السبت 10/مايو/2025

غزة بين الإعمار والحصار

غزة بين الإعمار والحصار

لا يختلف اثنان على أن إعادة إعمار قطاع غزة تشكل أولويةفلسطينية ملحة لحل الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب العدوانية الصهيونية الأخيرةوجرائم الحرب التي ارتكبها العدو الصهيوني، ولا يزال يرتكبها بحق الفلسطينيين، خلالالعدوان وقبله وبعده.

ربما يكون مؤتمر إعادة الإعمار الذي انعقد في القاهرة قبلأيام وأسفر عن تبرعات قدمتها الدول المانحة تقارب الخمسة مليارت ونصف المليار دولار،محطة مهمة على طريق إزالة آثار المأساة الإنسانية والكارثة البيئية التي خلفها العدوان،لو وجدت القرارات التي اتخذها المؤتمر طريقها إلى حيز التنفيذ. فالشكوك الفلسطينيةفي هذا المجال أكبر من أن توصف استناداً إلى قرارات سابقة اتخذتها مؤتمرات مماثلة وظلتحبراً على ورق بسبب العراقيل والاشتراطات الصهيونية واستمرار الحصار المفروض على القطاع.ويدرك الجميع أن طرفي الصراع المباشرين خلال العدوان الأخير (حماس والكيان الصهيوني)كانا هما الغائب الحاضر عن هذا المؤتمر، حيث يستطيع أي منهما أن يشهر الفيتو في أيةلحظة، على الرغم من أن الجانب الفلسطيني سبق وأن تمكن من لملمة أوراقه وترتيب أولوياته،داخلياً وخارجياً، عبر خطة مفصلة وضعتها حكومة الوفاق الوطني، التي تمكنت في اللحظةالأخيرة قبل انعقاد المؤتمر من عقد أولى جلساتها في غزة، للتأكيد على وحدة الموقف الفلسطينيوجاهزيتها لتحمل مسؤوليتها في إدارة القطاع، تلبية لشروط انعقاد المؤتمر ذاته. لكنتبقى المشكلة في الجانب الصهيوني الذي لا يزال يماطل ويضع العراقيل والشروط التي تجعلمنه مشرفاً فعلياً على إعادة الإعمار، الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون جملة وتفصيلاً.

وعلى الرغم من التطمينات التي أطلقها أمين عام الأمم المتحدةبان كي مون بالإعلان عن بدء العملية والشروع بإدخال مواد البناء، فان هناك الف سببلاستمرار الشكوك الفلسطينية في جدية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ما لم يقترن ذلكبرفع الحصار المفروض على القطاع نهائياً، وهذا ليس شرطاً تعجيزياً، خصوصاً بعدما وافقالجانب “الإسرائيلي” عليه مبدئياً خلال مفاوضات وقف إطلاق النار التي رعتهاالقاهرة، والتي لا تزال تنتظر التوصل لاتفاق حول القضايا العالقة، وفي مقدمتها قضيتاالميناء والمطار في غزة، قبل الحديث عن أي تهدئة طويلة الأمد. وهنا يظهر السؤال ماذالو فشلت مفاوضات القاهرة التكميلية في التوصل الى اتفاق، هل ستعود الأمور إلى المربعالأول، وماذا عن مصير إعادة الإعمار؟

ثمة ملاحظة أخرى تتعلق بالضغوط الجارية لإعادة إطلاق مفاوضاتالتسوية، وهي مسألة بات يخشى أن يجد فيها الكيان الصهيوني ذريعة للإبقاء على الحصاروإفشال قرارات الدول المانحة. إذ ينبغي عدم الربط بين إزالة آثار جرائم الحرب الصهيونية،وهو أمر لا يحتمل الانتظار، وبين إعادة إحياء مفاوضات عقيمة جرى اختبارها على مدى أكثرمن 20 عاماً من دون الوصول إلى أي نتيجة.

ربما ينتظر الفلسطينيون وقفة أكثر جدية من المجتمع الدوليتسمح بالشروع فعلياً في إعادة الإعمار، وممارسة الضغوط على الكيان الصهيوني لتقديمضمانات حقيقية بعدم تكرار هذا العدوان، وبالتالي إضفاء نوع من المصداقية على قراراتالدول المانحة وموقف المجتمع الدولي.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات