الجمعة 09/مايو/2025

مظلومية النساء الفلسطينيّات في الكيان الصهيوني

مظلومية النساء الفلسطينيّات في الكيان الصهيوني

أصدر برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية ورقتي موقف تزامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، تصدر هذه الأوراق ضمن مشروع بحثي شامل يعالج منالية العدالة للمرأة الفلسطينية في إسرائيل. يدأب على المشروع طاقم بحثي متعدد التخصصات، والذي يعمل على تناول العديد من القضايا التي تخص منالية العدالة في سياق المرأة الفلسطينية، على سبيل المثال: المعرفة والإلمام بالحقوق والقوانين والنظم القانونية، العلاقة مع الشرطة، الكشف عن الاجحاف بالحقوق وطلب التدخل من أجهزة الضبط الاجتماعي، الحماية والأمان، الثقة بالمؤسسة القضائية وغيرها.

يصبو المشروع البحثي للوصول الى مسارات العدالة التي تمر بها النساء الفلسطينيات من خلال منظومة القضاء الإسرائيلية الرّسميّة وتلك المجتمعية غير الرّسميّة. من ضمن نتاج البحث ستُنشر تباعاً ستة أوراق موقف متعددة المواضيع على موقع المركز.

إنّ مناليّة المرأة للعدالة، ولا سيّما توصيف علاقتها بجهاز الشرطة، يشكّل محور هذه الورقة. فعند إلقاء الضوء على تجربة النساء الفلسطينيّات، وكذلك تجربة النساء من الشعوب الأصلانيّة مع هذا الجهاز، نكشف لقاء معقّدًا بين جهازٍ ينتمي إلى منظومة سياسيّة وقانونيّة ضابطة تمثّل آراء ورغبات الأغلبيّة المهيمنة، وحاجاتِ النساء الأصلانيّات التي تنتمي إلى مجموعة مقموعة.

الدراسات النقديّة النسويّة في هذا المضمار تشير إلى أنّ وقوع المرأة الأصلانيّة داخل منظومة سياسيّة معقّدة، تغذّيها القوى الضابطة، مدعِّمة سيطرتها بمحورين ذكوريّين: المحور الأبويّ البطريركاليّ من جهة، والمحور والأيديولوجيا الكولونياليّة من جهة أخرى، كلّ هذا يعيد إنتاج الانتهاكات ويعزّزها تجاهها ويعزّز استمرار إقصائها وإنتاج القمع تجاهها. 

فإذا تطرّقنا إلى الإحصائيّات المتعلّقة بالشعوب الأصلانيّة في العالم – رغم أنّ البيانات المنهجيّة المحيَّنة (المحدَّثة) منها ضئيلة-، نجد أنّ نسبة أفراد الشعوب الأصلانيّة تكون في المعتاد مرتفعة في جهاز العدالة الجنائي؛ إذ إنّهم معرضون أكثر من غيرهم للوقوع ضحايا للجرائم، وارتكاب الجرائم كذلك. ففي الولايات المتّحدة الأمريكيّة -على سبيل المثال- تزيد نسبة سكّان أمريكا الأصلانيّين الذين يقعون ضحايا لجرائم عنف بأكثر من ضعفين على نسبة عامّة السكان ( BJS Statistics 2004). بالإضافة إلى ذلك، إنّ أفراد الشعوب الأصلانيّة معرّضون أكثر للتوقيف وللوقوع بين يدَيِ الشرطة وللاتّهام بارتكاب جرائم، والإدانة ولعقوبات أقسى وهم معرَّضون أكثر من غيرهم للاحتجاز، ففي أستراليا مثلاً يصل احتمال سجن البالغين من أفراد الشعوب الأصلانيّة إلى 14 ضعفًا أكثر من غير الأصلانيّين.

لا شكّ أنّ هذه الأرقام تعكس الصراع القائم بين جهاز العدالة الرسميّ وفئات اجتماعيّة سياسيّة مستضعفة، وتدلّ على وجود تمييز في منظومة العدالة الجنائيّة، وتقاعس في تقديم الحماية للمواطن عند الحاجة. إنّ الدراسات العالميّة والمحلّيّة تنبّه إلى أنّ الدعم الذي تقدّمه الدولة لحفظ الأمن منقوص، وتؤكّد عدم نزاهة أجهزة فرض القانون، فضلاً عن عدم استعداد موظَّفي سلطة القانون على النحو الكافي لاستقبال هذه الشريحة بما في ذلك عدم تسجيل الشكاوى أو عدم إجراء تحقيقات نزيهة، وهو ما يزعزع من أمن الفئات الأصلانيّة ويعزّز تهميشها وينتج عنصريّة بنيويّة ضدّها.  

أمّا النساء الأصلانيّات، فيُعتبَرن أكثر الشرائح عرضةً للاعتداءات وللانتهاكات، وفي المقابل هنّ أكثر الشرائح افتقارًا لسبل الوصول للعدالة (Smith 2003). على سبيل المثال، في أستراليا يرتفع احتمال دخول النساء الأصلانيّات إلى المستشفى بسبب انتهاك واعتداء أكثر بـِ 80% من النساء عامّة؛ وفي كندا يرتفع احتمال وقوع النساء الأصلانيّات ضحايا لعنف اثني عشر ضعفًا مقارنة بالنساء الأخريات. ينضاف إلى ذلك احتمال حدوث انتهاكات لصحّتهنّ الجنسيّة والإنجابيّة (UNFPA UNICEF UN Women 2013).

وعند لجوء هذه الشريحة إلى جهاز ضبط القانون، ثمّة ادّعاءات حول حدوث انتهاكات على يد الشرطة، كالاستخدام المفْرِط للقوّة والاعتداء الجسديّ والجنسيّ، ممّا يترك هؤلاء النساء أمام خيارات ضيّقة وضئيلة (Daly 2002b; Lievore2003)، بما في ذلك عدم الثقة بأمانة الجهاز ومصداقيّته. فالأبحاث المتعلّقة بتدخّل الشرطة في قضايا العنف لدى النساء الأصلانيّات تشير إلى عدّة أمور، منها: إضافة صبغة الاعتياديّ والثقافوي على الاعتداء وكأنّه مجرّد حدث طبيعيّ ومقبول ثقافيًّا بغية التقليل من شأن معاناة المعتدى عليها، وعدم الاعتراف بحاجاتها وحقوقها.

إنّ هذه النظرة وأسلوب التعامل الثقافويّ والمسيء تمادى إلى حدّ النظر إلى الجسد الأصلانيّ بلا إنسانيّة، فهي نظرة لجسد نتن ومعتاد على الانتهاكات كالاعتداء الجنسيّ، ولذلك فالانتهاكات تجاهه هي عاديّة شرعيّة، ولا تحتاج إلى المقاضاة وجسد المرأة قابل للاغتصاب.

علاوة على ذلك، تُظهِر الأبحاث بناء خطط تدخُّل غير ملائمة وغير عمليّة للضحايا، ونقص في القوى العاملة كالعمّال الاجتماعيّين وغيرهم من المهنيّين المؤهّلين للتعامل مع احتياجات الشريحة المذكورة، وأمّا المهنيّون القلائل المتوافرون فيجري تأهيلهم بناء على قيم ومفاهيم غربيّة استعلائية ومهيمنة غير ملائمة لقيم العائلات الأصلانيّة.

ومن ثَمَّ يُحْدِث تدخُّل الشرطة غير المكترث ما يسمّى في الأدبيّات اعتداء مجدّد لهذه الشريحة من النساء، لكونهنّ نساء ولكونهنّ ينضممن إلى مجموعة مهمَّشة ومُقصاة، وبالتالي يجري إقصاء مضاعف لها وضمان استمراريّة تعنيفها وانتهاك حقوقها.

إنّ هذا الوضع الشائن ينعكس كذلك في واقع النساء الفلسطينيّات داخل إسرائيل؛ إذ إنّ النساء العربيّات الفلسطينيّات ينتمين إلى أقلّيّة وطن تحوّلت إلى أقلّيّة على أرض مولدها بعد احتلال أرض فلسطين التاريخيّة عام 1948 (Rouhana 1997)، ويُعتبَرن مثالاً حيًّا لعلاقة الشعوب الأصلانيّة مع الدولة الاستيطانيّة الكولونياليّة ومع مؤسّساتها -ومن ضمنها جهاز الشرطة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...