السبت 10/مايو/2025

حمدان: زمن احتكار القرار الفلسطيني ولى (الجزء الثاني)

حمدان: زمن احتكار القرار الفلسطيني ولى (الجزء الثاني)

يؤكد أسامة حمدان، مسؤول العلاقات الخارجية في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، على أن حركته على قناعة تامة بخطوة المصالحة التي أقدمت عليها، وتعدّها خطوة أساسية لإعادة اللحمة الوطنية، مشدداً على أن أي خطوة يحاول البعض من خلالها عرقلة المصالحة، لن يتم الاستسلام لها، بل سيتم الدفاع عنها.
 
ويشير حمدان، في الجزء الثاني من الحوار الخاص والشامل مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، إلى أن هناك “عقلية حتى الآن لا تستطيع تقبل أن هناك شركاء جدد في صناعة القرار الوطني، ونحن الآن أمام خيارين؛ إما أن نصطدم بهذه العقلية، وهذا يعني أزمات فلسطينية جديدة، وإما أن نتعامل مع هذه العقلية ضمن تفاهمات واضحة”.

ويشدد حمدان، في هذا الجزء من الحوار، على أن رئيس السلطة محمود عباس مطالب بمنح “شعبه ومقاومته الثقة، وأن يطمئن إلى أن العقل الجمعي الفلسطيني المقاوم، هو عقل وطني، وهو الذي يسمح ببقاء القضية الفلسطينية حية، وهو الذي يسمح بتحقيق إنجازات سياسية”.

موقف واضح وثابت

وفي سؤال وجه للقيادي أسامه حمدان، حول موقف حركة حماس من المصالحة الفلسطينية، في ظل ما شهدته العلاقة الداخلية من توترات في الفترة الأخير، قال: “حركة حماس لا تزال مقتنعة بأن المصالحة التي أقدمت عليها، وتقدمت تجاهها هي خطوة في الاتجاه الصحيح، بل هي خطوة أساسية لإعادة بناء اللحمة الوطنية الفلسطينية.

وأضاف، مستدركاً، إلا إذا كان البعض يريد أن يعطل هذه الخطوة، فهذا يجب ألا يدفعنا للاستسلام لهذه الإرادة، بل علينا نحن ومن يقف في مربع الحرص على القضية الفلسطينية أن يبذل كل جهد ممكن لمنع نجاح هذا المخطط في إعادة الانقسام إلى الساحة الفلسطينية، سواء من خلال الممارسات التي نرى، أو القصور والممارسات التي تعتري حكومة الوفاق، أو من خلال التصريحات غير المسؤولة التي نسمعها من محمود عباس ومن بعض من يُفترض أن يكونوا حريصين على المصالحة، ونحن نمسك بهذه المصالحة ونبحث عن سبل لتعزيزها.

ويشير حمدان إلى أنه يجب أن نتفق على مسألة؛ طالما أن الوحدة الوطنية هي مطلب وطني وهي أصل من الأصول، إذًا لا بد من وضع تعريف دقيق لهذه الوحدة الوطنية، وفي نفس الوقت بذل كل الجهد بشكل يُصبغ بالأولوية من أجل تعزيز هذه الوحدة.

ويقول حمدان: الوحدة الفلسطينية بمفهوم حركة حماس هي إيجاد إطار وطني جامع يتشارك فيه كل الفلسطينيين، ويسعون من خلاله بالتكاتف والتكامل لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، وهو التحرير والعودة.

عقلية الاحتكار!

ويلفت حمدان الانتباه إلى أن إيجاد مفهوم وطني جامع يشارك فيه الكل الفلسطيني بعد سنوات الانقسام لا يعد أمراً سهلاً، فإمكانية التعاون مع عقلية احتكرت القرار الوطني الفلسطيني، عقودًا من الزمن، يزيد الأمر صعوبة.

ويتابع بالقول: هناك عقلية حتى الآن لا تستطيع أن تقبل وجود شركاء جدد في صناعة القرار الوطني، ونحن الآن أمام خيارين؛ إما أن نصطدم بهذه العقلية، وهذا يعني أزمات فلسطينية جديدة، وإما أن نتعامل مع هذه العقلية ضمن تفاهمات واضحة، ونبذل جهدًا إضافيًّا (كفصائل فلسطينية وليس فقط في حماس)، ولتنتقل هذه العقلية من الاستئثار إلى عقلية المشاركة. فنحن في مرحلة تحرر وطني، وإذا ما ترك كل طرف يفعل ما يراه مناسبًا، سيحطم القضية الفلسطينية، وبالتالي الحل هو وفاق وطني فلسطيني في إطار جامع.

مشروعان

المسألة الثانية، كما يراها حمدان، تتمثل في أن هناك مشروعين في البيئة الفلسطينية السياسية؛ مشروع يقول إنه لا يمكن تحقيق الحقوق الفلسطينية إلا بالمفاوضات، ومشروع يقول إن الحقوق الفلسطينية لا تأتي إلا بالمقاومة.
 
ويوضح حمدان بالقول: المشروع الذي يتكلم عن المفاوضات هو المشروع الذي وقع اتفاقية أوسلو عام 1993 وحتى اليوم نحن نجني خسائر متعددة ومتراكمة على الصعيد الوطني الفلسطيني. هذا المشروع تكلم عن حل دولتين في حدود الرابع من حزيران عام 67 ، واليوم يتكلم عن ما لا يزيد عن 40%  من الأرض المحتلة عام 67، ما يعني أقل من 10% من الأرض الفلسطينية.

ويضيف حمدان، أما مشروع المقاومة، حتى الآن -صحيح لم يحقق التحرير-، لكنه نجح في تحقيق قضايا مهمة جدًّا؛ حيث استطاع أن يدحر الاحتلال عن غزة، وبهذا المعنى هو قادر على أن يدحر الاحتلال عن أراض أخرى إذا ما توقف دور الأجهزة الأمية بالضفة من التنسيق مع الاحتلال ومواجهة المقاومة.

ويرى حمدان أن مشروع المقاومة نجح في أن يضرب أسس استقرار المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، وضرب العقيدة الأمنية “الإسرائيلية”، وهز الثقة في الاقتصاد “الإسرائيلي”.  واليوم الاحتلال يعيش بمأزق على المستوى الدولي، لأن الكل بات يشاهد الاحتلال في مواجهته للشعب الفلسطيني وقمعه وارتكابه للجرائم النازيه بحقه.

التكامل بالدور

ويعدّ حمدان، أن حركة حماس لا تسعى باتجاه أن ينفي أحد المشروعين الآخر، وبالتالي تستقر الأمور، “بالعكس نحن نعتقد أنه لا بد من التكامل في دور ميداني مقاوم يجمع أوراق القوة ليفرض واقعًا في السياسة، ولا بد من دور سياسي يخرج من عباءة التبعية والذل في الارتباط بالاحتلال، وينطلق إلى فضاء الكرامة والعزة الوطنية ليحقق إنجازات للشعب الفلسطيني ويحمي حقوق الفلسطينيين ويناضل بطريقة مختلفة عن المسار الذي شهدناه منذ عام 1988 مسار الاعتراف بـ”إسرائيل” والرضوخ لشروطها”.

ويضيف حمدان: ذهابنا للمصالحة كان في هذا الإطار الوطني، وتوافقنا على أن يُعاد بناء منظمة التحرير، وقلنا إننا نريد بناء مشروع وطني متكامل، واتفقنا على كل ذلك في بيئة إيجابية، هذه البيئة قلنا يجب أن يتم فيها إنهاء الاتقسام، وأن نعيد إعمار غزة وأن نحقق مصالحة مجتمعية، وأن نخوض انتخابات تشكل مجالسنا الوطنية والتشريعية ونبدأ سويًّا ببناء آليات تحقيق الهدف الوطني وهو التحرير والعودة.

وجدد حمدان حرص حركته على أن يستمر هذا المسار، رغم أن البعض يحاول أن يعطله، والبعض يستبطئ هذا المسار، أنا أقول للمعطلين: لن تنجحوا في ذلك، الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوف الأيدي، وهو يراقب فريقًا أو أفرادًا أو أطرافًا يريدون تدمير مشوعه الوطني، وأقول للمستبطئين ضعوا جهدكم إلى جانب جهدنا كي ندفع هذا المسار قدمًا إلى الأمام.

ويرى حمدان أن البعض مطالب بالتخلى عن عقليته في تقييم الأمور بشكل ينطلق دائمًا من منطق الغالب والمغلوب، نحن في حركة حماس، قرارنا في البيئة الوطنية ليس هناك غالب ولا مغلوب، وأن التنازل على الصعيد الوطني الداخلي هو مكسب وطني فلسطيني، أما التنازل أمام العدو فهو الكارثة الوطنية.

ويتابع بالقول يجب أن يدرك الجميع أن المصالحة والوحدة الوطنية مصلحة فلسطينية والكل فيها كاسب، وأن استمرار الانقسام وعرقلة المصالحة هي خدمة للاحتلال “الإسرائيلي”.

شرعية الحكومة والرئاسة

وعن طبيعة الخيارت التي قد تلجأ حركة حماس إلى بحثها في ظل انسداد الأفق السياسي الداخلي، وكذلك عدم قيام حكومة التوافق بالدور المنوط بها؛ يشير حمدان، إلى أن الحديث عن خيارات أو أفكار سياسية في بيئة المعترك السياسي الداخلي الفلسطيني في هذه الفترة، أمر طبيعي..

وأضاف قائلا: الحديث عن شرعية الحكومة وموقفها، ومناقشة أدائها في المجلس التشريعي، هذا حق طبيعي يكفله النظام الأساس وتكفله أبسط حقوق الديمقراطية، إن صح التعبير.

أما فيما يخص حديث حركة حماس من خلال كتلتها في المجلس التشريعي الفلسطيني دراسة إمكانية شرعية رئيس السلطة عباس، يوضح حمدان بالقول: كذلك الحديث عن دور رئيس السلطة، فلا يوجد في النظام الأساسي الفلسطيني، ما يفرض حصانة لمقصرٍ في واجباته، هناك حصانة لمسؤول يسعى لتحقيق مهامه فيما يخص سياق عمله، لكن إذا قصر في القيام بواجباته الوطنية، فلا حصانة له ويجب أن يُساءل في حدود القانون وفي حدود المنطق السياسي الصحيح والمصلحة الوطنية، وفي حدود إنهاء هذا التقصير ومنع استمراره.

 ويرى حمدان أن التعبيرات والمواقف التي تصدر في هذا السياق، محقة ومواقف سليمة لأن هدفها هو دفع الأمور إلى الأمام، وليس هدفها تأزيم الأمور كما نرى من مواقف أخرى.

ويضيف بالقول: لكن أعود إلى أصل السؤال، فموضوع الثقة أنا في رأيي أن تكون هناك من حيث المبدأ ثقة، لأننا شعب واحد ولنا قضية واحدة، فالاحتلال عندما يقتل فلسطينيًّا -بغض النظر عن انتمائه- فهو يقتل فلسطينيًّا، وإن طُرد مستوطن من أي أرض فلسطينية، فهو انتصار للمشروع الوطني الفلسطيني.

ويرى أن الممارسة على الأرض إما أن تعزز من الثقة أو أن تدفعها إلى التراجع.. الانقسام -لا شك- أثر سلبًا عليها، لكن توقيع اتفاق المصالحة أعاد الثقة إلى وضع معين، والخطوات التي أقدمت عليها حركة حماس من قبيل التنازل عن موضوع الحكومة الفلسطينية، ورئيس وزراء مستقل، إلى توقيع اتفاق يسمح لمحمود عباس بأن يصبح رئيسًا للوزراء، ثم بعد ذلك موافقتنا أن يسمي محمود عباس هؤلاء الوزراء ثم موافقتنا أن يكون الوزراء تكنوقراط، ثم موافقتنا ألا تكون حكومة سياسية (رغم وجود محسوبين على تنظيم بعينه في هذه الحكومة دون سواه من التنظيمات).. كل هذه لم تكن مسألة تتم لضعف حماس أو لسذاجة عند حماس، وإنما كانت تتم في سياق عملية تسهيل لمسار المصالحة الفلسطينية، وأنا أفترض أن هذا يكرس الثقة.

ويختم حديثه بهذا الملف بالقول: أما أن يفترض محمود عباس أنه صاحب الحكم في الثقة، وأن عليه أن يمتحن ثقة الناس بثقته بالناس، فهذا في العمل الوطني من السذاجة الكبيرة أن يكون أسلوبًا أو فعلاً من قيادي فلسطيني… ينبغي أن يترفع محمود عباس عن ذلك وأن يصبح أكبر من ذلك إذا أراد أن يكون في موقع متقدم في القيادة الوطنية الفلسطينية، ويجب أن يعطي شعبه ومقاومته الثقة، وأن يطمئن إلى أن العقل الجمعي الفلسطيني المقاوم، هو عقل وطني، وهو الذي يسمح ببقاء القضية الفلسطينية حية، وهو الذي يسمح بتحقيق إنجازات سياسية، ولولا هذه المقاومة لربما كان محمود عباس يقيم في المنفى في دولة أخرى وليس في رام الله.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات