عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

بلفور في الذاكرة الفلسطينية

بلفور في الذاكرة الفلسطينية

لا شيء في هذا العالم يمكن أن يمحو من الذاكرة الجمعيةالفلسطينية كارثة “وعد بلفور” وتداعياتها التي لا تزال ماثلة حتى الآن،ولا حتى الصحوة الأوروبية، إن جاز التعبير، والتي جاءت متأخرة كثيراً باعتراف بعضدول الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية المستقبلية.

وكما في كل عام، فقد حلت علينا ذكرى هذه الكارثةالمشؤومة، والتي أوشكنا على إحياء ذكراها المئوية بعد ثلاثة أعوام، لتضيف إلى سجلالذاكرة الفلسطينية، مزيداً من المعاناة والقتل والاستيطان والتهويد ومصادرة ماتبقى من الأرض والتهجير، فيما الأمة العربية تغط في سبات عميق، وتزداد انقساماًوتشرذماً يوماً بعد يوم، يشي بإمكانية انهيارها على نحو مأساوي لا سابق له فيالتاريخ.

قبل 97 عاماً، وبالتحديد في 2 نوفمبر/تشرين الثاني عام1917، منح وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر بلفور وعد من لا يملك إلى من لا يستحق،في رسالة وجهها إلى الثري اليهودي اللورد روتشيلد، وتضمنت موافقة الحكومةالبريطانية على “إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين”، مقابل أشهر رشوة فيالتاريخ تقدم لعائلة مالكة ولحكومة انتهازية، حيث كانت بريطانيا آنذاك بحاجةلاستغلال اللوبي الصهيوني في إقحام الولايات المتحدة إلى جانبها في الحرب العالميةالأولى، وإن كان ذلك لم يمنع الولايات المتحدة فيما بعد من رعاية الحركة الصهيونيةبعد انتقال مركز ثقلها من لندن إلى نيويورك إبان الحرب العالمية الثانية.

مياه كثيرة جرت منذ ذلك التاريخ، سالت خلالها أنهار منالدماء الفلسطينية والعربية، ولا تزال، بفعل الهجمة الاستعمارية الشرسة على الوطنالعربي، والمقاومة الفلسطينية والحروب العربية – “الإسرائيلية” التيسبقت وأعقبت نكبة فلسطين عام 1948. فقد شكلت هذه النكبة وما رافقها من مجازروعمليات مصادرة الأراضي والاستيطان والتهويد واقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين منأرضهم وديارهم وتشريدهم إلى مخيمات اللجوء في دول الجوار والشتات، نقطة تحول فيمسار الصراع، وأسست لمرحلة جديدة من الكفاح والمقاومة والحروب والثوراتوالانتفاضات المتلاحقة.

واليوم، بعد مرور 66 عاماً على نكبة عام 1948، يتضح الآنكم هي زائفة تلك الادعاءات والمقولات الصهيونية، التي ظلت تروج بأن فلسطين “أرضبلا شعب لشعب بلا أرض”، وكم كانت رئيسة وزراء الكيان غولدا مائير مخطئةوبائسة حين راهنت على أن “الكبار سيموتون أما الصغار فسينسون”، فها هيالأجيال الفلسطينية تحمل راية المقاومة جيلاً بعد جيل، وها هي القدس تنتفض في وجهالاحتلال، تأكيداً على عروبتها وإسلاميتها، والأقصى يستصرخ ضمير الأمة أن تهبلنجدته، فيما يستجمع فلسطينيو الضفة وغزة والمناطق المحتلة عام 48 غضبهم ليلقوه فيوجه الاحتلال ربما على شكل انتفاضة فلسطينية جديدة.

لن يستجدي الفلسطينيون بالتأكيد اعترافاً من بريطانياولا من غيرها، رمزياً كان أم حقيقياً، فالشعب الفلسطيني نضج بما فيه الكفاية ليعرفطريقه إلى انتزاع الحرية والاستقلال، ويستطيع الآن أن يرد على بلفور وغيره مننظرائه الغربيين بأن “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”، وأن الحق لايضيع إذا كان وراءه مطالب مهما طال الزمن.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات