في ذكرى حركة القسام

قبل تسعة وسبعين عاماً مضت، استشهد الشيخ عزالدينعبدالقادر القسام في أحراش بلدة يعبد قضاء جنين في فلسطين المحتلة، مشكلاًباستشهاده نقطة تحول نوعية بارزة في مسار العمل الفلسطيني المقاوم والمناهض لسلطاتالانتداب البريطاني، التي كانت تعمل ليل نهار من أجل تنفيذها لوعدها المشؤومبإقامة «وطن قومي يهودي» لليهود على أنقاض الكيان القومي والوطني للشعب الفلسطيني.
فقد كان عزالدين القسام، أبرز المقاومين الأوائلللاستعمار البريطاني لفلسطين، فخطَّ بدمه ملامح فجر المقاومة على أرض فلسطين، وأسَّسبجهاده لمسيرة تضحيات ظلت منارة للشعب العربي الفلسطيني حتى اللحظات الراهنة.
ولمن لا يعرف، أو لا يعلم، فإن الشيخ عزالدين القسام،صنع تجربة فريدة من نوعها في فلسطين، لرجل حمل هموم شعبه العربي، وانطلق من بينالبسطاء والعمال والفلاحين في فلسطين من أقصاها إلى أقصاها، ومن داخل محراب المسجدباتجاه مقاومة المشروع الصهيوني ومن وراءه.
فقد شق طريقه ومساره في العمل المقاوم انطلاقاً من مسجدالاستقلال في مدينة حيفا التي وصل إليها من بلدة جبلة على الساحل السوري الشماليعام 1920 بعد مطاردات مع قوات الاحتلال الفرنسي لسوريا، مؤكداً على عمق الترابطوالانتماء الواحد، وعلى البعد العربي والإسلامي لقضية فلسطين.
وفي قدومه إلى فلسطين، حمل الشهيد القسام معه، تجربةمختمرة، وكنزاً دفيناً في شخصيته التي كان صقلها في مصر عند ذهابه للأزهر طلباًللعلم، وحضوره دروس الشيخ محمد عبده في عمل ودراسة في الأزهر لعشر سنوات متتالية،فتحول في فلسطين من خطيب مفوه داخل صحن مسجد الاستقلال في مدينة حيفا، ومن قاضشرعي لعموم شمال فلسطين إلى محرض وقائد وناشر للشرر في وجه سلطات الانتداب.
بدأ القسام تجربته في فلسطين ومن مدينة حيفا التي وصلإليها عام 1920، من رحاب مسجد الاستقلال، فأسس مع المرحوم رشيد الحاج إبراهيم(رئيس فرع البنك العربي في المدينة ورئيس بلدية حيفا) فرعاً لجمعية الشبانالمسلمين في سياق سعيه لمأسسة العمل الوطني والإسلامي داخل فلسطين أمام تتاليالمخاطر التي كانت تدب على الأرض في ظل استمرار قدوم موجات الهجرات اليهودية إلىفلسطين من مختلف أصقاع الأرض تحت حماية ورعاية سلطات الانتداب.
شكلت أحياء حيفا العمالية، وبيوت الصفيح التي كان يقيمفيها عمال الميناء ومصفاة النفط (الفينري) من العمال القادمين من قرى فلسطينالمختلفة خصوصاً في الجليل ومنطقة الشمال، وحتى من جنوب لبنان ومن سوريا، الميدانالأساسي لانطلاق حركة الجهاد التي عمل وأسس لها الشهيد القسام، وفي اختيار العناصرالطليعية للعمل المقاوم بدءاً من العام 1925 إلى حين انطلاق العمل المباشر ضدسلطات الانتداب عام 1929.
ودون فلسفة للأمور، وبكل بساطة، استطاع القسام أن يطبقطريقة العمل العنقودي في بناء المجموعات الفدائية في فلسطين، وكان الأسلوب الذياتبعه القسام في تنظيم الأفراد يعتمد على مراقبته المصلين وهو يخطب على المنبر، ثميدعو بعد الصلاة من يتوسم به الخير لزيارته، وتتكرر الزيارات حنى يقنعه بالعمللإنقاذ فلسطين ضمن مجموعات سرية لا تزيد على خمسة أفراد ثم اتسعت المجموعات لتضمتسعة أفراد، وكان يشرف على الحلقة الواحدة نقيب يتولى القيادة والتوجيه، ويدفع كلعضو مبلغاً لا يقل عن عشرة قروش شهرياً.
وتشير العديد من المصادر، أو على لسان من تبقى منالأحياء من رفاق رحلة الشهيد عزالدين القسام، ومن أبناء مدينة حيفا، أن خطبة الشيخالشهيد عزالدين القسام الأخيرة في مسجد الاستقلال في مدينة حيفا، تناولت تفسيرالآية الكريمة «ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدؤوكمأول مرة، أتخشونهم، فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين» (التوبة 13-14) وكان فيصوته تهدج وحماسة وفي نبراته رنين ألم ممض، وفي عينيه بريق من بأس وقوة، وقال أيهاالناس: لقد علمتكم أمور دينكم، حتى صار كل واحد منكم عالماً بها، وعلمتكم أموروطنكم حتى وجب عليكم الجهاد، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
وما أن أنهى خطابه حتى كان الحاضرون قد أجهشوا بالبكاءوأقبلوا على يديه يقبلونهما وعاهدوه على القتال. وبعد ساعة من إلقاء الخطبة أخذتسلطات الانتداب تفتش عنه للقبض عليه ومحاكمته ولكنه كان قد ودع أهله وشعبه، وحملبندقيته وذهب وصحبه إلى الجبال ليستشهد مع أربعة من رفاقه، أحدهم من مصر، واثنانمن فلسطين، في أحراش بلدة يعبد قضاء جنين في 22-11-1935، فشيعته مدينة حيفا فيجنازة تاريخية مازال الفلسطينيون يستذكرون وقائعها عندما خرجت فلسطين بقضهاوقضيضها وعموم قياداتها الوطنية وراء جثمان القسام ورفاقه إلى مثواهم الأخير فيمقبرة (بلد الشيخ) قرب مدينة حيفا.
لقد سطر عزالدين القسام على أرض فلسطين مأثرة ومفخرةكبرى، مازال الشعب الفلسطيني يعتد بها ويعيش على خطاها في مقاومة الاحتلال. ومازالقبره قرب مدينة حيفا، تحت رعاية وحماية ما تبقى من أبناء فلسطين في مدينة حيفاوجوارها، كما ويشَكل إلى الآن مصدر وجع وصداع أمام دولة الاحتلال الصهيوني وعصاباتالمستوطنين والمتطرفين الذين يقومون من حين لآخر بإيذاء قبره وتحطيم (شاهدةالرخام) الموضوعة، والمكتوب عليها الجملة التالية: مثوى الشهيد عزالدين القسام..معاً على طريق الكفاح.
صحيفة الوطن القطرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...