الإثنين 12/مايو/2025

الجفتلك .. رعب الفلسطينيين من الشتاء في أرض السلطان

الجفتلك .. رعب الفلسطينيين من الشتاء في أرض السلطان

إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة؛ وإلى الشمال من مدينة أريحا؛ في الأغوار الفلسطينية تقع قرية الجفتلك التي سماها أحد السلاطين العثمانيين بهذا الاسم؛ والذي يعني “أرض السلطان” لما فيها من خصبة زراعية، ووفرة في المياه، ومساحات واسعة للزراعة؛ ما يعني منظرا طبيعيا خلابا.

القرية التي يسكنها قرابة 3000 فلسطيني؛ بعضهم أصليون فيها، والبعض الآخر لاجئون من قرى فلسطينية هجرت في نكبة فلسطين عام 1948، يزداد عدد سكانها في موسم الصيف بسبب المزارعين من المدن الفلسطينية الذين يستأجرون أراضيها لزراعتها، وبيع محاصيلها في الأسواق الفلسطينية.

السفوح المنحدرة بشكل كبير في محيط القرية؛ جعل منها واحة تتجمع فيها المياه؛ ما أعطى غنى كبيرا لأرضها؛ وأشبع تربتها بالخصوبة، الأمر الذي خلق منها منطقة جاذبة للمزارعين والفلاحين من كل مكان؛ منذ زمن بعيد؛ وهو الأمر الذي يفسر اهتمام السلاطين العثمانيين بها.

لكن هذه الطبيعة الجغرافية تحوّلت إلى لعنة على سكان القرية، لما تسببه لهم في الشتاء من معاناة؛ جراء تشكل السيول والفيضانات التي تأتي على بيوتهم.

فالمواطن خضر أبو هنية، داهمت المياه منزله فجرا؛ لتأتي على كل ما فيه من أثاث بسيط جدا، حملته إلى الخارج؛ ولطف الله أنقذ طفتله “نور” التي لم تتجاوز من عمرها الشهرين.

إلى منطقة أخرى من القرية؛ مزرعة المواطن فضل ادعيس للمواشي؛ المزرعة التي يسكن فيها المواطن وعائلته مخطرة بالهدم من قوات الاحتلال، وذلك بسبب بناء مستوطنة “مسواه” على أراضي القرية؛ فجعل الاحتلال الأولوية في البقاء للمستوطنين على حساب السكان الأًصليين.

في أيام الشتاء الأخيرة؛ فتح المستوطنون عبّارة للمياه تجاه مزرعة المواطن ادعيس؛ فحملت المياه معها أكثر من مائة وخمسين رأسا من الأغنام من أصل مائتين وثلاثين هي رأس ماله الذي يعتاش وعائلته منه؛ لتترك هذه المأساة مزرعته شبه خاوية على عروشها.

المشكلة في منزل المواطن خضر أبو هنية الذي اجتاحت المياه منزله؛ هي قِدم منزله المتهالك؛ والمكون من طابق واحد فقط.

يقول المواطن أبو هنية في معرض ردّه على سؤال مراسلنا عن حل للأزمة قائلا: “يكفينا أن نعيد بناء منازلنا بطريقة هندسية؛ بحيث نكون المنزل من طابقين نسكن في الثاني ونترك الأول؛ وبذلك نرتفع عن الفيضانات.

واستدرك: “لكن لم نسمع ردودا من الحكومة رغم مطالباتنا الحثيثة بإيجاد حل للمشكلة؛ فيما زارتنا وكالة الغوث وقدمت لنا فرشتين ووثلاثة أغطية، لا أعلم ماذا أفعل بها”.

أما المزارع فضل ادعيس فيقول: “لم نر مسؤولا حكوميا يسأل عن أحوالنا، هنا حصارنا غضب الطبيعة وشبح الاستيطان الذي يلاحقنا بالإخطارات المتكررة، فنحن نوكل محامين للوقوف في محاكم الاحتلال على حسابنا الخاص؛ بأموال باهظة تفوق قدرتنا على تسديدها”.

بهذا تحوَّلت أرض السلطان إلى نقمة على حياة سكانها؛ بسبب الاحتلال الظالم والتقصير الحكومي الفلسطيني تجاه مواطنين يعيشون في مكان كل ما فيه يدعوهم للرحيل؛ إلا إيمانهم العميق بحقهم في أرضهم وتشبثهم بها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات