الأحد 11/مايو/2025

الأقصى في زمن الربيع والسلام

الأقصى في زمن الربيع والسلام

تصل المخططات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، ومدينةالقدس عموماً، ذروة جديدة من الجلاء فقط؛ إذ يفترض أن أهداف المحتل معروفة حدالبداهة منذ العام 1967. لكن برغم ذلك، وبرغم ما شهده العالم العربي من تغييراتعلى امتداد عقود مضت، يبقى الثابت هو أدوات “المواجهة” التي أدت هيذاتها، قبل أي عامل آخر، إلى احتلال القدس و”الأقصى”، وكل المقدساتالإسلامية والمسيحية في فلسطين.

اليوم، سيقال إن “الربيع العربي”، من حيث إنهمؤامرة صهيو-أميركية، هو ما سمح ل”إسرائيل” بتصعيد تهويدها للقدس. وإذاتجاوزنا سؤال مَنْ أحال “الربيع” إلى حمامات دماء؟ فيظل السؤال البدهيهنا: هل كان الوضع في فلسطين عموماً أفضل، فعلاً، في زمن استقرار الاستبدادوالفساد “الوطنيين”؟ وبغض النظر عن كل إجابة ممكنة؛ منطقية كانت أوملفقة، يظل الجوهر الوحيد لهذا الجدل، وبشكل لا يقبل التأويل، أن الغاية منه ليستالقدس والمقدسات والسعي إلى إنقاذهما؛ وإنما هي تحويلهما (القدس والمقدسات) إلىمحض أدوات “مفيدة” في الصراع العربي-العربي. وهو ما يجب أن يذكرتلقائياً بوضع “قضية العرب المركزية” إبان الحرب العربية الباردة، عشيةنكسة أتت على ما تبقى من فلسطين.

ما يقال في “جدل” العلاقة بين “الربيعالعربي” وتحرير فلسطين، يقال أيضاً وبنفس المقدار بشأن اتفاقيات السلام مع “إسرائيل”،وإن كان المميز هنا التقاء الفرقاء/ الأعداء على جبهة مشروعية “الربيعالعربي” أو تآمريته.

فمرة أخرى، هل سيؤدي إلغاء اتفاقيات السلام مع “إسرائيل”إلى وضع أفضل بالنسبة للقدس و”الأقصى” وكل فلسطين؟ وإذا كان كثيرون همالذين سيجيبون بـ”نعم”، فإن من الممكن الجزم في المقابل أن واحداً منهؤلاء لا يستطيع الإجابة عن السؤال الحتمي التالي: “كيف؟”. فهنا أيضاً،ليست فلسطين والقدس و”الأقصى” وكل المقدسات أهدافاً بذاتها، بل هي محضأدوات صراع بين الأنظمة والمعارضة، وعلى النحو الذي لخصته بشكل قاطع فترة حكمالإخوان المسلمين في مصر، وما بعدها. فالذين ثاروا على رسالة الرئيس محمد مرسيالودودة إلى شمعون بيريز، واعتبروها دليلاً دامغاً على مؤامرةإخوانية-صهيونية-أميركية، هم ذاتهم من أبدوا تفهماً كاملاً لحصار غزة عربياً،واستمرار التنسيق الكامل مع “إسرائيل”، عقب الإطاحة بالإخوان والشروعبمطاردتهم.

ولعل “التناقض” الذي يجب استحضاره اليوم،باعتباره أكثر فائدة إزاء الأوضاع المتفجرة في القدس حالياً، هو الدور الذي لعبتهتركيا-رجب طيب أردوغان، عندما كانت تصنف “مقاومة وممانعة”، إبان حرب2006؛ عبر الوساطة بين حزب الله و”إسرائيل”، وصولاً إلى نشر قوات تركيةفي جنوب لبنان. إذ كان هذا الدور المرحب به بشدة من “المقاومةوالممانعة” حينها، ممكناً فقط بفضل وجود علاقات قوية بين تركيا و”إسرائيل”.ولم يطالب أحد أنقرة يومها إظهار تضامنها أو صدق مواقفها عبر قطع العلاقاتالدبلوماسية مع المحتل المعتدي، بل ولم يكن حتى مزعجاً التعاون المزدهر على كلصعيد بين الطرفين!

بالنتيجة، ورغم كل الضعف والتشتت العربيين، ربما يظلبإمكاننا القيام بشيء واحد، إنما حاسم الآن، نبه إليه آخرون فعلاً في مرحلة سابقة؛وهو عدم التطوع لتحويل الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية إلى أزمات سياسية عربيةداخلية، بدأت يوماً مناكفات وتسجيل مواقف، ولم تنته إلا بنكسة أكبر من النكبة، فيالعام 1967.

صحيفة الغد الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات