الخميس 08/مايو/2025

عزل غزة يفاقم معاناة القطاع والمقاومة تحذر (تقرير)

عزل غزة يفاقم معاناة القطاع والمقاومة تحذر (تقرير)

استبشر سكان قطاع غزة خيرًا مع انتهاء الحرب عليهم قبل أكثر من شهرين باتفاق التهدئة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني برعاية مصرية والذي ينص على إنهاء الحصار وفتح المعابر.

هذا التفاؤل من قبل الغزيين لم يطل كثيرًا؛ فالمعابر تفتح بشكل جزئي والبضائع تدخل بالقطارة، ومواد الإعمار تدخل من خلال آلية معقدة ومراقبة من قبل الاحتلال والأمم المتحدة.

وعاد كل شيء على ما كان عليه قبل الحرب بإغلاق الاحتلال معبري “كرم أبو سالم” للبضائع وبيت حانون “ايرز” للأفراد، وإغلاق مصر معبر رفح، بل زاد على ذلك حجم الدمار الكبير والشهداء والجرحى الذين سقطوا خلال هذا العدوان.

وكانت السلطات المصرية أغلقت معبر رفح البري يوم السبت (25-10)، عقب وقوع الهجوم على الجيش المصري في سيناء والذي أسفر عن مقتل العشرات منهم، في حين أغلقت السلطات “الإسرائيلية” صباح اليوم الأحد (2-11)، معبري “كرم أبو سالم” التجاري وبيت حانون “ايرز” إلى أجل غير مسمى وذلك “لدواعٍ أمنية”.

وتغلق المعابر الصهيونية يومين في الأسبوع إضافة إلى أيام الأعياد اليهودية خلال الفترة السابقة.
 

مخالف للاتفاق

من جانبها؛ حذرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أنها لن تقبل إبقاء المعابر مغلقة بهذه الطريقة ويبقى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني.

وقال فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة في تصريح له: “إن إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعابر قطاع غزة، تصعيد خطير ومفاقمة لمعاناة أهلنا في القطاع ومخالف تماما لاتفاق التهدئة الأخير الذي رعته مصر بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، والذي بموجبة كان يجب أن تفتح المعابر ويفك الحصار ويعاد الإعمار، وهذا لم يحصل حتى الآن”.

وطالب بفتح المعابر فورا وفك الحصار وإعادة الإعمار وإنهاء معاناة غزة المتفاقمة، قائلاً: “لأن بقاء الوضع على ما هو عليه، وسلوك الاحتلال بهذه الطريقة لن يكون مقبولا على حماس ولا على المقاومة الفلسطينية والتي ستبقى دائما خط الدفاع الأول في الدفاع عن غزة وعن فلسطين وعن حقوق شعبنا”.

وأبرمت المقاومة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني  في السادس والعشرين من آب (أغسطس) الماضي اتفاق تهدئة برعاية مصرية بعد الحرب الضروس التي تعرض لها قطاع غزة واستمرت 51 يوما والتي أسفرت عن استشهاد 2162 فلسطينيًّا وإصابة 11 ألفًا آخرين، وتدمير 60 ألف منزل، وارتكاب مجازر مروعة.

وينص اتفاق التهدئة على فتح الاحتلال المعابر لإدخال مواد البناء لإعادة الإعمار، والبضائع والسماح للصيادين والمزارعين في المناطق الحدودية بالصيد والفلاحة ضمن مساحة متفق عليها تزيد تدريجا، وعقد مفاوضات غير مباشرة لبحث موضوع إنشاء المطار والميناء والأسرى.
 

عقاب جماعي

وبهذا الصدد استنكر النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار قرار “إسرائيل” إغلاق معبري كرم أبو سالم وبيت حانون المخصصين للبضائع وللأفراد ويعملان بشكل جزئي منذ فرض الحصار “الإسرائيلي” قبل سبعة أعوام، وتقرر “إسرائيل” مواعيد فتح وإغلاق المعابر وكميات وأنواع السلع المسموح لها بالمرور والأفراد الذين تسمح بمرورهم وتغلق المعابر بحجج أمنية بين الحين والآخر.

وقال الخضري في تصريح له: “إن إغلاق المعابر يعدّ عقوبة جماعية؛ فهو يقيد حركة المواطنين الفلسطينيين وكذلك حركة مرور البضائع خلافاً للقانون الدولي الذي يلزم إسرائيل كقوة احتلال تسهيل حركة المواطنين والمعابر دون إعاقة، لأن هذه المعابر هي إنسانية، وإغلاقها يعني منع دخول كل المستلزمات الغذائية والأدوية والمساعدات الإنسانية في مخالفة واضحة للقانون الدولي”.

وأضاف: “إن هذا الإغلاق يستهدف مليونًا وثمانمائة ألف مواطن هم كل أهلنا في القطاع، ويعدّ تشديدًا للحصار واستهدافًا واضحًا لصمود شعبنا في وجه الحصار والعدوان ويضاعف معاناة شعبنا المحاصر في غزة والذي يعاني معاناة شديدة جراء الحصار والذي كان يأمل أن تنطلق عملية الإعمار خلال الأيام القادمة وتشهد إنهاء للحصار والمعاناة”.

وأشار رئيس اللجنة الشعبية أن هذا القرار “الإسرائيلي” الخطير بتشديد الحصار وإغلاق المعابر يأتي في سلسلة خطوات خطيرة استهدفت المسجد الأقصى المبارك بالإغلاق والضفة الغربية والقدس بتوسيع الاستيطان؛ فـ”إسرائيل” تستهدف الكل الفلسطيني في خطوات تصعيدية متتالية لتنال من عزيمة شعبنا الذي يصمد ويثبت ويصرّ على نيل حقوقه كاملة.

وناشد الخضري الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بالضغط على “إسرائيل” من أجل فتح المعابر وعدم إغلاقها وتوسيع العمل فيها والسماح بدخول مواد الإعمار دون تحديد للكميات لتلبي حاجة المهجرين والمتضررين جراء العدوان “الإسرائيلي”.
 

إحباط كبير

وقد عبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني الدكتور مصطفى اللداوي عن واقع سكان القطاع في ظل هذه الحال بقوله: “لا شيء في قطاع غزة يبشر السكان بقرب الفرج، ودنو ساعة بدء إعادة إعمار ما دمره العدوان وخربه الحصار، ولا إشارات تدل على انتهاء المعاناة، وزوال الألم، ورفع الحصار، ونهاية العقاب، بل كل شيء فيه يدل على اليأس، ويبعث على الإحباط، فلا إجراءات عملية لبدء عملية الإعمار، ولا موافقة على شاحناتٍ تحمل مواد البناء ومستلزمات الإعمار، ولا تحويل لأموال المساعدات، ولا سماح لجهاتٍ مانحة وأطرافٍ ترغب في المساعدة بإدخال الأموال أو المؤن والمعدات، ولا تسهيلات على المعابر، ولا استعدادات لدى الدوائر، ولا جهوزية لأي طارئ، ولا نية حقيقية لأي جهدٍ جادٍ، ولا عملٍ فاعل”.

الناس في قطاع غزة لا حديث عندهم، ولا أخبار يتناقلونها بينهم، ولا أسئلة يثيرونها، ولا شيء يشغلهم سوى التفكير في استعادة حياتهم، ومباشرة أعمالهم، وإعمار بيوتهم، ولكن طول الأمد، وجمود الحال، وعدم تغير الظروف، يدفع الناس إلى يأسٍ أكبر، وإحباطٍ أشد، وإحساسٍ بالمظلومية أعمق، وبالحرمان المقصود، ما دفع الكثير منهم إلى التفكير بالهجرة واللجوء، والسفر والمغامرة.
 

مخاوف “إسرائيلية”

صحيفة يدعوت احرونوت “الإسرائيلية” استشعرت خطر التضييق على سكان القطاع وإمكانية عودة المواجهة من جديد؛ حيث قالت في مقال لها: “إن الأوضاع على حدود غزة قابلة للتصعيد بشكل كبير، وذلك على ضوء إغلاق مصر لمعبر رفح منذ 10 أيام بالإضافة لإغلاق إسرائيل لمعابرها ابتداء من اليوم الأحد”.

وأضافت: “إن إغلاق المعابر جاء رداً على إطلاق صاروخ أول أمس من القطاع، ولا يُعلم حتى الآن من يقف خلف هذه العملية”.

في حين رأت الصحيفة أن “حماس” تُحشر ثانية في الزاوية، ما يعدّ وصفة لتصعيد الأمور أكثر على الجبهة الجنوبية.

ومع استمرار الحصار بهذه الطريقة وعدم رفعه بعد حرب استمرت 51 يوما وتدخل أطراف كثيرة، هل تصمد التهدئة لاسيما وأن حجم التضحيات والدمار كبير؟!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات