الأحد 11/مايو/2025

متابعة صهيونية لمعارك الجيش السوري مع تنظيم الدولة

متابعة صهيونية لمعارك الجيش السوري مع تنظيم الدولة

قالت أوساط عسكرية صهيونية أنه للمرّة الثانية على التوالي استطاع الجيش السوريّ استعادة حقل شاعر للغاز، 110 كم شرق حمص، من أيدي مسلّحي تنظيم “الدولة الإسلاميّة في العراق والشام” بعد معارك عنيفة مع مسلّحي التنظيم الذي سيطر على الحقل والتلال المحيطة به، حيث لحق دمار كبير بمنشآت الحقل، لاسيّما المحطّة الأُمّ، الذي يغذّي بدوره الشبكات الأرضيّة للغاز في الساحل والمنطقة الجنوبيّة. 

وقد سارع الجيش السوري لتثبيت تحصيناته، خصوصاً في تلّة زملة مهر المعروفة باسم “السيرياتيل”، في وقت كانت جثث مسلّحي “داعش” مرميّة في الأراضي الصحراويّة على مقربة من الحقل، إضافة لبضع آليّات مدمّرة إثر الاشتباكات وعمليّات التمشيط التي كانت لا تزال مستمرّة آنذاك بمحيط الحقل، والجبال المحيطة به.

ونقلت عن أوساط عسكرية أن العمليّة التي أدّت لسيطرة الجيش على الحقل بدأت بتأمين محيط مطار “عمر أياس” المعروف شعبيّاً باسم “T4” أو “تي فور”، إضافة لكثافة القصف المدفعيّ وغارات الطيران الحربيّ، أدّت لانهيار تحصينات مسلّحي “داعش”، وانسحاب من نجا منهم للطريق الصحراويّ باتّجاه مدينة تدمر. 

ويعود الفضل في هذا التقدّم السريع إلى إستراتيجية ضرب دفاعات العدو بكثافة ناريّة عالية، والاقتحام البريّ السريع، الذي تلاها، إضافة لاستدعاء النظام تعزيزات من قوّات النخبة الخبيرة في القتال في الصحراء، والتي تحمل اسم “صقور الصحراء”.

وتعتبر استعادة حقل شاعر مهمّة جدّاً بالنسبة للجيش السوريّ، حيث تساعده على تأمين وسط سوريا من هجمات التنظيم، كونه شرياناً أساسيّاً يصل بين الشرق السوريّ وغربه، وتعيد سيطرة الجيش السوريّ الاستقرار لقطاع التيّار الكهربائيّ، وهو الأمر الذي تمثّل في شكل واضح، إبّان سيطرة التنظيم على الحقل في أزمة الكهرباء التي عاشتها معظم المناطق السوريّة.

كما أن سيطرة “داعش” على الحقل والتلال المحيطة به، أثّرت على طلعات الطيران الحربيّ السوريّ، وعلى مقربة من الحقل، يقع مطارا الـ”تي فور” و”الشعيرات”، وهما أهمّ المطارات العسكريّة، ومركزا انطلاق سلاح الجوّ، وسيطرة “داعش” على الحقل أعاقت حركة المطارين، وفرضت ضغوطاً على أحد أكثر الماكينات العسكريّة فعاليّة”، وهذا الأمر، إضافة لمشاكل قطاع الكهرباء، لعب دوراً رئيسيّاً في سرعة حسم الجيش السوريّ المعركة.

•هجمات متكررة

وأوضحت الأوساط الصهيونية أنّ معركة حقل شاعر تحمل رمزيّة كبيرة بالنسبة للجيش السوريّ والسلطة السياسيّة، لناحية عدم السماح بترك الحقل يقع في يدّ “داعش”، خصوصاً بعد سقوط عدد كبير من الضحايا في الهجوم الأوّل، وتذمّر شريحة كبيرة من الموالين، إبّان ذلك، وكان الجيش السوريّ قد استعاد السيطرة على حقل شاعر الاستراتيجيّ للغاز، في تمّوز/يوليو الفائت، بعد اقتحامه من قبل مسلّحي “داعش” الذين نفّذوا مجزرة في حرّاس الحقل، والمدنيّين العاملين فيه.

لكن هدف تنظيم “الدولة الإسلاميّة” الرئيسيّ من هجومه المتكرّر، لم يكن السيطرة على الحقل بوصفه منبعاً للغاز، بقدر ما كان السيطرة على جبال شاعر المحيطة به التي تؤمّن له الامتداد لأرياف حمص وحماة الخاضعة لسيطرة القوّات الحكوميّة. 

وفي هذا الشأن، ذكرت المحافل العسكرية الصهيونية أن سيطرة “داعش” على الحقل والجبال المحيطة به، بهدف السيطرة على أراضي في المنطقة الوسطى، والتقدّم ما أمكن فيها، خصوصاً بعد الضربات التي تلقّاها التنظيم في الشمال، وخصوصاً أنّ جبال شاعر تعدّ من أهمّ حلقات ربط أجنحة الثقل العسكريّ لـ”داعش” في كلّ من الأنبار، وريف الحسكة، وريف حلب، وريف حمص والرقّة، إضافة لتهديد المطارات العسكريّة القريبة، والتي كانت في مقدّمة أهداف التنظيم اللاحقة بعد الحقل وجباله.

ولو تمكّن “داعش” من تمكين سيطرته على الحقل، فسيمكّنه من التحكّم في قطاع الكهرباء في سوريا بشكل كامل، والذي يعتمد في شكل كبير على الغاز، ولن يكون بإمكان التنظيم الاستفادة من الحقل، لعدم امتلاكه بنية تحتيّة مناسبة لاستخراج الغاز، فالحقل ينتج 3 ملايين متر مكعّب لتوليد الكهرباء، ويتمّ تحويل الغاز الخامّ المنتج إلى وقود غازيّ في معمل “إيبلا” للغاز المجاور، ويبعد عشرات الكيلومترات عن حقل شاعر، ويهدّده “داعش” أيضاً، حيث يرتبط معه بخطّ لنقل الغاز الخامّ بطول 77 كيلومتراً، يرسله بعدها إلى الشبكة الوطنيّة. 

كما أنّ طائرات التحالف الدوليّ أغارت مرّات عدّة على مناطق محيطة بالحقل أثناء سيطرة الجيش السوريّ عليه، وقصفت الطائرات التابعة للتحالف مناطق عدّة تبعد بضعة كيلومترات فقط عن الحقل، وهي مناطق كانت تشكّل نقاط تمركز لمسلّحي “داعش”، يمهّدون منها لهجماتهم على الحقل وجباله، لكنّ هذه الغارات توقّفت قبل أسبوعين من هجوم تنظيم “الدولة الإسلاميّة” على حقل شاعر، وكانت طائرات التحالف الدوليّ لمحاربة “داعش” قد استهدفت منطقة الحماد الصحراويّة الواقعة شرق مدينة تدمر، والتي سيطر عليها التنظيم خلال توسّعه في ريف دير الزور، حيث كانت هذه المنطقة بوّابة التنظيم للوصول إلى منطقة شاعر.

وتشير المعطيات اليوم إلى أنّ تنظيم “الدولة الإسلاميّة” لم يفقد الأمل في إحكام سيطرته على منطقة شاعر، خصوصاً بعد تقارير أفادت بعودة الاشتباكات مع القوّات الحكوميّة على مشارف المنطقة، وعلى المقلب الآخر، لا يبدو أيضاً أنّ القوّات الحكوميّة والسلطة السياسيّة ستسمح في حدوث سيناريو مشابه لما حلّ بمطار الطبقة العسكريّ والفرقة 17 في منطقة شاعر وترسانتها من الطيران الحربيّ هناك، وهي التي استقدمت أكثر قادتها حنكة، وأكثر قوّاتها تدريباً لهذه المعركة الفاصلة.

معهد أبحاث الأمن القومي

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات