الأقصى والحاخام مَرْبَع

المثل العربي القائل: “من تعرف كم هي “ديتهاقتله”، يبدو أنه تُرجم إلى اللغة العبرية لكن بتصرف، بحيث أصبح: رد الفعلالعربي الذي تعرفه لا تُقم له وزناً أو حساباً، وذلك على طريقة أبشر بطول سلامةيامربع! والمرات التي استبيح فيها المسجد الأقصى أصبحنا نُخطئ في عدها لكثرتهابدءاً من ذلك الحريق الذي أضاء حقيقة الانتهاك، وما أصبحت الدولة العبرية تحفظه عنظهر قلب من ردود أفعال العرب على ما تقترف من جرائم يتيح لها المضي قدماً في كلمشاريعها من التهويد والعبرنة والأسرلة حتى الاستيطان.

وما دفع الشاعر العربي إلى أن يُبشر مربعاً بطول العمروالسلامة هو أن من هدده كان الفرزدق، ورغم أن ذلك يُصنف في خانة الهجاء المتبادلإلا أن حاصل جمع ردود الأفعال العربية والإسلامية وحتى العالمية على استباحةالمقدسات في فلسطين لم تعد تُخيف تل أبيب وجنرالاتها وحاخاماتها، ولأن الحياء خارجهذا المدار كله فمن باب أولى أن نقول إن لم تخف فافعل ما تشاء.

في بدايات الصراع كانت “الدية” سواء تعلقتبشهيد أو مسجد مهدم أو مدرسة تحولت إلى قبر جماعي تُشعر سلطات الاحتلال بالهلع،لكنها مع اختبار المواقف وتكرار ردود الأفعال التي تنتمي كلها إلى ما دون أضعفالإيمان أوغلت في الاستباحة وكأنها تضع تحت إبطها إضافة إلى فيتوهات الولاياتالمتحدة بوليصة تأمين دولية تحول دون القصاص أو حتى العتاب وليس العقاب.

وما نخشاه أن المرحلة المقبلة بعد أن استبقها كل هذاالتمهيد النفسي والسياسي ستشهد جرائم كبرى لكن في صمت، بحيث يصبح العربي آخر منيعلم بما يجري لمقدساته ورموز تاريخه.

إن استيطان الذاكرة والوجدان أشد خطراً وتنكيلاً قومياًمن استيطان التراب وهذا ما تمارسه سلطات الاحتلال الآن وبوتيرة متصاعدة، أشبهبجرعات تبدأ بما هو مُر وتنتهي إلى علقم.

وما يحدث من استثمار للأحداث التي تعصف بالعالم العربيسبق أن عبر عنه نتنياهو في مذكراته، حين قال: إن الفرص الذهبية بالنسبة لتل أبيبهي انشغالات العالم بقضايا أخرى واشتباك العرب مع بعضهم في حروب أهلية باردة أوملتهبة.

بالأمس القريب كانت القدس في خطر وكذلك المسجد الأقصى،لكن ما يمكن وصفه الآن أبعد من ذلك، لأن الهدم قد بدأ وكذلك تزوير المعالمالتاريخية والآثار، لأن من حاولوا إعادة إنتاج التاريخ كي يستجيب للخرافة ويلبيهايحاولون الآن إعادة إنتاج الجغرافيا.

فهل ثمة ما يخيف مربعاً؟ ومعذرة لشاعرنا الفرزدق!

صحيفة الخليج الإماتية