السبت 10/مايو/2025

تقييم صهيوني: حرب غزة وأحداث القدس شكلتا فشلا استراتيجيا لـإسرائيل

تقييم صهيوني: حرب غزة وأحداث القدس شكلتا فشلا استراتيجيا لـإسرائيل

قال “أفرايم هاليفي” رئيس جهاز الموساد الصهيوني الأسبق، أن “إسرائيل” تعاني من فشل استراتيجي مزدوج بين حرب الجرف الصامد في غزة، وأحداث الحرم القدسي الأخيرة، رغم أن الأولى انتهت بإنجاز عسكري، أما النتيجة السياسية للمعركة فيصعب حل لغزها، كونها عرفت بطريقة سلبية.

وقد وجه رئيس الوزراء تعليماته ألا تمنح حماس أي إنجاز سياسي في أي مفاوضات تعقد لتقرير مستقبل العلاقات بين “إسرائيل” والمنظمة العاملة كحكومة في القطاع، وباستثناء الإعمار الاقتصادي الجارية بكسل، فان أحدا ليس تواقا للعجلة.

وأضاف: ليس لحماس مكانة أو جدوى في نظر “إسرائيل”، وكل ما عليها ان تفعله أن تحبط عملياتها، تنفذ عمليات وقائية واسعة في المناطق، توقف نشطاء حماس كثيرين قدر الإمكان قبل أن ينجحوا بتنفيذ مبتغاهم، ومعاقبة من ينجحون في تنفيذ عمليات قاسية كقتل المستوطنين الخمسة في الكنيس، وهو ما يرفع من قيمة الاعتبارات الأمنية التي تمنع كل إمكانية للتخلي عن السيطرة الكاملة في الضفة الغربية.

والصاروخ الوحيد الذي وصل من غزة من منطقة مطار بن غوريون وعطل معظم الطيران المدني من وإلى إسرائيل لـ 36 ساعة، وضع حدا لمسيرة السلام في الفترة المنظورة للعيان، وفي ظل عدم وجود مسيرة غيرت الحكومة إستراتيجيتها السياسية فيما يتعلق بالقدس.

وأدت نتائج المعركة في غزة وفشل المفاوضات برعاية وزير الخارجية الأمريكي بالحكومة لتغيير الترتيب من القدس في النهاية إلى القدس في البداية، ووجدت الإستراتيجية الجديدة تعبيرها بإعطاء ضوء أخضر للانتشار المتزايد لليهود في الأحياء العربية في القدس.

والقول أنه لا ينبغي منع اليهود من البناء في كل مكان فيها، وبالتالي وفر فتح ملف القدس لحركة حماس فرصة نادرة للتحرر مؤقتا على الأقل من أزمة نتائج حرب غزة، وأتاح لهم إثارة اضطرابات شديدة في القدس والضفة، وأجبرت السلطة الفلسطينية على التماثل مع المعركة على المقدسات الإسلامية في الحرم، وأجبر الأردن ومصر على الانضمام للضغط على “إسرائيل” على خلفية النزاع ذي البعد الديني.

وأوضح أن نجاحات المخابرات الصهيونية في الكشف عن خلايا واسعة من شبكات حماس في الضفة والقدس جديرة بالثناء، لكنها في نفس الوقت تضع علامات استفهام على سياسة “قص العشب” التي تتبعها “إسرائيل” منذ سنين، وبتعبير آخر، إذا لم يكن للحفرة قاع، فهل سياسة الحفر اللا نهائية ستؤدي لأكثر من حل مؤقت؟

وختم بالقول: أثبتت حماس في غزة أنها لن تسمح لـ”إسرائيل” أن تنساها لما لا نهاية، وحرص رئيس الوزراء أن يحدد هدفا عسكريا ضيقا وواقعيا للحملة الأخيرة في غزة، والإستراتيجية التي تم تبنيها في هذا الخريف في القدس أثبتت بأنها تؤدي لمصيبة متعددة الأبعاد، وعليه أن يعود لتحديد إستراتيجية أخرى في القدس، ذات هدف واقعي ومعلن واضح.

الانتفاضة الثالثة

في سياق متصل، لاحظ مراسل عسكري صهيوني أن حالة هستيريا وإرباك أصيب بها المستوطنون في القدس، جراء سلسلة العمليات الفردية الأخيرة، والتي شوشت حياتهم لدرجة كبيرة، ولم يشاهدهم بهذه الحالة منذ عام 1967، رغم أنه مرت فترات عصيبة عليهم في انتفاضة الأقصى وفترات العمليات الاستشهادية، فلم تعد مدينة القدس آمنة لهم كما كانت لفترات طويلة.

وأضاف: ميزتان ساهمتا في خلق هذه الحالة من الإرباك والخوف لدى مستوطني القدس، وهي طبيعة العمليات الفردية لاسيما الدهس بالسيارات، مما يجعل المستوطن يشعر في أية لحظة بأنه مستهدف من أية سيارة مسرعة، وكذلك أن منفذيها مقدسيين، وهذه العمليات الأخيرة في القدس جاءت كنمط فعال ويثير الخوف، من خلال استخدام السكاكين والدهس بالسيارات، ونجحت في زعزعة الإحساس بالأمن الشخصي في القدس. 

وإن المدينة بعد العمليات الأخيرة تعود بالشعور للأيام الصعبة والدامية من الانتفاضة الثانية، لافتا إلى أن صعوبة مواجهة “إسرائيل” للوضع الأمني مسألة واضحة وبارزة، ليس فقط لأن الفلسطينيين في القدس يتحركون بحرية، بل أيضا لأنه لا توجد لقوات الجيش سيطرة على الأحياء خارج جدار الفصل العنصري، والمعلومات الاستخبارية قليلة فيما يتعلق بمنفذي العمليات الأفراد، الذين لا ينتمون لمنظمات في القدس.

وقال “تسفيكا يحزقيلي” مراسل الشئون العربية عقب رصده لواقع مستوطني القدس بعد العمليات الأخيرة أن ما يحدث في القدس ليس مثل الانتفاضة الثانية ولن يجدي نفعا إقامة جدار وفصل أحياء في القدس، إنهم يعيشون في ذواتنا، الأحياء ملاصقة والبيوت العربية واليهودية الأبواب تقابل بعضها، مستعرضا ما أسماها “حياة الرعب” التي يعيشها اليهود في القدس هذه الأيام.

فيما اعتبر مسئول أمني صهيوني أن حملة الاعتقالات الواسعة التي شنها الجيش في صفوف نشطاء حركة حماس في الضفة الغربية مؤخرا منعت اندلاع انتفاضة شاملة، لأن الحركة تحاول تفعيل نشطائها في الضفة من قطاع غزة وخارج البلاد دون أن تحقق نجاحا كبيرا. 

ورفض تسمية ما يحدث من هبة القدس والعمليات ضد المستوطنين والجنود في الشهور الأخيرة، بأنها انتفاضة، لأنه توجد لهذه الأمور مميزات خاصة جدا، وعندما تدقق في الحلبة الفلسطينية كلها في الشهرين الأخيرين فإنك ترى أمرا لافتا وهو أن الأحداث مركزة جدا في حيز القدس، ولا ترى تسرب ذلك داخل الضفة الغربية.

وتابع: يوجد سببان لذلك، الأول أنه لا تزال هناك سلطة فلسطينية ومصلحتها الحفاظ على سيادة واستقرار، والسبب الثاني أنه لا يزال هناك جمهور كبير وأكثر ما يهمه هو الحفاظ على نسيج حياة يكون أقرب ما يكون من الحياة الطبيعية، كما أن الكثيرين من الفلسطينيين في الضفة يذكرون جيدا كيف تبدو الدبابات في مراكز المدن، وماذا يحدث عندما تسود الفوضى في المناطق، وأعتقد أن هذه المعادلة تنجح في جعل الوضع مستقراً، ورغم ذلك، فإن الوضع هش ومرتبط بالجمهور الذي يميل الآن إلى عدم الانجراف.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات