وثيقة صهيونية داخلية تمنع إصدار تصاريح لغزيين قدموا دعاوى أضرار

كشفت وثيقة صهيونية داخلية أن النيابة الصهيونية العامة لا تسمح باستنفاد الإجراءات المطلوبة لعقد المداولات القضائية في دعاوى الأضرار التي يتقدم بها سكان قطاع غزة الذين تضرروا من الهجمات العسكرية الصهيونية.

وتسببت الإجراءات المشار إليها في شطب عشرات الدعاوى، إضافة إلى إلزام مقدمي الدعوى بدفع المصاريف. 

كما تكشف الوثيقة أن المدعين في النيابة العامة تلقوا تعليمات بالعمل على استصدار تصاريح خروج من قطاع غزة فقط في الحالات التي يتسبب عدم حضورهم ضررا للكيان، بمعنى أنه يطلب منهم التمييز ضد الشهود من جانب المدعين لصالح الشهود الذين يدلون بشهادات لصالح الكيان.

وكشفت الكاتبة عميرة هس في صحيفة “هآرتس” اليوم الخميس أن هذه التعليمات صدرت عن المستشار القضائي السابق موشي لادور للمدعين بشأن “معالجة شكاوى سكان قطاع غزة بشأن عملية الرصاص المصبوب”، بيد أن التعليمات تسري على شكاوى أخرى.

وبحسب الكاتبة فقد كشف عن هذه التعليمات من خلال ملاحق ردود الكيان على التماسات تقدم بها “مركز عدالة” و”المركز القضائي لحقوق فلسطينيي 48 و”جمعية الميزان” و”المركز الفلطسيني لحقوق الإنسان”، و”جمعية أطباء لحقوق الإنسان”، إضافة إلى أربعة من سكان قطاع غزة تضرروا من العمليات العسكرية للجيش الصهيوني، وقدموا دعاوى أضرار ضد الكيان، ولكن ما تسمى بـ”دائرة التنسيق والارتباط” التابعة لوزارة الأمن رفضت بشكل منهجي منحهم تصاريح خروج من قطاع غزة لالتقاء محاميهم والتوقيع على توكيل.

كما رفضت منحهم تصاريح لإجراء فحصوصات طبية لهم من قبل أطباء مختصين، والوصول إلى المحكمة للإدلاء بشهاداتهم.

يُذكر في هذا السياق أنّ المحكمة العليا نظرت، في الثالث من الشهر الجاري، في التماس ضد السياسة الصهيونية التي تمنع سكان قطاع غزّة الذين قدموا دعاوى أضرار ضد الجيش الصهيوني من دخول البلاد للمثول أمام المحاكم وإتمام الإجراءات القضائية، وبالتالي شطب دعاواهم بحجة عدم مثولهم أو مثول الشهود من طرفهم أمام المحكمة. 

وطالب المحاميان حسن جبارين وسوسن زهر من مركز “عدالة” اللذان ترافعا أمام المحكمة، بتحديد معايير واضحة ومكتوبة تنظّم وتسمح لأهالي غزّة ممن تقدّموا بدعاوى أضرار ضد الجيش الصهيوني وللشهود من طرفهم بالدخول إلى الكيان لإتمام الإجراءات القضائيّة.

وقد كشف الرد الذي قدمه المدعي العام الصهيوني للمحكمة في هذا الملف عن أن الكيان يستغل سلطته على المعابر، ويسمح بمرور الشهود فقط في حال كونهم لا يضرون بموقف الكيان في الملف وتشكل شهادتهم “مسًا جديًا بقدرة الدولة على أن تدافع عن نفسها في هذه القضيّة.”

واعتبر المحاميان حسن جبارين وسوسن زهر أن “الوضع القائم هو حالة عبثية، حيث إن الكيان هو المدعى ضده وهو من يحدد من يستطيع الوصول للمحكمة ومن لا يستطيع وفقًا لمصلحته في الملف”.

وقالا: “هذا هو إجهاض لدعاوى الأضرار وينسف إمكانية تحقيق العدالة مع الغزيين المتضررين من عمليات الجيش الصهيوني في المحاكم الصهيونية”.

كما أكّد المحاميان على أن الأسباب التي تذكرها سلطات الاحتلال لمنع دخول المدّعين هي أسباب سياسيّة، وليس فيها أي اعتبارات أمنيّة.

وإضافةً إلى منع المدّعين والشهود من الوصول إلى المحاكم، تفرض السلطات الصهيونية شروطًا تعجيزيّة تحول دون تقديم الغزيين دعاوى أضرارٍ ضد الكيان.

على سبيل المثال؛ يفرض القانون على أهالي غزّة التقدّم ببلاغ مكتوب للسلطات الصهيونية خلال 60 يومًا من وقوع الحادث الذي تتمحور حوله الشكوى ويعلنون في هذا البلاغ عن نيّتهم تقديم دعوى أضرار.

بعدها، تمهل سلطات الاحتلال أهالي غزّة عامين من وقوع الحادث كحدٍّ أقصى لتقديم الدعوى أمام المحكمة، ومن لا يستوفي هذه الشروط تُشطب دعواه بحجّة التقادم، وهي فترات زمنيّة قصيرة جدًّا نسبة لمصابين بأضرارٍ جسديّة بالغة أو هُدمت بيوتهم أو وقعت عليهم أيٌّ من أهوال الحرب.

كذلك تطلب المحكمة من المدّعي دفع مبالغ طائلة شرطًا لتقديم الدعوى من أجل ضمان دفع تكاليف المحكمة في حال صدر القرار ضده. في دعوى عائلة السمّوني مثلًا، وصل المبلغ الذي طلبته المحكمة للبدء بالإجراء القانونيّة إلى أكثر من مليون شيكل.