طبائع الاحتلال.. أيضاً

هل يستطيع أحد أن يستخرج من الحنظل عسلاً، أو من الزيتونبرتقالاً، أو من الشعير قمحاً؟! طبعاً لا أحد يستطيع، لذلك يدهشني أولئك الذينينظرون ويتعاملون مع “دولة إسرائيل” كدولة طبيعية، في مجتمع طبيعي.ويدهشني أكثر أولئك الذين يطالبونها بأن تكون طبيعية أو ينتظرون منها ذلك، لأنهيعني ببساطة أن تغير من “طبيعتها”، وهو ما لا تقدر عليه لو وجد فيها منيريد، لأن ذلك سيكون ضد طبيعة الأشياء، ومنطق الأمور، بل ومفهوم التاريخ.
في شهر فبراير/شباط الماضي، انتهت مهام مقرر حقوقالإنسان الخاص بالأراضي الفلسطينية التابع للأمم المتحدة، ريتشارد فولك. وفيتقريره الأخير بهذه المناسبة، أوصى فولك بأن “تطلب الجمعية العامة للأممالمتحدة من محكمة العدل العليا الدولية إصدار فتوى بشأن الوضع القانوني للاحتلالطويل الأمد لفلسطين، الذي يفاقمه فرض نظام إداري وقانوني مزدوج وتمييزي في الضفةالغربية، وأن تمضي في تقييم الادعاءات القائلة إن الاحتلال طويل الأمد ينطوي علىخصائص غير مقبولة قانوناً تتمثل في: الاستعمار، والفصل العنصري، والتطهيرالعرقي”.
لقد حدد فولك في تقريره المشار إليه، وفي كلمات قليلة ماتعنيه “دولة إسرائيل”، ليس بالنسبة لاحتلالها الضفة الغربية وحسب، بلبالنسبة إلى اغتصابها ثم احتلالها لفلسطين كلها. وهو بهذه الكلمات القليلة لخص”تاريخ” هذه الدولة غير الطبيعية، وما ترتب على قيامها، ثم ما يترتب علىاستمرارها، الآن وفي المستقبل. والوضع المتفجر في القدس خصوصاً، وفي الضفة عموماً،وحياة قطاع غزة على حافة الحرب الدائمة، هو كل ما يمكن أن تقدمه للشعب الفلسطينيوعموم المنطقة، إلى جانب الحروب الدورية بطبيعة الحال. إن ذلك يشير بوضوح إلىعبثية أي جهد يمكن أن يبذل لتحقيق أي شكل أو نوع من السلام في المنطقة.
وحتى لا يظل الكلام معلقاً في الهواء، لنعد قليلاً لنرىما يحدث ويقال في فلسطين منذ أشهر، على خلفية ما يجري في القدس ومحيطها. ونقولسلفاً، إننا لن نجد ولن نرى غير تلك الأنشطة الثلاثة التي حددها ريتشارد فولك فيتقريره الأخير: الاستعمار، والفصل العنصري، والتطهير العرقي، وكلها أنشطة تخالفالقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وما يسمى “الشرعية الدولية”بمواثيقها، وقراراتها، ومبادئها طبعاً، وسنتوقف عند بعض من شهادات”أهلها”!
في مقال له نشرته صحيفة (“هآرتس” 28-10-2014)،كتب درور أتكس: “لقد أقيم المشروع الاستيطاني منذ بدايته على مبدأين، الأول،الاستيطان اليهودي في (المناطق) التي احتلت في العام 1967. والثاني، الحرص علىالفصل المادي بين السكان المسيطرين وأولئك المسيطر عليهم. وبين هذين المبدأين يوجدتوتر بنيوي دائم، تؤجل “إسرائيل” التصدي له، من خلال تعريف الوضع بأنه(مؤقت)”.
هذا “الوضع المؤقت”، كان “توصيف”حزب العمل للاحتلال، مثلما كان اسم “مناطق متنازع عليها” هو بديل الضفةالغربية، وكلاهما كان حيلة لكسب الوقت لتمرير المخططات الاستيطانية الهادفةللاستيلاء على أكبر ما يمكن من أرض الضفة. لكن بعد “انقلاب 1973″،وتسلّم اليمين المتطرف السلطة بزعامة ميناحيم بيغن، وصولاً إلى بنيامين نتنياهو،لم يعد الوضع مؤقتاً، ولم تعد الضفة مناطق متنازعاً عليها، بل أصبحت “أرضإسرائيل”، وحقها في مصادرة الأرض وإقامة المستوطنات وتوسيعها، حتى وصل الأمرإلى القدس الشرقية، ومحيطها حتى شعفاط وبيت حنينا، وقبلهما سلوان والعيزرية، بلوالمسجد الأقصى ذاته. ومعروف أن الأرض الباقية “القابلة للتفاوض””إسرائيلياً” في الضفة الغربية، والتي على أساسها تدور كل أحاديثالمفاوضات، أصبحت من 8 – 10% من مجموع أرضها. أما القدس الشرقية، فيقول خليلالتفكجي، رئيس دائرة الخرائط في “بيت الشرق”، إنه بعد أن كانت 100%للفلسطينيين في العام 1967، لم يبق لهم منها سوى 13%. وإن المشاريع والقوانين”الإسرائيلية” الجديدة تهدف لتطبيق نفس النسبة تقريباً على السكان، بحيثيكون الفلسطينيون فيها أقلية لا يزيدون على 12%. وبعد أن كان سكانها بداية الاحتلال(70 ألفاً) ليس بينهم يهودي واحد، وصل العدد فيها (200 ألف يهودي) مقابل (320 ألففلسطيني انتهوا الآن إلى 195 ألفاً)”! هذا ما يعنيه الاستعمار والتطهيرالعرقي في أرقام قليلة وفي عجالة.
أما العنصرية، فهي واضحة في القوانين والتشريعات، وأكثرفي الممارسات القمعية والتمييزية. فإلى جانب القتل اليومي الذي تمارسه قوات جيشالاحتلال وشرطته، لا يزال في السجون “الإسرائيلية” نحو (6000) معتقلومئات من “المعتقلين الإداريين”، وبينهم عشرات من النساء والأطفال. وحسببيان لشرطة الاحتلال، اعتقل في عشرة أيام بين 12- 22 أكتوبر/تشرين الأول (111)فلسطينياً بتهمة المشاركة في المواجهات التي وقعت في القدس. يضاف إلى ذلك قراروزير الحرب الأخير الخاص بمنع العمال الفلسطينيين من العودة إلى بيوتهم في حافلاتيستقلها المستوطنون. لكن الأسوأ من ذلك كله، ما طالب به وزير الزراعة في حكومةنتنياهو، يائير شامير، من أنه “يجب فحص إمكانية معالجة تعدد 8-10-2014)، دعوة تندرج تحت اسم (جينوسايد قتلشعب) حسب تسمية القانون الدولي. وكان سبق للكاتب الصحفي جدعون ليفي أن أطلق فيمقال له في (“هآرتس” 27-10-2014)، على ما يسمى “عاصمة إسرائيلالأبدية”، اسم “عاصمة الأبارتهايد الإسرائيلي”!
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...