سياسات سلطة لا حكومة

ثم لا يجد هؤلاء وصفاً سوى (الفشل) لنعت أدائها، فيطالبها بعضهم بالرحيل، وينتقد آخرون أداء وزراء بعينهم مختزلين المشكلة في شخوصهم، بينما يطالب نفر آخر بحكومة جديدة قادرة على النهوض بمسؤولياتها.
وتبدو هذه الحالة من أكثر الأمور طرافة في الواقع الفلسطيني الراهن، وكأنّ حكومة أخرى ستملك المفاتيح السحرية التي من شأنها حلّ أزمات قطاع غزة، في إعادة الإعمار وتسوية أوضاع الموظفين وفتح المعابر!
والأمر على كل حال ليس غريبا، فالحالة الفلسطينية منذ سنوات يغلب عليها التركيز على الجزئيات وظواهر الأمور وإغفال جوهرها وأساسها، حدث ويحدث هذا في التعاطي الشكلي البائس مع مسألة الانقسام، ومع المشروع الوطني برمّته، وفي تجليّات ذلك الانزياح نحو أمور تعدّ ترفاً وقضايا ينبغي أن تكون مؤجلة في الأوطان المحتلة.
لعله التغافل أو الجهل، وأحياناً الجبن، من يُحيل كثيرين عن انتقاد صميم المشكلات وإبصار مواضع العقد فيها، أو لعلّها تلك النمطية القاتلة التي غلّفت لغة السياسة والتحليل والتشخيص، أو لعلّها أكذوبة الدولة التي صدّقها كثيرون، حتى صارت كل مشكلة تفصيلية تُعزى لخلل إداري جانبي، وتُقترح لحلّها حلول عقيمة لا تُقدّم ولا تؤخّر.
إلقاء ثقل الانتقاد على الحكومة أو على رئيسها هو ترحيل للأزمة أو تجميد لها، ويشبه ذلك التعامل القاصر مع حكومة فيّاض السابقة، حين كان يتم تلخيص المشكلة الفلسطينية في شخصه، بينما الحقيقة القاتلة كانت تقول دائماً إن أساس بلائنا ليس في شخص الرجل ولا في من سيخلفه في هذا المنصب، فهؤلاء جميعاً أدوات إدارية تنفّذ سياسات سلطة، وهذه السياسات مقرّة في اتفاقيات التسوية، ومرسومة بعناية لتحديد دور وظيفي خطير لهذه السلطة، وتكبيلها بأسوأ الالتزامات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
والنتيجة التي تتبدى يوماً بعد آخر أن هذه السلطة بسياساتها ونهجها غير القابل للتحوّل أو التبديل تبدو أقرب لترسيخ أهداف المحتل منها لشعبها، ودوامها مرهون بدفعها المسبق لكل الأثمان التي يحددها مموّلوها ويباركها الاحتلال، ولذلك يصبح كلّ الكلام عن التوافق وإبرام إستراتيجية وطنية جامعة للتخلص من الاحتلال أو حتى لإدارة شؤون الناس مجرد كلام عائم لا يتحلّى بأقل قدر من المصداقية، تماماً كما هو (التشاطر) على ذمّ الحكومة وتجنّب التذكير بخطيئة السلطة وسياساتها!
وغزة اليوم، تتعطّل عجلة إعمارها، ويطول حصارها، لأن هذه الحكومة لا تستطيع أن تقدّم لها ما يخالف ثوابت السلطة وما يناقض (المعايير الدولية) التي لا يمكن أن تبارك ساحة تحظى المقاومة فيها بالشرعية الأولى، ولا يُطرح نزع سلاحها على موائد التفاوض.
وكل هذا التباطؤ والتلكّؤ والتأجيل في حلّ إشكالات غزة يحدث لأن السلطة وإلى جانبها عناصر الحصار الأخرى كإسرائيل ومصر تراهن على عامل الوقت حتى يكون ضاغطاً على المقاومة، وعلى أمل تحصيل تنازل كبير يتم بموجبه مقايضة السلاح بحاجات الناس، وجعل الإعمار والرفع الجزئي للحصار مشروطاً ومقترناً باستمرار الإذعان.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....

الأمم المتحدة: عدد الوجبات اليومية المقدمة في غزة تراجع بنسبة 70%
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة انخفض هذا...