الخميس 08/مايو/2025

المدينة المقدسة وخطوات الاحتلال الأخيرة

المدينة المقدسة وخطوات الاحتلال الأخيرة

تعيش مدينة القدس المحتلة الآن لحظات حاسمة من عمرها،حيث يصعّد الاحتلال إغلاقاته واقتحاماته وخطواته الاستفزازية ضد الحرم القدسي، وضدعموم المقدسيين من أبناء المدينة وأحيائها القريبة.

ويواصل المستوطنون والمتطرفون اقتحاماتهم لباحات المسجدالأقصى المبارك تحت حراسة شرطة الاحتلال، في الوقت الذي أقرت فيه حكومة نتنياهوالعديد من المشاريع التهويدية الجديدة، مترافقة مع بعض الأفكار والمقترحاتالموضوعة على طاولة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ومنها الدعوة إلى التقسيم الزمانيوالمكاني للأماكن المقدسة في المدينة.

وفي ظل تلك المعمعة من الإجراءات والخطوات المدروسةوالمخطط لها -التي تقوم بها سلطات الاحتلال على الأرض داخل المدينة وفي جوارهاالقريب- يراوغ رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو، معتبراً أنما يجري من ردود فعل شعبية فلسطينية على ممارسات الاحتلال في المدينة “مشكلةأمنية صرفة، وأعمال إخلال بالنظام يجب أن تقمع عبر حلول تتلخص في ممارسةالقوة”، فإلى أين تسير الأمور بشأن المدينة المقدسة؟

تسعى حكومة نتنياهو لاستغلال الارتباك الفلسطينيوالعربي، والانشغال الدولي بقضايا المنطقة لإيجاد ثغرة للاستفراد بالقدس وأهلهاوالفلسطينيين عموماً، ومقايضة “الأمر الواقع” الجديد على مائدة مفاوضاتالتسوية التي تزداد الضغوط لاستئنافها، أو مساومة السلطة الفلسطينية على توجهاتهابنقل ملف القضية إلى مجلس الأمن والانضمام لبعض الهيئات الدولية.

ولهذا لجأ الاحتلال إلى تصعيد غير مسبوق في منطقة القدسبالإغلاق والاقتحامات والإجراءات المباشرة عبر مصادرة الممتلكات والمنازل وإطلاقمشاريع التهويد الجديدة.

وغني عن القول إن سلطات الاحتلال “الإسرائيلي”وحكومة نتنياهو تجدان الآن وقتاً مناسباً أكثر ملاءمة في ظل الظروف التي تعيشهاالمنطقة لتوسيع معركة الإطباق الكامل على مدينة القدس وتهويدها، وتمرير المشاريعالمخبأة داخل الأدراج، ووضعها موضع التنفيذ الفعلي والعملي، في سياق مشروع”قدس واحدة كبرى وقوية للشعب اليهودي الواحد” كما تقول أدبيات ووثائق مختلفالأحزاب “الإسرائيلية” الصهيونية بما فيها الأحزاب المحسوبة على تيارات”اليسار الصهيوني”.

وسبق التطورات الأخيرة من إغلاقات واقتحامات قيام رئيسالحكومة بنيامين نتنياهو باتخاذ مجموعة من الإجراءات الملموسة المباشرة على الأرض،منها:

– صفقة مع المتطرفين: حيث افتتح رئيس حكومة الاحتلالوأقطاب حكومته المتطرفة بورصة المزايدات الداخلية من أجل إرضاء الأحزاب المتطرفةبما يضمن بقاء حكومة نتنياهو اليمينية لحين إجراء انتخابات قد تكون مبكرة يحاولنتنياهو استباقها بشراء أصوات المتطرفين، لذلك عمل في الفترة الأخيرة على تمريرصفقة مع الجناح الأشد يمينية في حكومته لتسريع عمليات التهويد والاستيطان،والموافقة على مشاريع استيطانية ضخمة في الضفة الغربية بما فيها مشروع استيطاني فيقلب الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل، وفي القدس الشرقية المحتلة خصوصاً، فاستغلتهديد نفتالي بينيت وزير الاقتصاد ورئيس حزب البيت اليهودي بالانسحاب من الائتلافإذا لم يتوقف “التجميد الهادئ” لعمليات الاستيطان والتهويد في القدسومحيطها وعموم الضفة الغربية.

“تنصب جهود الاحتلال على طرح وتمرير مشروع قانونتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، في خطوة تصعيدية جديدة لا تقل خطورة عنالأفكار التي تم طرحها “إسرائيلياً” في المفاوضات التي جرت صيف عام2000″

ولأجل ذلك قام نتنياهو بالإعلان عن خطة لبناء آلافالوحدات الاستيطانية وتوسيع الطرق المؤدية إلى عموم المستعمرات في الضفة الغربية،وبدا واضحا للجميع أن ذلك جزء من صفقة أبرمها نتنياهو مع مجموعات ولوبياتالمستوطنين وحزب “البيت اليهودي” من أجل ضمان استقرار الائتلاف حتى لوقاد ذلك إلى إثارة غضب العالم بأسره، كاسراً بذلك خطة “التجميد الصامتوالالتفافي” لعمليات التهويد والاستيطان، ومعززاً تحالفه مع أجنحة اليمين،واليمين المتطرف في حكومته.

– التقسيم الزماني والمكاني: وكان ثاني هذه الإجراءاتاستصدار تشريع في “الكنيست” (البرلمان) يقضي بتقسيم المسجد الأقصىوالحرم القدسي مثلما وقع في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل قبل نحو 18 عاماًكمقدمة أو وسيلة التفافية لهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، بغضالنظر عن تداعيات مثل هذه المحاولة ونتائجها.

والجهود تنصب حالياً على طرح وتمرير مشروع قانون تقسيمالمسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، في خطوة تصعيدية جديدة لا تقل خطورة عن الأفكارالتي تم طرحها “إسرائيلياً” في المفاوضات التي جرت صيف عام 2000 مع الطرفالرسمي الفلسطيني في مفاوضات كامب ديفد الثانية في سياق عملية التسوية الغارقة فيالأوحال، والتي أدت خواتيمها (ونقصد فشل مفاوضات كامب ديفد الثانية) لاندلاعالانتفاضة الفلسطينية الكبرى الثانية التي هزت العالم وأعادت تثبيت حضور قضيةفلسطين على أجندة المجتمع الدولي كقضية تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال.

– وكان ثالثها عقد الكنيست مؤخراً وبعد العودة لأعمالهفي الدورة الشتوية الجديدة جلسة خاصة لمناقشة مقترح سحب السيادة الأردنية كاملة عنالمسجد الأقصى، والذي كان قد قدمه في وقت سابق موشيه فيجلين نائب رئيس الكنيستمطلع عام 2014، وذلك بهدف فرض سيادة “إسرائيلية” كاملة على المسجد.

وتمت تلك الجلسة بحضور عتاة المتطرفين كوزير الأمنالداخلي، ووزير المالية، ووزير الإسكان، ومندوب منظمة “عطيرت كوهانيم”الناشطة في عمليات التهويد والاستيطان بمنطقة القدس، ومندوب مؤسسة تراث جبل الهيكل،ومنظمة “عير عميم”، وسلطة الآثار، ومندوبين عن أعضاء منظمات الهيكلالمزعوم.

وبعيداً عن المعلومات الأولية التي تمخضت عن نتائجنقاشات الكنيست بهذا الشأن فإن للأمر دلالاته، ويحمل في طياته سلوكا تصعيدياً فيمسار الإطباق الكامل على مدينة القدس ومقدساتها العربية الإسلامية والمسيحية ومحوطابعها.

– لحظات القدس الصعبة: وكان رابع هذه الإجراءات إعلانوزير الإسكان “الإسرائيلي” أوري أرئيل نيته الانتقال للسكن في حي سلوانبالقدس المحتلة، في خطوة استفزازية تؤسس لمواجهة مفتوحة لا تحمد عقباها.

والوزير المذكور من المنظرين لمعادلة فحواها “يهودأكثر في كل مكان يعني أمنا أكثر”، وصاحب مقولة يرددها بعض الكتاب اليمينيينتقول “إذا لم يستطع اليهود شراء البيوت بالمال والسكن في القدس السيادية التييسري عليها القانون الإسرائيلي كما يسري في تل أبيب فإننا نفقد حق الادعاء بكل أرض”إسرائيل”، إذا لم يستطع اليهود الوصول إلى الحرم وتلاوة كلمات عمرهاآلاف السنين فإنه لا مناص من إغلاق الحرم كليا في وجه المسلمين أيضاً”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات