السبت 10/مايو/2025

الحوار المتوسطي معبر صهيوني إلى الأمن العربي

الحوار المتوسطي معبر صهيوني إلى الأمن العربي

احتفل حلف الأطلسي هذا العام بمرور عشرين عاماً على إطلاق برنامج “الحوار المتوسطي”، حيث يضم الحوار دول الحلف إلى جانب “إسرائيل” وست دول عربية هي مصر، الأردن، المغرب، الجزائر، تونس، موريتانيا. وقد لخصت أهداف الحوار بما يلي:

أولاً، المساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. 

ثانياً، تنمية التفاهم بين الدول المشاركة في الحوار.

ثالثاً، تصحيح الانطباعات الخاطئة عن الحلف الأطلسي في هذه الدول.

وبمناسبة الذكرى العشرين لولادة البرنامج وجه جنز ستولتنبرغ، الأمين العام للحلف نداء بين فيه دور الحوار في الحرب الدولية ضد الإرهاب وأكد أهميته في توسيع التحالف الدولي ضد الإرهابيين انطلاقاً من الاعتقاد بأنه ما من دولة قادرة وحدها على وضع حد للإرهاب الدولي. 

وسبق لمسؤولين في الحلف أن أكدوا القناعات نفسها وعددوا منافع توسيع الحلف بضم المزيد من الدول الأطلسية إلى عضويته، أو إشراك الدول غير الأطلسية في مشاريعه وبرامجه مثل «الحوار المتوسطي». واعتبر مسؤولون حاليون وسابقون في الحلف أن برنامج «الحوار المتوسطي» هو نموذج مرموق للإطارات التي تجمع الأطلسيين وحلفاءهم. فالحوار هو «المنتدى الوحيد الدائم الذي يجمع دول الناتو مع إسرائيل وعدد من الدول العربية الكبيرة» كما قال الأمين العام الحالي للأطلسي. ويدرك ستولتنبرغ تمام الإدراك معنى هذه الكلمات إذ إنه تخرج من صفوف يساريين نروجيين سبق لهم أن أبدوا، في الماضي اهتماماً خاصاً بالقضية الفلسطينية، وأظهروا قدراً ملحوظاً من التعاطف مع الفلسطينيين، واطلعوا على تفاصيل ودقائق الصراع العربي-الإسرئيلي. وبحكم هذه الخبرة فإن على المرء أن يدرك بوضوح صعوبة جمع العرب والإسرائيليين حول ما يفترض أنها مشاغل أمنية مشتركة بين الفريقين.

وبديهي أن مشروعاً من هذا النوع لم يأت من الفراغ، كما قال اندرس فون راسموسن، الأمين العام السابق للحلف، في محاضرة ألقاها في مؤتمر هيرزليا في إسرائيل في أيلول (سبتمبر) عام 2011 بل من مبادرات متتالية، كان للأطلسي فيها ولدوله النصيب الكبير والدور المجلي… وتنبأ راسموسن للحوار أن يحقق أغراضه شرط أن تتفق دوله على المشتركات الثلاثة الرئيسية التالية:

أولاً، تعريف موحد للتحديات المحدقة بها.

ثانياً، إيجاد حلول مشتركة لهذه التحديات، ثالثاً، المصير المشترك الذي ينتظرها.

ورغم نبرة التفاؤل التي تطغى على تصريحات زعماء الحلف عند التحدث عن الحوار المتوسطي، إلا أن الكثيرين من المعنيين بسياسة الغرب تجاه المنطقة العربية يشكّون في صواب هذه التوقعات. وترجع هذه الشكوك والتحفظات إلى صعوبة اتفاق “إسرائيل” ودول الأطلسي، من جهة، والدول العربية المشتركة في الحوار، من جهة أخرى، على توصيفات موحدة سواء للتحديات أم للحلول أم للمصير المشترك. فعلى صعيد وصف التحديات والمهمات التي حفزت الأطلسي في الماضي، يقرر الأمينان العامان للحلف أن حماية الليبيين من أعمال الإبادة التي مارسها النظام السابق كانت في عداد التحديات الكبيرة، كذلك يتفقان على أن انتشار الأسلحة النووية ووسائل استخدامها المتمثلة بالأسلحة البالستية تشكل تحدياً كبيراً لدول الأطلسي ولشركائه «المتوسطيين»، وأن الإرهاب الدولي هو عدو مشترك وداهم لهؤلاء أيضاً.

على الأرجح أن توافق الدول العربية المشاركة في الحوار المتوسطي على هذه التعريفات. ولكن هل يقف الحوار المتوسطي الذي يخصه قادة الأطلسي بالثناء والمديح عند هذه العموميات؟ وإذا أراد المتحاورون أن ينتقلوا إلى تحديد أدق، كما يأمل عرابو الحوار الأطلسيون، للتحديات التي تواجه العالمين الأطلسي والمتوسطي ومن بعده إلى الاتفاق على الحلول المشتركة، ألا يتوجب عليهم أن يتوقفوا أمام أمثلة جديدة من التحديات التي تواجه الأطلسيين والمتوسطيين؟ أليس من الطبيعي أن يتساءلوا عن موقف الحوار المتوسطي من حماية المدنيين العرب في أماكن أخرى من المنطقة غير ليبيا؟ ألا يكون من البديهي أن يتساءلوا عن موقف الحوار مما يتعرض له المدنيون العرب في فلسطين وفي الجولان وفي جنوب لبنان؟ إلى جانب ذلك، ماذا يقول المتحاورون، من أطلسيين وعرب وإسرائيليين عن تحدي انتشار السلاح النووي في العالم وعن امتلاك إسرائيل لهذا السلاح وعن إصرارها على الامتناع عن توقيع معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية؟ وما هو رأيهم في المشروع المصري الذي أيدته أغلب الدول العربية لتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل؟ ما هو رأي الإسرائيليين في هذه المسألة؟ فضلاً عن هذا وذاك، ماذا يقول المتحاورون عن مسألة توصيف الإرهاب والإرهابيين؟ هل يتفقون على توصيف واحد وهل يدخل فيه تعريف محدد للإرهاب بحيث يشمل، كما يطالب الحريصون على السلام العالمي، الدول وليس الأفراد والجماعات فحسب؟

التحديد الدقيق لهذه التحديات هو نصف الطريق إلى تلمّس طرق درئها وحماية المجتمعات العربية والمجتمع الدولي منها. بالمقابل، إذا كثرت الأسئلة وتضاءلت الأجوبة أو كانت قاصرة عن تقديم الحلول المرجوة، فإن من الأرجح أن يكون السبب هو عجز المتحاورين، خاصة العرب والإسرائيليين، عن التوصل إلى تحديد مشترك للتحديات والأخطار التي تواجه العالمين المتوسطي والأطلسي. ولعل في الحلول التي تطرق إليها الأمين العام الحالي للحلف ما يفصح عن هذا العجز. فإزاء لائحة التحديات الخطيرة التي يرسمها كل من راسموسن وستولتنبرغ يجزي الأخير متابعي نشاطات الأطلسي نبأ اعتزام مساعدة الأردن في بعض المجالات المحدودة، واعتزامه دراسة الطلب الذي تقدمت به الحكومة العراقية لمساعدتها على تنمية الطاقات العسكرية العراقية. أقل ما يقال في هذه المساعدات هو أنها متواضعة، وأنها لا ترقى إلى مستوى التحديات الكبرى والخطيرة التي تواجه المنطقة. الأهم من ذلك أنه ليس هناك ما يدل على أن لهاتين الخطوتين أية علاقة بـ «الحوار المتوسطي». فالعراق ليس عضواً أصلاً، في هذا الحوار، وقد تقدم بطلب المساعدة مباشرة إلى الحلف الأطلسي من دون أن يمر هذا الطلب بالحوار المتوسطي. أما الأردن فإنه هو الآخر تقدم إلى الحلف بطلب المساعدة على أساس ثنائي وليس على أي أساس آخر.

إذا كان الحلف الأطلسي قادراً على بناء علاقات تعاون مع أي بلد أو مجموعة بلدان عربية، وإذا كانت الدول العربية قادرة، على أساس جماعي أو ثنائي، على إقامة علاقات وثيقة مع الحلف الأطلسي، وإذا كانت الدول الأطلسية والعربية قادرة على التعاون مع بعضها بعضاً، ومن إجل ضمان الأمن الإقليمي والمتوسطي، فلماذا لم يطلق الأطلسي برنامجاً للحوار الأطلسي- العربي؟ وإذا كانت إسرائيل كما تقول الثوابت التاريخية، قادرة على إقامة حوار مباشر وعلى أعلى المستويات مع الحلف الأطلسي، فما هي الحاجة إلى الحوار المتوسطي؟ لماذا الحرص على الزج بإسرائيل في مثل هذا الإطار علماً أن هذا الأمر سوف يسبب إحراجاً لبعض الدول العربية ويدفعها إلى الامتناع عن الاشتراك فيه؟

موقع ويللا الإخباري

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...