الخميس 08/مايو/2025

استنفار صهيوني لمواجهة عمليات فدائية متوقعة في القدس

استنفار صهيوني لمواجهة عمليات فدائية متوقعة في القدس

أعلن وزير الأمن الداخلي الصهيوني “إسحق أهرونوفيتش” استخدام قوانين الطوارئ ضد المقدسيين، وتسهيل حمل الأسلحة لليهود في المدينة للدفاع عن النفس، لكل من يحمل رخصة سلاح كالحراس الشخصيين أو ضباط الجيش خارج الخدمة، وأمر بتنفيذ سلسلة أخرى من الإجراءات القاسية ضد منفذي الهجمات وعائلاتهم، تشمل وضع حواجز عسكرية وشرطية في قلب الأحياء والقرى العربية في القدس، وتسريع هدم منازلهم، ودفن جثثهم خارج حدود المدينة.

فيما قرر المفتش العام للشرطة “يوحنان دانينو” رفع مستوى التأهب في صفوف الأمن فورا إلى الدرجة (ج)، ثاني أعلى درجة استعداد في “إسرائيل”، وأوعز لقادة المناطق بالاستعداد لأي سيناريو محتمل.

وحذر “موشيه آرنس” وزير الحرب الصهيوني الأسبق من ظاهرة رفع أعلام حماس وداعش في القرى العربية داخل “إسرائيل” في الآونة الأخيرة بعد عمليات القدس، مطالباً بمعرفة التعليم الذي يتلقونه الشباب العربي، وهل ينشط الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في تلك القرى، وماذا عن رجال الدين المسلمين، ما الذي يقولونه في خطب المساجد؟         

واعتبر رئيس الشاباك “يورام كوهين” أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يشجع هجمات مسلحة ضد أهداف صهيونية، وليس معنياً بها، ولا يقودها، ولا يفعل ذلك من تحت الطاولة أيضاً، لكن قتل الفتى المقدسي محمد أبو خضير حرقاً شكل حدثا حاسما في نشوء المواجهة الكبرى في القدس في الشهور الأخيرة، والأحداث المتتالية المتعلقة بالحرم، واقتحام المستوطنين له، ومشاريع القوانين لتغيير الوضع القائم فيه، صعّدت رد الفعل في القرى المقدسية، حيث توجد ظاهرة تتمثل بأفراد يسعون لتنفيذ عمليات عدائية في أعقاب الأحداث.

طالب “كوهين” بعدم دخول بعض الشخصيات العامة الصهيونية للحرم في هذه الفترة، بسبب رد الفعل الذي تثيره هذه الاقتحامات في الجانب الفلسطيني، لأن البعد الديني الذي يرتديه الصراع خطير جداً، وقابل للاشتعال، لأنه ينعكس على الفلسطينيين وعلى المسلمين في العالم كله.

ووسط حالة من العجز عن مواجهة العمليات ضد الأهداف الصهيونية، والاحتجاجات في القدس، دعا مسئول أمني صهيوني للزج بقوات الجيش في المدينة، لأن واقعها معقد، وجهود الشرطة غير كافية لحل المشاكل التي نواجهها، واستعادة الهدوء فيها تتطلب قرارا شجاعا يتمثل بإدخال قوات الجيش لإعادة الأوضاع لسابق عهدها، وإن إدخال الجيش للقدس يعتبر قرارا استراتيجيا من القيادة السياسية، من شأنه أن يعيد الأمن للسكان، ويشكل رادعا لمنفذي العمليات.

فيما أوضح “دان مرغليت” كبير المحللين الصهاينة، ضرورة أن يكون مطلوباً تصميم واستعداد للعمل ضد العمليات الفلسطينية بيد قوية وذراع طويلة، رغم عدم حدوث أي تغيير على موقف الأجهزة الأمنية تجاه الأحداث، واستمرارها بالحديث ليس عن تنظيمات، بل عن أعمال فردية، وهذا أمر يصعب التعامل معه، وسيستمر لفترة طويلة.
•الجيش والشاباك

لكن “عاموس هرئيل” المراسل العسكري قال أن منسوب العمليات المسلحة والأحداث الميدانية الأخيرة نجح في زعزعة الشعور الشخصي بالأمن في القدس بشكل كامل، لأن من نفذا عملية الكنيس لم يكونا معروفين كأعضاء في منظمة فلسطينية، وإذا كانت هناك منظمة يمكن أن ننسب لها العملية بطريقة غير مباشرة فهي تنظيم داعش، رغم أنهما لم يكونا أعضاءً فيه، لكن يبدو أن العملية تمت بإيحاء من التنظيم، كنوع من التقليد، وجاءت على خلفية أيديولوجية دينية، نابعة من كراهية كبيرة لليهود.

وأضاف: الهجوم كان على هدف ديني واضح، وتم اختيارها بعناية من أجل إحداث هزة قصوى، والعملية في الكنيس تم اختيارها بعناية، وقد تم جمع معلومات مسبقة، هذا ليس عملا جاء بدون تخطيط، وتعبيرا عن الانفعال كما حدث في عمليات الدهس والطعن الأخيرة. 

وأشار إلى أن الحكومة الصهيونية ساهمت في العنصر الديني في الصراع بقلة الحيلة التي أظهرتها في وجه محاولات اليمين لتغيير الوضع الراهن فيما يتعلق بصلاة اليهود في الحرم، والصراع حول الأقصى يقدم مبررا مناسبا لمنفذي العمليات الأخيرة، والخوف يزداد الآن من أن تلبس موجة العنف الجديدة ملابس الحرب الدينية.

وعندما يحرق مستوطنون يهود المساجد في الضفة الغربية، فان الساحة السياسية والحاخامات ورجال الدين يستنكرون ذلك، وجباية الثمن من قبل الفلسطينيين أصعب بكثير، لأن موجة العمليات الأخيرة لم تتحول ظاهرة تشمل المظاهرات الكبيرة في جميع أنحاء الضفة، لكن منسوب الأحداث، عملية أو اثنتان في الأسبوع، يبقي الصراع في الوعي، وقد نجح في زعزعة الإحساس بالأمن الشخصي في القدس.

وختم بالقول: إن صعوبة مواجهة “إسرائيل” للوضع الأمني مسألة واضحة وبارزة، ليس فقط لأن الفلسطينيين في القدس يتحركون بحرية، بل لأنه لا توجد للشرطة سيطرة على الأحياء خارج جدار الفصل، والمعلومات الاستخبارية قليلة فيما يتعلق بالمسلحين الأفراد الذين لا ينتمون لمنظمات في القدس، هذه ليست ظاهرة جديدة، فقد برزت في سلسلة عمليات الجرافة ومذبحة مدرسة مركز الحاخام في القدس عام 2008.

أوساط أمنية صهيونية قالت أن مخزون الردود العسكرية لـ”إسرائيل” قد استُنفد، إضافة لتسريع إجراءات هدم منازل المنفذين في القدس، فان تواجد الشرطة مكثف في المدينة، وعلى ضوء استمرار العمليات سيكون من الصعب على رئيس الحكومة تنفيذ وعوده بأن يُسهل على الفلسطينيين فيها، ورغم أن السلطة الفلسطينية لعبت بالنار في تصريحاتها حول الحرم، لكن الأجهزة الأمنية في “إسرائيل” تُجمع أن القيادة الفلسطينية لا تشجع العنف حاليا، لاسيما في الضفة الغربية. 

وأضافت: التصريحات الحادة من الوزراء لا تخدم تحسين الوضع، ورغم أن الأجهزة الأمنية تحاول التصرف بحذر، إلا أن العمليات، مضافا إليها التصعيد السياسي، فما زالت السلطة تستعد للتوجه لمجلس الأمن من شأنهما زيادة التدهور في المناطق إلى انتفاضة، وتكون أكبر من الموجة الحالية الخطيرة والقاتلة التي ضربت القدس وتل ابيب وغوش عصيون هذا الشهر، وقد تنضم للعمليات الفردية شبكات منظمة أكثر.

وختمت بالقول: الأمر المشترك بين الشاباك والجيش، هو الخشية أننا نسير باتجاه التصعيد الشامل، رجال الأمن متشائمين أكثر من السياسيين، وقادة اليمين يسوقون منذ فترة طويلة فكرة أن “إسرائيل” يجب أن تركز على إدارة الصراع مع الفلسطينيين، بسبب غياب أفق الحل السياسي في السنوات القادمة، وإن كانوا صادقين في تشخصيهم بأن القيادة الحالية للسلطة لا تستطيع التوصل لاتفاق نهائي، فان موجة العمليات تثبت أن هناك ثمنا لإبقاء الوضع الحالي، وفي هذه الظروف فان العمليات ستستمر، وفقط من شأنها أن تتصاعد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات