادمين من الأراضي المحتلة عام 1948 لقربها الشديد منها.

وفي مقابلة خاصة لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” مع منسق لجنة مقاومة الجدار في طولكرم سهيل سلمان، قال: “إن الاحتلال عزل ما يزيد على 700 دونم من الأراضي المزروعة بالزيتون، ومنع أهلها من الوصول إليها إلا بتصاريح دخول خاصة، وبعد عناء طويل”.

وأضاف سلمان “بالإضافة إلى عزل الأراضي ومصادرتها عزل الاحتلال أكثر من 88 عائلة من التواصل”، موضحا أن “كثيرًا من العائلات التي تعيش في البلدة هي عائلات ممتدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48”.

وتابع: “هناك عشرات حالات الزواج والنسب بين هذه العائلات التي حرمت من التواصل بسبب مصادرة الأراضي وبناء جدار الفصل العنصري؛ حيث أصبح على الرجل الذي يريد زيارة بنته في داخل الجدار أن يذهب في رحلة طويلة عبر معابر الاحتلال بدلا من الدخول مباشرة في غضون دقائق الى الأراضي المحتلة والمصادرة”.

ولم يتوقف الأمر على مصادرة الأراضي وعزل المواطنين؛ بل إن الجدار قسم بعض المنازل إلى قسمين، حيث جعل الجزء داخل الجدار نقطة مراقبة لقوات الاحتلال والجزء خارجه للعائلة، حسبما قال السلمان.

شهدت بلدة نزلة عيسى والقرى المجاورة لها حركة اقتصادية كبيرة، وذلك لقربها الشديد من الأراضي المحتلة عام 48، حيث كانت تعدّ معبرًا أساسيًّا ومهمًّا للفلسطينيين في شقي الوطن المسلوب، ولكن بعد عام 2002 وبداية المصادرة للأراضي وبناء جدار الفصل العنصري دمرت موارد القرية الاقتصادية وخاصة التجارة والزراعة فيها.

ويقول السلمان “قبل بناء الجدار كانت نزلة عيسى لا يوجد فيها أي عاطل عن العمل؛ حيث كانت القرية الوحيدة في محافظة طولكرم التي لا توجد فيها نسبة عطالة عن العمل، لكن بعد بناء الجدار ومصادرة الأراضي أصبحت اليوم من أكثر القرى التي ترتفع فيها نسبة العطالة عن العمل”.

ووفقا لسلمان؛ فإن أكثر من 400 محل تجاري أغلقت بعد إقامة جدار الفصل العنصري، كما فقد الكثير من العمال داخل “الخط الأخضر” عملهم.

وأكد السلمان أن معاناة المواطنين في القرية مستمرة، ويحكمها مزاج الجنود العاملين على بوابات الاحتلال؛ حيث تشهد فترة الأعياد اليهودية إغلاقا تاما على القرية وحرمان أهلها من التنقل والحركة.