نقاشات صهيونية حول بنية تنظيم الدولة

قال “ألون بن دافيد” الخبير العسكري الصهيوني أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” يحاول تجنيد شبان متعلمين ويائسين، من خلال حملة ناجعة وذكية يخوضها ليس بين أوساط المقموعين والطبقات الضعيفة في أوساط مسلمي العالم، بل تنظيم يفضل تجنيد المتعلمين منهم. 
وأضاف: يتم ذلك التجنيد من خلال إعلانات التصوير التي تتخذ أسلوباً، وتصميم الغرافيك الحديث، تستهدف افتتان الشبان المسلمين المتعلمين في أرجاء العالم، وجلبهم لصفوف التنظيم، وهو لا يبحث عمن لا مخرج لهم، بل يقترح طريقا جديدا وجذابا للمسلمين الناجحين من كل أرجاء العالم: أبناء الطبقة الوسطى، الكثيرون منهم جيل ثان وثالث لمهاجرين للغرب، يعرض عليهم طريقا عاصفا للخروج من الحياة البرجوازية في دولهم. 
ورأى أن داعش يستهدف الشباب العرب والمسلمين الذي يبحث حقا عن رجولته، ونضوجه، والطريق مفتوح أمامه للخدمة القتالية، وهناك مع التنظيم يمكنه أن يثبت قدراته وشجاعته، ويحظى باعتراف اجتماعي، لأن داعش يعرض عليهم خليط مُغرٍ من الفعل، الرجولية، الجنس، برعاية الدين والاعتراف بهم كمن يقاتلون في سبيل ما يبدو في نظرهم هدفا ساميا، حتى لو كان ذلك من خلال قطع الرؤوس.
فيما نقلت أوساط أمنية استخبارية صهيونية وغربية أن داعش تختار الانكشاف أمام الإعلام بطريقة جد انتقائية: فهو لا يعطي تقريرا حصريا لـ “سي.إن.إن”، بل اختار موقع انترنت مثل “فايس نيوز”، مشاهدوه أساسا رجال شبان يبحثون عن مشاهدة الفعل العاصف الذي لا يمكن رؤيته في شبكات التلفزيون الرسمية.
وهذا ما سيغلفه بغلاف حديث وذكي، يختلف عما تعرضه المنظمات الإسلامية الأخرى، مفترضاً أن من يقف بجانب أبو بكر البغدادي، زعيم الدولة الإسلامية، عصبة أصلها من الغرب على علم جيد بالإعلام الحديث، وما يثير اهتمام الرجال الشبان والسائمين.
وأضافت: الأفلام القصيرة التي ينتجها تنظيم تنافس مشاهد أفلام هوليوود، وأخرى تكرر ألعاب الفيديو التي تربى شبان كثيرون في العالم عليها، يمنحهم داعش رخصة للقتل في العالم الحقيقي، أن يشاركوا في معركة عاصفة تقشعر لها أبدان العالم بأسره، هذا ليس تنظيما للضعفاء وضيقي الأفق، هذا تنظيم واع جدا لذاته، وللصورة التي يريد أن يبثها. 
•تصفية الحسابات
من جهته، قال “إيتان غلبوع” رئيس مركز الإعلام الدولي، وباحث كبير في مركز “بيغن-السادات” للبحوث الإستراتيجية بجامعة بار-إيلان، أن كل اللاعبين في الشرق الأوسط يستخدمون الحرب الدائرة ضد تنظيم “داعش” لغرض تحقيق اعتباراتهم الإستراتيجية الخاصة، بدءً من “إسرائيل”، وانتهاءً بالولايات المتحدة، مرورا بإيران وتركيا، وبات من الواضح أن الجميع يُعنى بتطوير صلات وعلاقات بين أحداث وسياقات في المنطقة، لاسيما حول انجازات داعش، ويمكن قراءة ذلك على النحو التالي:
1-“نتنياهو” عرض معادلة بين حماس وداعش، 
2-إيران اقترحت صلة بين استعدادها للتعاون في الحرب ضد داعش وبين مطالبها من الغرب في المفاوضات على البرنامج النووي، 
3-الولايات المتحدة اشترطت انطلاقها للحرب ضد داعش بتغيير الحكم في العراق، 
4-تركيا اشترطت مشاركتها في هذه المعركة بالتزام الولايات المتحدة بإسقاط نظام الأسد،
5-أقام وزير الخارجية كيري صلة بين المواجهة الفلسطينية الصهيونية وبين تعاظم داعش.
وشرح ذلك بالقول: اشترط “اوباما” المساعدة العسكرية لصد داعش بتغيير رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي الشيعي، الذي أقصى واستبعد السنة، ومهد التربة لتأييدهم لداعش، لكن “اوباما” لم يطبق ذات السياسة في سوريا، ورفض مطلب تركيا بأن يتعهد بإسقاط الأسد، أما “أردوغان” فهو غير معني بمقاتلة داعش، لاسيما في مدينة كوباني الكردية، لأنه يخشى تعزز الاكراد في سوريا وتركيا نفسها، وأهم بالنسبة له إسقاط الأسد من القضاء على داعش.
أما إيران فتسعى لاستغلال المصلحة المشتركة مع الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش كي تحظى بتخفيضات في الاتفاق لتسوية برنامجها النووي، رغم أنها ترى في داعش عدوا خطيرا لأنه يقاتل ضد الشيعة والأسد حليفها، ولهذا فهي ليست بحاجة لأي حافز أو تنازل من جانب الولايات المتحدة كي تقاتله.
أما “نتنياهو” فقد حاول إقناع العالم بأن حماس هي داعش، ودفع للأمام بهذه المعادلة كي يعترف العالم بها، لكن العالم لم يشتريها، ولذلك صرح “كيري” بأن انعدام الحل للصراع الفلسطيني الصهيوني، يساعد داعش على تجنيد المؤيدين والمقاتلين، وأنه سمع عن هذه الصلة من كل زعيم عربي تحدث معه مؤخرا، رغم أن المتجندين لداعش يحركهم التطلع لاحتلال العالم، والتصفية المادية لكل دولة، نظام وجماعة دينية أو قومية لا يقبلون الفلسفة الثيولوجية للتنظيم.
موقع قضايا مركزية