السبت 10/مايو/2025

رسالة من القدس

رسالة من القدس

العائلات المقدسية القابضة على جمر الرباط في القدس،تعاني أشد المعاناة من وحشية الاحتلال الصهيوني، الذي بدأ يصعّد من إجراءاتهالتهويدية على جميع المحاور ومن مختلف الوجوه، وقد جاءتني رسالة من إحدى هذهالعائلات تفيض بالألم المبرح الذي لا تطيقه الجبال، حيث يتعرضون لمخطط تهويدي شرس،ومؤامرة خبيثة تجمع بين الحقد والمكر من جهة والاستثمار الذكي في الوضع العربيالبائس، الذي يشكل فرصة أمام المشروع الصهيوني الديني الذي يستهدف المسجد الأقصىوفقاً لتعاليم تلمودية عقدية ترى أن إقامة الهيكل المزعوم يجب أن يكون في هذاالمكان المقدس.

حيث تقول الرسالة، أنه يجري تنفيذ مخطط متصاعد للاستيلاءعلى بيوتنا وأرضنا في القدس القديمة، عن طريق فرض ضرائب باهظة علينا، لا نستطيعسدادها، ويفتعلون لنا قضايا مفبركة ومخالفات مزعومة، ويتم جرجرتنا إلى المحاكم «الاسرائيلية«التي يرأسها قضاة متدينون متعصبون، لديهم الأحكام المسبقة القائمة على العدوانوالتعسف في استخدام النصوص القانونية المفصلة لهذا الغرض خصيصا، ويعاملون العائلاتبمنتهى العنف والقسوة، وعندما يتم رفض الطلب من العائلات الفلسطينية التنازل عنأملاكهم للدولة اليهودية، تنهال الشرطة عليهم بالضرب والصفع والركل أثناءالمحاكمة، وتقول الرسالة أن هناك طبيبة مقدسية مجاورة للأقصى، تتعرض للطلبوالاعتقال بشكل متكرر، ويتم ممارسة الضغوط الشديدة عليها من أجل التنازل عنأملاكها للدولة اليهودية، وتتعرض للضرب والصفع حتى تصل إلى درجة الإغماء ويتمنقلها من قاعة المحكمة إلى المستشفى، ويجري ذلك تحت تعتيم صحفي وإعلامي خطير.

هذا كله مصحوب بحصار الشرطة للمسجد على مدار الساعة،ويعملون بشكل ممنهج على منع دخول المصلين المسلمين إلى المسجد، بما فيهم النساءوالأطفال وكبار السن، ولا يقتصر ذلك على الشباب، ويعمدون إلى إدخال مجموعات مناليهود المتدينين إلى ساحات المسجد تحت حراسة الشرطة ورجال الأمن ليمارسوا شعائرهمالدينية في المسجد، ويقدمون إلى ضرب المصلين بالهراوات ويستعملون القنابل الدخانيةوالأسلحة المطاطية، واعتقال الناس بشكل جماعي، كما عمدوا إلى تجريد المحجبات منحجابهم، وجرهن على الأرض بطريقة مهينة، في سياق السير الحثيث نحو التقسيم الزمانيبين اليهود والمسلمين للمسجد.

تقول الرسالة نحن نعيش حياة أقسى من الموت، تحت وطاةالإذلال الصهيوني غير المسبوق، ولذلك نحن نتوجه بالنداء إلى الأردن بوصفهاالمسؤولة عن حماية الأقصى والمقدسات، ونناشد كل الدول العربية والإسلامية، وكلالشعوب والقوى السياسية، أن يلتفتوا إلى مجزرة التهويد التي تجري بحق الأقصىوالقدس وكل المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس العربية، ونناشد كل المسلمين فيالعالم أن يلتفتوا إلى أقصاهم الذي باركه الله من فوق سبع سماوات، وأن يغيثواحرائر الأقصى اللواتي يستصرخن صباحاً ومساءً: وامعتصماه…، نحن سئمنا الخلاف،وسئمنا الشعارات، وسئمنا السفسطة السياسية التي لم تثمر إلّا مزيداً من الضعفللمسلمين، ومزيداً من القوة للعدو الصهيوني الواحد لكل العرب ولكل المسلمين… (انتهتالرسالة)

شارون الذي دنّس أرض حرم الأقصى قبل سنوات عديدة وكانسبباً في تفجير الانتفاضة الثانية، أجاب على سؤال صحفي حينها حول المقصد من ذهابهإلى المسجد الأقصى، بقوله: «أنا لم أذهب إلى المسجد الأقصى بل ذهبت إلى جبلالهيكل» مما يتبين بوضوح لا لبس فيه أن ما فعله شارون والذي أصبح فيما بعد رئيساًلحكومة الاحتلال، يعبر عن مسار سياسي، للكيان الصهيوني، وأنهم ينفذون رغبة دينيةوسياسية عند المتدينين وغير المتدينين.

إن الكيان الصهيوني عمد إلى تصعيد خطوات لتهويد بحقالقدس والأقصى في ظل تقديره للموقف العربي، من حيث اشتداد وتيرة العنف وحدةالانقسام أولاً، ومن حيث الانشغال في حروب داخلية تستنزف كل قواهم السياسيةوالعسكرية، مما يجعلهم غير قادرين على اتخاذ أي خطوة فاعلة ومؤثرة تجاه العدوان(الاسرائيلي) على القدس المحتلة وتجاه الأقصى الشريف.

المطلوب من العرب جميعاً أنظمة وشعوباً، والمطلوب منجميع القوى السياسية، الإسلامية وغير الإسلامية، المتطرفين وغير المتطرفين،الداعشين والمدعوشين، أن يعلنوا هدنة داخلية مؤقتة للتوقف عن القتال فوراً،والوقوف أمام الزحف التهويدي الصهيوني، وتأجيل الخلاف السياسي والديني والمذهبيوالإثني، فهل يمكن أن يفعلها العرب، ويشكلوا سابقة في هذا الزمن البائس؟

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات