الخميس 27/يونيو/2024

خيارات الفلسطينيين تزداد ضيقًا

د. عدنان أبو عامر
بعد انقضاء المدة القانونية لحكومة التوافق يوم 2/12 الجاري، المحددة بـ6 أشهر بناءً على المصالحة الفلسطينية، أكدت حماس الاستعداد لتمديد عمل الحكومة 6 أشهر إضافية، مع دعوتها لإعادة تشكيل الحكومة؛ لأن الحكومة القائمة لم تقم بشيء من المهام الموكلة إليها، لاسيما في قطاع غزة.

مع العلم أن أي بدائل للحكومة يجب الاتفاق عليها مع الفصائل؛ لأن انقضاء العمر المحدد لها لا يعني انتهاءها ورحيلها، بل ستبقى حتى بحث بدائل أخرى، فالمشكلة ليست في مدتها، بل في تقصيرها، في حين قالت فتح: إن اتفاق المصالحة لا ينص على موعد محدد ينهي عمل الحكومة، بل قضى بتشكيل حكومة توافقية للتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني، دون التطرق إلى موعد انتهاء عملها.
لم يعد سرًّا أن حركتي فتح وحماس أجرتا في الأسابيع الأخيرة سلسلة مشاورات مكثفة داخل غزة ورام الله وخارجهما؛ للبحث في كيفية الخروج من مأزق انتهاء المدة القانونية للحكومة، وعدم القدرة على إسقاطها؛ بسبب انعدام البدائل الملائمة أمام الوضع الفلسطيني الذي يذهب من أزمة إلى أخرى.

وقد طرحت في مشاورات الحركتين الداخلية خيارات عديدة، أهمها التمديد لحكومة التوافق مقابل أن تدفع السلطة الفلسطينية ثمنًا لذلك، بحيث تواصل حماس إعطاء مظلتها السياسية والقانونية لعمل الحكومة في غزة، ومنها أن تسرع الحكومة إنجاز ملف إعمار غزة، بدل حالة التلكؤ التي تعمل بموجبها، وإيجاد تسوية مناسبة لملف موظفي غزة، بدل حالة التمييز ضدهم طوال الشهور الماضية.

وأكدت أوساط فصائلية فلسطينية أنها تبحث تشكيل حكومة ائتلاف وطني تمثل القوى السياسية كافة، وهذه فكرة تلقى قبولًا من الأطراف الفلسطينية كافة، في ظل فشل الآليات الثنائية في الحلول.

ما كان ثابتًا إلى أيام قليلة أن حماس لن تقبل تمديدًا مجانيًّا للحكومة، التي اتهمتها بالفشل؛ لأنها حكومة عباس فقط، وليست حكومة الشعب الفلسطيني، فهي لم تحقق التكليفات الخاصة بها كإعادة الإعمار، ورفع الحصار، ودمج الوزارات، وتوحيد المؤسسات، والتحضير للانتخابات، مع ما قيل عن اتصالات تجرى في قطاع غزة بشأن زيارة سيقوم بها خلال أيام رئيس الحكومة رامي الحمد لله، لإنجاز عدة ملفات مهمة، في مقدمتها مناقشة التعديل الوزاري مع الفصائل، وخاصة حماس.

أوساط الرئيس عباس ترى أن تلويحات حركة حماس بين حين وآخر بإسقاط حكومة التوافق لا تلغي حقيقة أن فتح وحماس في مأزق يتعاظم يومًا بعد يوم، وليس أمامنا سوى تفكيك المشاكل القائمة: موظفي غزة، وحصار القطاع، وإعادة إعماره، ولجوء حماس إلى إسقاط الحكومة، وتهديدها بالبحث عن خيارات أخرى كلام لن يوفر حلولًا عملية.

تقدير الموقف الدقيق للظرف الحالي الذي تمر به حكومة التوافق يؤكد أنها خلال المدة الماضية لم تقدم حلولًا _ولو بطيئة_ للمشاكل التي يعاني منها قطاع غزة، ويبدو أن المستفيد الأكبر من هذه الحكومة هو أبو مازن، الذي انتزع شرعية حماس من الحكومة المستقيلة، ولم يقدم ما طلبته خلال اتفاق المصالحة، أي أنه حصل على ما يريد دون تقديم المقابل.

وبذلك تبدو حماس مدعوة للبحث في خيارات سريعة لمتابعة مشاكل غزة المتزايدة، ومن هذه الخيارات العمل السريع لإحداث تعديل وزاري يخدم المصالحة، ويمنح غزة انتباهًا أكثر، أو اللجوء إلى حكومة وحدة وطنية، مع أنه سيوقع حماس ضحية ابتزاز باقي القوى التي ستقدم اشتراطات سياسية، ومحاصصة في الوزارات.
ولكن إذا أخفقت هذه الخيارات السابقة بإصلاح أوضاع غزة فهل تعود حماس لتسلم مقاليد الأمور فيها؟،

حماس حتى كتابة هذه السطور لا تملك إجابة قطعية بالنفي أو التأكيد، لكنه كما يبدو خيار وضعته حماس خلف ظهرها منذ توقيع المصالحة، وليست متحمسة للعودة إليه ما كان هناك إمكانية لبحث بدائل توافقية مع باقي القوى، وحكم غزة من جديد خيار غير مطروح اليوم على أجندة النقاش في حماس، على الأقل حاليًّا.
ولذلك نأمل ألا تجد حماس نفسها مضطرة إلى تجرع السم من جديد بعودتها الإجبارية إلى إدارة غزة؛ لأن من يتحمل المسئولية عن تحقق هذا البديل الذي لا تريده الحركة هي حكومة التوافق والرئيس عباس شخصيًّا، الذي يتفرج على معاناة غزة كما لو كانت في دولة مجاورة، وليست جزءًا من شعبه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات