عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

غليان في القدس

غليان في القدس

لم تتوانَ سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” عن رفعمستوى الغليان الشعبي الفلسطيني، من خلال التصعيد غير المسبوق الذي تنتهجه إلىجانب قطعان مستوطنيها الأشد تطرفاً تجاه مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، وعلىرأسها المسجد الأقصى المبارك، الذي لم تحفظ له حرمة ولم تتورع عن منح جنودهاالمدججين بالحقد والأكاذيب التلمودية، أمراً غير مقيد، باقتحامه لمواجهة القلةالمرابطة فيه.

“بساطير” جنود الاحتلال دنست المسجد وأسلحتهمأطلقت العنان لذخيرتها داخل صحنه، لتواجه عدداً قليلاً من الفلسطينيين المرابطينداخله، الذين تحدوا هذه الهمجية المنفلتة من كل عقال، وألفوا أنفسهم وحيدين من غيرأي دعم شعبي، في ظل تشديد سياسة خنق الحرم القدسي التي تتبعها سلطات الاحتلال منذمدة، ومع تصاعد وتيرة المشروع التهويدي، ووصولها إلى نقطة خطيرة، ولحظة فارقة فيتاريخ القضية الفلسطينية بشكل عام.

ما من منطقة في عموم الأرض الفلسطينية المحتلة غير مهددةأو لم تطلها آلة الاحتلال سواء بالتدمير أو المداهمات أو القتل أو عمليات الاعتقالالدموية، وغيرها من أساليب جيش العنصرية في مواجهة الحق الفلسطيني، والحقيقة التييريد الصهاينة لها أن تغيّب أو تطمس، أو ينصرف العالم عنها في ظل انشغاله بالكثيرمن المآسي والتحديات، التي بات واقعاً أن “إسرائيل” متورطة بشكل أو آخرفي خلقها وإشعالها، وجعلها أزمات كبرى.

وأمام واقع يريد الاحتلال أن يثبته على الأرض، ينطلق منقاعدة أن لا شيء يردعه عن جرائمه، ولا أحد يستطيع عرقلة مخططاته الهادفة إلىالقضاء على الفلسطينيين وقضيتهم، يبدو العالم الغارق أكثر فأكثر في تفاصيل أزماتلا تكاد تحصى، محاولاً أن يلتقط أنفاسه في ظل تسارع الأحداث وعجزه عن مجاراتها، مايعني أن قضايا كثيرة ستغيّب أو توضع “على الرف” حتى حين، وليس هناك في العالممن هو أبرع من الكيان المارق في استغلال هذا الوضع، وتجييره لمصلحة تنفيذ مخططاته،ورفع وتيرة الاستهداف.

كثير من المراقبين والمحللين أشاروا بلهجة تحذيرية إلىإمكانية اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، يكون الأقصى عنوانها للمرة الثانية، بعدانتفاضة الأقصى الأولى التي اندلعت أواخر سبتمبر من عام 2000، وهذا ليس مستبعداً،أو بالأحرى هذا ما بدأنا نشهده مع تصاعد حدة المواجهة بين الكثرة المدججة بأحدثالأسلحة وأشدها فتكاً، والقلة المضطهدة التي لا تمتلك إلا إرادة وعزماً علىالاستمرار في النضال المشروع ضد هذا الاحتلال القبيح.

ليست العبرة في المسميات، فسواء سميت انتفاضة ثالثة أوهبّة جماهيرية شعبية جديدة، وسواء أعطيت رقم ثلاثة أو أربعة أو خمسة، فهي لن تكونأمراً جديداً على الفلسطيني، الذي خاض على امتداد عقود مظلمة من الاحتلال والقهر،مئات المعارك وآلاف المواجهات، وصمد في وجه عدد لا متناهٍ من سياسات القهر والسلبوالتدنيس والتهويد، ويعلم يقيناً أنه لا بد من الاستمرار في المواجهة حتى النهاية.

الحالة الفلسطينية هي حالة انتفاضة دائمة، لا تتوقف ولاتخدّرها الوعود الدولية بالتوصل إلى حلول، فالوجدان الشعبي الفلسطيني يدرك تماماً أنالاحتلال ليس معنياً بأي حل سلمي، ولا يرى ذلك إلا وسيلة أخرى للمضي في مخططاتهومشاريعه، للوصول في نهاية المطاف إلى تجريد الفلسطيني من حقوقه الثابتة، وهذا مالن يكون.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات