الخميس 08/مايو/2025

حمدان: علاقات حماس الخارجية صيغت على قاعدة دعم القضية (الجزء الرابع)

حمدان: علاقات حماس الخارجية صيغت على قاعدة دعم القضية (الجزء الرابع)

في الجزء الرابع والأخير، من اللقاء الشامل لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، مع مسؤول العلاقات الخارجية في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أسامة حمدان، يتحدث بصراحة حول طبيعة علاقة حماس بالأطراف العربية والإسلامية والدولية، وانعكاسات التطورات في المنطقة على هذه العلاقة.

ويرى حمدان، أن حماس صاغت علاقتها الخارجية على قاعدة دعم القضية الفلسطينية وهذا سر قوة ونجاح علاقتها بالجميع، كما أنها لم تلجأ لنسج علاقات مع دول أو جهات أخرى من منطلق “البديل”، فهذا المنطلق “لا تتعامل به حماس ونحن حريصون على علاقات إيجابية مع الأمة والدول العربية والإسلامية جمعاء”.

خسارة النفوذ الخارجي!

ولدى سؤال حمدان، إن كانت حماس خسرت نفوذها الحقيقي بالخارج بعد الخروج من سوريا؟، رد بالقول: “قد تكون هذه أمنيات البعض، وليس لها صدى حقيقي في الواقع، صحيح أن التحولات التي جرت في المنطقة غيرت صيغ العلاقات، لكن المهم في هذا الأمر أن علاقات حماس صيغت على قاعدة دعم القضية الفلسطينية وهذه ليست بالصورة السلبية التي يحاول البعض أن يرسمها”.

وبتابع حمدان بالقول: الذي يريد أن يقول إن حماس خسرت علاقاتها في الخارج، وتعيش مأزقاً في الداخل، وأن هناك عدوان صهيوني أدى إلى دمار غزة، وأن الانقسام لا يذهب باتجاه الإنهاء، هذا يريدنا أن نقبل بما يقدمه المجتمع الدولي لنا”. 

موقف واضح

ويفرق حمدان، في حواره، بين مفهوم التدخل بالشأن الداخلي للدول، وما بين تأيدها للحقوق التي تتفق ورؤيتها، ويقول حمدان: :حماس أخذت موقفا واضحا بعدم التدخل بمجريات حراك الشعوب في بلادها، وهذه سياسة قديمة لحماس بأن لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكن حماس أيضا أكدت أيضا أن من حق الشعوب أن تعيش حياة حرة وكريمة، وأن تحقق مطالبها في تطوير الحريات في بلادها لأن هذا ينسجم مع رسالة المقاومة التي تسعى لتحقيق حرية شعبها”.

ويوضح حمدان، أن “المقاومة منطلق نشأتها المطالبة بالحرية والقتال ضد المحتل من أجل إنهاء احتلاله وفرض حرية شعبها، وبالتالي أنت لا يمكن أن تعيب على الشعوب ما تطلبه لنفسك. عندما تطلب الحرية لنفسك ولشعبك، يجب ألا تنكرها على غيرك من الشعوب”.

أما المسألة الثالثة، وفقا لرؤية حمدان، فإن حماس “ترفض التدخل الأجنبي في شؤون بلادنا وأن مطالبات الشعوب يجب أن تكون شأنا داخليا وأن تحقيق الشعوب لمطالبها والاستحقاقات الوطنية يجب أن تظل شأنا داخليا. وبهذا المعني نحن نرفض أي تدخل أجنبي في شؤون بلادنا أيا كان مبرراته”.

ويؤكد حمدان في حواره على أن حماس “لم تبن علاقتها على مواقف من قضية هنا أو هناك، سوى الموقف من القضية الفلسطينية، بمعنى أن علاقاتنا قائمة على أساس الموقف من القضية الفلسطينية، من يدعم القضية الفلسطينية دعما محقا وجادا وصادقا فبكل تأكيد فإن علاقته بحماس يجب أن تكون علاقة صحيحة وصحية وسليمة.. والذي يقف ضد القضية الفلسطينية من الطبيعي أن لا تكون له علاقة مع حماس. ولا بالمقاومة الفلسطينية”.

 ويوضح “بهذا المعنى قد تكون بعض العلاقات تغيرت صيغها وشكلها ومنسوب الأداء فيها، لكن أعتقد أن حركة حماس اليوم باتت عنوانا واضحا لقرب أو بعد أي طرف عن القضية الفلسطينية. وباتت العلاقات مع القضية الفلسطينية أكثر وضوحا في ظل موقف حماس الذي أشرت إليه في النقاط السابقة. وهذا قدم براهين على مصداقيات لأطراف وبراهين على أن البعض ما زال متأخرا في دعم القضية الفلسطينية كما يجب”، وفقا لتعبير حمدان.

حماس وسوريا

هل أخطأت حماس بموقفها من سوريا؟، كان هذا سؤالا توجهنا به إلى حمدان في حوارنا الشامل معه، فكان رده واضحا بالقول: “نحن لم نرتكب خطأ، في موقفنا تجاه سوريا كنا واضحين. وبذلنا جهدا – وبموافقة القيادة السورية – للمساعدة حتى لا تتدهور الأمور، وللوصول إلى حالة الاستقرار التي نعتقد أن سوريا يجب أن تكون عليها. ما يجري في سوريا اليوم لا شك أنه مؤسف ومؤلم، والمستفيد من الدمار والمعاناة في سوريا هو المحتل الصهيوني دون غيره”.

ويتابع بالقول: “وربما يستفيد جزئيا مما يجري بسوريا الدور الأمريكي في المنطقة الذي يعتبر أولويته الإستراتيجية تأمين مستقبل “إسرائيل” الإستراتيجي، ثم إمدادات الطاقة وترسيخ النفوذ الأمريكي في المنطقة”.


وما يبرهن على رؤية حماس مما يجري بالمنطقة، يوضح حمدان بالقول: “غادرت قيادة حماس سوريا، وواصلت دورها في إدارة الصراع مع العدو، ولم تأخذ موقفا أو تقم بممارسة تحالف سياسي تجاه هذا الموقف أو غيره”.


ويضيف “لذلك أعتقد أن حماس لم تخطئ، بالعكس تعاملت بموضوعية ومسؤولية مع ما جرى  في سوريا، وغلبت المصلحة الوطنية الفلسطينية على أي مصالح أخرى”.

 العلاقة مع إيران

العلاقة مع إيران تأثرت بسبب سوريا، هذا ما يراه كثير من المراقبين، وهو دفعنا إلى توجيه سؤال مباشر لحمدان حول تقيمه لهذه العلاقة، وهل ما زالت إيران داعمة لحماس وكيف؟ أم أن هذا الدعم توقف؟ وما هي سبل إصلاح العلاقة بين الطرفين؟

يرد حمدان من طرفه موضحا بالقول: “الحقيقة أن العلاقة مع إيران لها تاريخ طويل ممتد لأكثر من عقدين من الزمن… وهي علاقة كانت قائمة ولا تزال على قاعدة دعم القضية الفلسطينية، ودعم نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني ومقاومته.  والكل كان يعلم بعضا من جوانب هذه العلاقة وآثارها على القضية الفلسطينية”.


ويضيف “من طرف الحركة لم يحصل أي موقف يستدعي التغيير في العلاقة، لكن بكل تأكيد في لحظه من اللحظات تأثرت هذه العلاقة نتيجة ما يجرى بسوريا.. ونحن ما زلنا معنيون بأن نحافظ على علاقاتنا في السياق الذي أشرت إليه. سياق الفضية الفلسطينية ومساراتها. وإذا كان البعض يحاول أن يصفق طربا لما يقدره من تراجع العلاقة في الظرف الراهن، فأنا أقول على هؤلاء أن يتريثوا وألا يستعجلوا فهذه العلاقة الممتدة لعقود لا يمكن أن تصل إلى الشكل الذي يتمنون”.


هذه الإجابة، دفعتنا للسؤال إن كانت العلاقة مع إيران في طريقها للإصلاح، والعودة إلى طبيعتها، فرد حمدان بالقول: “من حق الجميع أن يستنتج كما يشاء، لكن بكل تأكيد عليهم أن يحاذروا من استنتاجات سلبية!”.

حماس وحزب الله

أما فيما يخص العلاقة مع حزب الله، فيوضح حمدان بأنها “جيدة، وهناك تماس يومي بحكم الوجود الفلسطيني في لبنان ووجود حزب الله في الساحة اللبنانية كلاعب أساسي بل الأكبر والأساس في المعادلة السياسية اللبنانية”.

ويضيف: “هناك تاريخ طويل وممتد من العلاقة بيننا وبين حزب الله.. وأعتقد أن العلاقة معه ظلت بمستوى جيد ولم يحصل فيها أي حالة من الانتكاس كما يحاول البعض أن يصور.. وأعتقد أن المقاومة في فلسطين ولبنان استطاعت أن ترسخ الأمل في الأمة، ليس فقط على مستوى هزيمة المحتل الصهيوني وتحرير الأرض، بل أيضا على مستوى مشهد وحدة الأمة، حيث شكلت المقاومة نموذجا يحبط كل محاولات إشغال الفتنة في هذه الأمة على أسس مذهبية وطائفية. وهذه رسالة مهمة جدا”.


وعند سؤالنا له، حول رؤية البعض أن حزب الله من خلال استمرار تدخله في سوريا، أثار شكوكا حول طبيعة مواقفه على الأرض، قال حمدان: “بعيدا عن ذلك، أعتقد أن هناك مصلحة أكبر، مصلحة تقتضي أن يكون هناك بيئة مقاومة في المنطقة ضد الاحتلال. وحزب الله ركن أساسي في هذه المقاومة ضد الكيان الصهيوني، ويجب ألا يستسهل البعض هذا الدور أيضا. ولا بد من الحرص على بقاء حزب الله ركيزة أساسية في مواجهة الكيان الصهيوني والحد من أطماعه”.

العلاقة مع قطر وتركيا

في أعقاب تراجع العلاقة مع سوريا وإيران، البعض قرأ توجه حماس إلى تركيا وقطر كبديل؟ هذا سؤال حملناه في حوارنا مع حمدان، فرد قائلا: “نحن لا نتعامل مع العلاقات بهذا المنطلق، ونحن حريصون على علاقات إيجابية مع الأمة والدول العربية والإسلامية وكل حر يدعم حقنا”.

ويتابع بالقول: “علاقتنا مع قطر تمتد منذ تسعينيات القرن الماضي، وهي علاقة  يزيد عمرها عن 20 عاما.. وهذه العلاقة لم تنشأ في ظل حادث معين أو أزمة ما .. لنقول إنها علاقة بديلة، بل هي علاقة طبيعية موجودة وكانت وما تزال علاقة طيبة وقوية ومستقرة، ومن طرفنا نحن نقدر هذه العلاقة بشكل كبير”.


ويؤكد على أن “السياسة التي تعتمدها حركة حماس بالانفتاح على كل أقطار الأمة، سياسة صحيحة، ولا يمكن لأحد أن يعيب علينا، لأن لدينا علاقة مع أي دولة في هذا العالم على قاعدة القضية الفلسطينية”.


أما فيما يخص العلاقة مع تركيا، فيوضح حمدان بالقول: “العلاقة مع تركيا أيضا لم تكن بديلا لأحد، لأنها أيضا قديمة وممتدة منذ أكثر من عقد ونصف من الزمن، وكان فيها محطات واضحة ومعلنة في لقاءات مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في مطلع القرن الحالي، وهذه العلاقة خدمت القضية الفلسطينية، وهي ما تزال موجودة وقائمة ونحن حريصون عليها”.


ويؤكد بالقول على أنه “إذا كان هناك صراعات في المنطقة بين الدول، فنحن نعتقد أن على الجميع أن يجنب القضية الفلسطينية هذه الصراعات والتباينات، بحيث تكون القضية الفلسطينية المشترك بين هذه الدول، وربما يفتح الأفق لتجاوز بعض العقد والأزمات”.


وخلاصة القول، فيما يتعلق بالعلاقات العربية والإسلامية، يقول حمدان: “إن العلاقة مع الأطراف العربية والإسلامية، هي تخدم أصحابها كما تخدم القضية الفلسطينية، والقضية الفلسطينية ليست عبئا ولن تكون عبئا على أحد، بأي حال من الأحوال دعم القضية الفلسطينية هو قوة في ميزان أي طرف داعم للقضية الفلسطينية، كما أنه لا شك أن الدعم العربي والإسلامي قوة للقضية الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات