الإثنين 12/مايو/2025

اجتثاث سيناء وغزة

اجتثاث سيناء وغزة

لجأ زعيم النظام الانقلابي في مصر إلى الأسطوانةالمشروخة ذاتها عند تبرير مقتل الجنود المصريين في سيناء واعتبر أن ما جرى عبارة”مؤامرة خارجية” وأن الهجوم تم بدعم خارجي دون أن يوضح ما هي الجهاتالتي دعمت وما هو نوع الدعم.

إلا أن أخطر ما قاله رئيس النظام الانقلابي هو وعيدهلقطاع غزة وإعلانه أنه سيتخذ إجراءات كثيرة في المنطقة الحدودية في خاصة في رفح”لإنهاء المشكلة من جذورها”، وبادر إلى إعلان فرض حالة الطوارئ وحظرالتجول في شمال سيناء وإغلاق معبر رفح مع قطاع غزة حتى إشعار آخر.

تصريحات السيسي وإجراءاته على الأرض تعني أن حركةالمقاومة الإسلامية “حماس” هي المعنية بتهديد السيسي ووعيده، مما يضعقطاع غزة في حالة مواجهة مباشرة مع النظام المصري الانقلابي الحاكم في القاهرة.

بالطبع لجأ السيسي إلى الحل التقليدي والشماعة الجاهزةدائماً وهي “المؤامرة الخارجية”، لكنه لم يتحدث إطلاقاً عن الحربالمستمرة ضد أهالي سيناء منذ الانقلاب المشؤوم وحتى الآن ولا الجرائم التي ارتكبتبحقهم ولا إهمالهم ومعاملتهم على أنهم ليسوا بشراً.

منذ بداية الانقلاب حتى الآن، وخلال 15 شهراً فقط، قتلنظام السيسي الانقلابي 1050 من أبناء القبائل في سيناء، 70 مواطناً شهرياً، واعتقلأكثر من 8000 شخص وجرح 3000 آخرين وهدم 860 بيتاً وحرق أكثر من 1000 من عرائشالبدو، وجرف أكثر من 120 ألف شجرة زيتون معمرة ومثمرة على الطريق الممتدة منالعريش إلى الشيخ زويد ومن الجورة إلى نفس المدينة، وردم 45 بئراً ارتوازياً منالآبار الجوفية في المنطقة، وحرق أكثر من 600 سيارة من سيارات أهل سيناء وقامبتجريف كل الأشجار القريبة من الحدود الفلسطينية في مدينة رفح.

والسيسي نفسه اعترف بقتل 500 “إرهابي”، وهيمجزرة حقيقية بكل المقاييس والمعايير، والسؤال الذي يوجه للنظام: هل من السهولةقتل “500 إرهابي” وهو العدد الذي لم تستطع أن تقتله الطائرات الأمريكيةومعها مقاتلات 10 دول حليفة في عين العرب- كوباني، فهل أمريكا وطائراتها أضعف منالآلة العسكرية لنظام السيسي الانقلابي؟ أم أن الذين يقتلهم السيسي هم عبارة عنناس عاديين مسالمين ولا علاقة لهم بالإرهاب المزعوم؟

لعبة السيسي ونظامه الانقلابي في سيناء واضحة وجلية، فهويريد تفريغ شمال سيناء من سكانه، ويكفي الإشارة إلى أن مجلس مدينة رفح والشيخ زويدشكل لجنة وأعد قائمة من 680 منزلاً يجب على سكانها مغادرتها وإخلاؤها، لتفريغالمنطقة القريبة من قطاع غزة من السكان، مقابل الحصول على أرض على بعد 30 كيلومتراًمن الحدود أو تعويضات مالية، مما أثار غضباً شعبياً بين سكان رفح والشيخ الزويد،وكان ردهم: إن الاحتلال الإسرائيلي لم يستطع أن يجبرهم على مغادرة بيوتهم وهجرأراضيهم وممتلكاتهم، واتهموا الجيش وقادته بأنهم يريدون الاستيلاء على الأرض وليسمحاربة الإرهاب كما يدعون، فالمسلحون موجودون في الجبال وليس في المدن.

مشكلة حكام القاهرة أنهم لا يفهمون “السيكولوجيةالبدوية” ولا يقدرون معنى الدخول في صراع مع البدو، ولا يعرفون أن الثأر عنالبدوي لا يموت أبداً، وأنه يعيش حياته كلها من أجل الحصول على حقه بالقوة، وإن كلالناس الذين قتلوا وجرحوا لهم أهل سيثأرون لهم عاجلاً أم آجلاً. ومع هذا يستمرالجنرالات الانقلابيون في حماقاتهم لدفع فاتورة “الاعتراف بهم ومنحهمالشرعية” عبر التحول إلى أداة في “حلف كوباني لمحاربة الإرهاب”بهدف حماية “إسرائيل” واقتلاع حماس وكل الفصائل الجهادية الفلسطينية.

اللعبة في سيناء كبيرة، وكرة النار ستكبر، وستكون أكبرمن قدرة الجنرالات الانقلابيين على احتوائها، وتفريغ سيناء من سكانها وتحويلها إلىمنطقة عازلة لن يجدي نفعاً، بل على العكس سيتحول كل سكان سيناء إلى أعداء شرسينللنظام الانقلابي.

أما حماس فإذا كانت “إسرائيل” بكل قوتها لمتقدر عليها، فهل سيقدر عليها الجنرالات الانقلابيون الذين يقودون نظاماً مهترئاً؟هذا صعب إن لم يكن مستحيلاً، واجتثاث سيناء وغزة حلم مستحيل سيتحول إلى كابوس يؤرقالجنرال السيسي وانقلابييه.

صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات