السبت 10/مايو/2025

تصحيح مفاهيم ورد على (الخميس)

تصحيح مفاهيم ورد على (الخميس)

في البداية لابد أن أؤكد أن مقالي هذا لا علاقة ولاتقارب له مع المحاكمات التي يتعرض لها الداعية الكويتي عثمان الخميس على خلفيةنقاشاته المذهبية لا من جهة الشكل ولا من جهة المضمون ولا من جهة التوقيت.. ولكن مقالييتعلق بما قاله خلال الحرب على غزة في كلمة مصورة له اتهم فيها حماس بتهم غيرواقعية وأصدر عليها أحكاماً ظالمة تقوم على الإشاعات وعدم التدبر.. فالقضية تصحيحمفاهيم وإزالة التباس ألقاه على أحكام شرعية ونصوص مقدسة وقضية عامة.. فمقاليوجهته فلسطين وغايته حماية جناب الدين دون أي اعتبار آخر.. وأقول:”الخميس” وخلال الحرب “الصهيو أمريكعربية ” ودون تقدير منهللتوقيت ولا احترام منه لصمود حماس راح يتهم حماس بالعناد والجهل وأنها تغامر بغزةودمائها.. واتكأ لحكمه هذا على آيتين وحديث، أما الآيتان، فالأولى يخاطب الله تعالىفيها المؤمنين مخففاً عليهم بقوله (إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) فقال”الخميس” لا تجوز المقاومة إن كان الأعداء أكثر من ضعف عدد المسلمين كماالحال في غزة! وأما الآية الثانية فقول الله تعالى (وأعدو لهم ما استطعتم من قوة)مستدلاً بها على أن المتوجب على أهل غزة وفقها الاستمرار في إعداد العدة وليس أنيقاتلوا.. وأما الحديث فقصة آل ياسر – رضي الله عنهم – الذين تعرضوا للأذىوالتعذيب في مكة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصبر ولم يأمرهمبالقتال.. واستخلص “الخميس” من كل ما ذكر أن المطلوب من أهل غزة هوالصبر وإعداد العدة لا سوى ذلك.. وفي سقطة منه تفوح برائحة الغرور والكبر تساءلمستنكراً “وهل في غزة علماء”؟

والتزاماً مني بمنهجية الدعوة بالحسنى وتصحيحاً للمفاهيمالتي أربكها وخلطها الداعية “الخميس” أرد فأقول:

أولاً: ما جاء به “الخميس” سبقه إليه آخرونكمحمود الهباش وزير أوقاف سلطة رام الله المقال، ومحمود زقزوق وزير أوقاف مصرللساقط حسني مبارك.. وهو ما صار يسمى “فقه التنازلات أو فكر الهزيمة”وهو ذات الفكر الذي يحاول إعلاميون معروفون وشيوخ رسميون ترويجه على العامةوالبسطاء.

ثانياً: وما نحا إليه “الخميس” حيلة قديمة هياقتطاع النصوص وإخراجها من سياقها، وتجاهل القرائن والسياق ومقاصد الشريعة وكلياتالدين.. وإلا فقول الله تعالى (إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) إنما يفيدرخصة الفرار إذا زاد عدد العدو على الضعف وأمكن الفرار فأين هذا من حرب التحريروالدفاع عن النفس وعن حوزة الإسلام في غزة؟ كذا حديث “آل ياسر” رضي اللهعنهم فهو لا يفيد التنازل والتهرؤ الذي يدعو إليه “الخميس” لأن القتالكان محظوراً بقول الله تعالى حينئذ (كفوا أيدكم وأقيموا الصلاة) فإن سأل أحد عنحكمة منع القتال فليس فارق القوة العددية بين الفريقين هو جوهر الحكمة، ولكن لأنالدعوة في مطلعها وكانت محتاجة للترويج وللوقت والتفرغ وأن تتجذر في الضمائروالقلوب، وأن تبرز أحقيتها وحقوقيتها، وكل ذلك يستلزم عدم المغامرة بحياة النبيصلى الله عليه وسلم وحياة القلة المسلمة.. فالشيخ إذن يخلط الشام باليمن ويقيس علىغير مقيس ويبني على غير علة مشتركة؟

 ثالثاً: وأمااستشهاده بقول الله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وأنها تدل على الاكتفاءبالإعداد.. فذلك والله من الضلال المبين ومن التهافت المشين!! وهل يسمح العدووأولياؤهم من بني جلدتنا بهذا الإعداد لولا المقاومة التي يريد أن يحرمها ويتهمهابالجهل والعناد؟ ثم أليست المقاومة قد أعدت من القوة ما يسيء وجوه كارهيها؟ ألايرى الصواريخ والأنفاق والراجمات؟ ألا يرى شعب غزة كيف أعدته المقاومة دينياًومعنوياً؟ ولماذا لا يرى ولا يسمع عن المجاهدين الذين لقنوا العدو درساً في الصمودوالقتال والجرأة لم تعلمه إياه كل الأمة لعشرات السنين منذ قيام الكيان.. فإن كان”الداعية الخميس” لا يرى ذلك فتلك مصيبة، وإن كان يراه فالمصيبة أعظم!

رابعاً: وماذا يقول “الخميس” عن مقاتلة النبيصلى الله عليه وسلم للروم في “مؤتة” وفي “تبوك” عندما أرسلثلاثة آلاف للأولى وثلاثين ألفاً للثانية في مواجهة مئات الآلاف من الروم فيبلادهم وعلى أرضهم؟ وهل كان صلى الله عليه وسلم – وحاشاه ألف مرة أن يكون – هل كانمعانداً وجاهلاً ولا يعلم ما يعلمه “الخميس” من دين الله تعالى؟

 خامساً: ونسأل”الخميس” لنلزمه بل لنحرجه – نعم لنحرجه – هل كانت ثورة الكويتيين علىمئات آلاف الجنود العراقيين كان عناداً وجهلاً ولأن الكويت ليس فيها علماء؟ وهلثورة الجزائريين الذين قتل منهم في يوم واحد سنة 1945 خمسة وأربعين ألفاً على يدفرنسا هل كانوا هم أيضاً معاندين وجهلة وعصاة!!

سادساً: ولنا أن نسأل “الخميس” ما الذي يعنيهله قول الله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله)؟

 آخر القول: لقدأبدع “عثمان الخميس” في مجالات وموضوعات أخرى.. فيا ليته عرف حده فوقفعنده ولم يتجاوزه إلى ما لا يعلم، وليته فهم أن استهداف المقاومة التي تقدم قادتهافداء للقدس ودفاعاً عن النفس وصيانة للدماء المحرمة هو نوع من الإرجاف والخذلانوالتخلي عن النصرة الواجبة.

صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات